رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

4 بنات يقدمن برنامجًا جديدًا يروي حكايات قرى الصعيد

جريدة الدستور

دائمًا ما يخرج من الصعيد كل ما هو جديد في مختلف المجالات المتنوعة والمتعددة، فهنا في محافظة قنا جنوبي مصر، 4 فتيات قررن اقتحام مجال جديد من نوعه، في قرى مغلقة ذات عادات اجتماعية وموروثات قديمة، قرى متحفظة للغاية، وذلك لإلقاء الضوء على الموروث الثقافي والحضارة القديمة في تلك القرى، إلى جانب الأكلات القديمة التى تتميز بها كل قرية عن الأخرى وسبب تسميتها بذلك الاسم والطابع الاجتماعي بداخلها، وذلك من خلال برنامج جديد من نوعه.

الفتيات قررن تصوير برنامج يعد الأول من نوعه في محافظات الصعيد، وذلك من أجل توثيق وإلقاء الضوء على القرى المختلفة في أنحاء مدن ومراكز محافظة قنا، بشكل بدائي ومبسط وبمعدات لا تذكر، ويقمن بنشره على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك ويوتيوب".

فكرة البرنامج الذي تنتجه إحدى مؤسسات الخدمات الإعلامية من خلال إصدارها النجعاوية بمركز نجع حمادي في قنا، وهي شركة ذات مسئولية محدودة تعمل في مجال تطوير الإعلام والصحافة الإقليمية في المحافظات المصرية، لاقت إعجاب العديد من المواطنين في قنا، بمختلف فئاتهم وأعمارهم المختلفة، ووصلت مشاهدات الحلقات التى تبثها الفتيات إلى 100 ألف مشاهدة للحلقة الواحدة.

مريم الرميحي، البالغة من العمر 26 عامًا، خريجة علم النفس، وسارة جاد شرقاوي، 23 عامًا، خريجة آداب إعلام، وهيام بيومي، 23 عامًا، خريجة آداب إعلام، وشيماء هريدي، 21 عامًا، طالبة بكلية التربية، هن فريق عمل برنامج رحلات الـ4 بنات في وصف البلاد والعباد.

الـ4 بنات حاولن تمكين المرأة، وذلك من خلال فكرة البرنامج، التى أقحموها في قرى الصعيد المتحفظة للغاية، خاصةً أنهن فتيات، وقاموا بتسليط الضوء على الموروثات الثقافية والحضارية القديمة في القرى المختلفة بمحافظة قنا.

فتيات البرنامج الأول من نوعه في الصعيد، بنيت فكرتهن على محاولة تثقيف الأجيال الجديدة بشكل مبسط، بعيدًا عن المصطلحات الكبرى، والكتب التى قد يدفع فيها الشباب مبالغ طائلة، وقررن تعريف أهالى القرى إلى جانب الأجيال الجديدة بحضارة بلدانهم وقراهم، وإبراز الظواهر التاريخية والاجتماعية، وذلك من خلال فيديوهات يبثونها شهريًا لا تتخطى مدتها الـ5 دقائق.

يستقل الفتيات وسائل المواصلات البدائية للوصول إلى القرى البعيدة بمحافظة قنا، كعربات الحنطور والتوك توك ومختلف وسائل المواصلات العادية، لتصوير البرنامج في قرى ونجوع مدن ومراكز المحافظة من خلال هاتف محمول لا تتعدى قيمته الـ1000 جنيه.

وينفق الفتيات ما يقرب من 100 جنيه، لتصوير الحلقة الواحدة من برنامج رحلات الـ4 بنات في وصف البلاد والعباد، حيث أن تلك التكلفة البسيطة لتصوير البرنامج هي تكلفة تنقلات الفتيات، حيث يستقلن التكاتك وعربات الكارو وعربات الحنطور للوصول إلى القرى، التى لم يصل إليها المسؤولين والتنفيذيين، ولم تصلها وسائل الإعلام من قبل.

وذكرت مريم الرميحي، صاحبة فكرة البرنامج، أن فكرة تصوير البرنامج جاءت إليها، بعدما استهوتها فكرة اكتشاف المعلومات الجديدة والمشوقة عن الأماكن التى تنتمي لها، والتى لا تعرفها مثلها مثل آخرون في القرى والنجوع الصغيرة، التى تمتلك تاريخًا طويلًا وقصص وحكايات مشوقة مع التاريخ قائلةً: "يا سلام لو المشاهد يحس أنه موجود في المكان نفسه ويعيش الرحلة دي مش بس يسمع عنها من وسائل الإعلام المختلفة".

وتابعت "الرميحي" في حديثها لـ"الدستور" أنها قررت تصوير برنامج تقوم فيه برحلة هي وزميلاتها وتستخدم فيه المعدات المتاحة وهي كاميرا الفون سيلفي، وذلك من أجل أن تشعر المواطنين أن تلك رحلة شيقة يستمتعون خلالها بمعرفة ومشاهدة المعلومات التاريخية عن قراهم وموطنهم.

وتضيف صاحبة فكرة البرنامج أن الفكرة كانت تبدو في البداية وحتى الآن مغايرة للمجتمع الصعيدي شديد التحفظ، حيث إنها الأولى من نوعها برنامج رحلات في القرى تقدمه الفتيات، حتى أصبح نوعًا من سبل تمكين النساء في مجتمعنا الصعيدي.

وأفادت بأن ردود أفعال المواطنين في البداية كانت مختلفة ومتباينة، قائلةً: "أول قرية كانت بهجورة التاريخية ردود أفعال الناس كانت متباينة ما بين منتقد كوننا بنات وبننزل القرى وما بين مشجع وداعم للفكرة وبينصحنا، كنا بنعرض البرنامج وإحنا متوقعين تكون فى آراء رفضاه لطبيعة مجتمعنا برغم من إن التفاعل عدا 56 ألف مشاهدة دا غير الشير بالمئات والكومنتات والتفاعل كان مبهر، بعدها كانت حلقة العركي، واخيرًا سمهود وفي كل مرة التفاعل بيزيد وتشجيع الناس بيكون أكبر والانتقاد بيقلب نصائح وترحاب ودعوة أننا نروح نصور في قراهم كمان".

وأوضحت في سياق حديثها، قائلةً: "مكنتش زعلانة من ردود أفعال الناس فى أول الحلقة رغم الجدل الكبير لأن الأهداف المرجوة من البرنامج حصلت بالنسبة لنا وهي إننا نحيي ونوثق تاريخنا إحنا فى كل قرية ونجع جوا أجيالنا علشان ما ننساش وإننا أثبتنا أن الفتيات والصعيديات جديرات بالمنافسة الميدانية، وحتى لو كان فى انتقادات".

وتذكر سارة جاد شرقاوي أن أبرز المواقف الطريفة التي تعرضن لها خلال تصوير البرنامج، كانت طفلًا صغيرًا في إحدى القرى، وأثناء التصوير كان يتم ذكر اسم أحد العمد في القرية، وحينما يتم ذكر الاسم يقوم الطفل بالمناداة: قائلًا: "جدي"، حيث أن العمدة الذي كان يتحدث عليه الفتيات هو جد الطفل الصغير.

فيما أوضحت هيام بيومي أنهن حاولن الخروج عن عباءة التقاليد القديمة في المجتمعات الصعيدية المتحفظة، وكسرن ذلك الحاجز من خلال تصوير رحلة حقيقية في القرى، باستخدام معدات بدائية كموبايل، إلى جانب عدم وجود أموال أو تمويلات مالية.

فيما تطمح الأربع بنات في إيجاد ممول يرعى البرنامج وشراء معدات للتصوير والمونتاج.