رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما بعد كوبر.. مَنْ يصلح لقيادة المنتخب؟

جريدة الدستور

بعد الاستقرار على رحيل الأرجنتينى هيكتور كوبر، المدير الفنى للمنتخب الوطنى الأول لكرة القدم، بعد النتائج المخيبة فى مونديال روسيا، بات الحديث عن خليفته هو الشغل الشاغل للشارع الرياضى المصرى.

ولأن الوقت المتاح أمام منتخب «الفراعنة» سيكون محدودًا، نظرًا لخوضه منافسات تصفيات بطولة أمم إفريقيا، خلال الفترة القليلة المقبلة، فإن «المدرسة المحلية» ستكون الخيار الأنسب للمرحلة، فى ظل أن المدرب الأجنبى يحتاج وقتًا ليس بالقليل لتطبيق استراتيجيته.

حسام البدرى.. شخصيته تهزم الضغوط.. خبير فى التعامل مع النجوم.. ويحظى بثقة أبوريدة
قبل ٣ أشهر كنت داخل مقر اتحاد الكرة مع حازم إمام، عضو المجلس، لإجراء حوار، سألته: «هل حسام البدرى المدير الفنى القادم لمنتخب مصر؟»، رد بدبلوماسية: «الحديث مبكر، نحن ندعم كوبر الآن».

سألته بصيغة أخرى: «هل يمتلك البدرى مقومات قيادة منتخب مصر؟»، فرد بملامح تبدو عليه الإيمان والثقة الكبيرة فى مدرب الأهلى: «نعم البدرى يستطيع قيادة المنتخب، ويمتلك كل مقومات النجاح، قوة شخصيته وأرقامه القياسية وأسلوبه الخططى والتكتيكى وسيطرته على كل كبيرة وصغيرة.. هو بالفعل قادر على قيادة منتخب مصر».
ثم تابع كلماته بطريقة تكشف عن حقيقة ما يخفيه عن «البدرى»: «تعرف أفضل ما يميز حسام البدرى، أنه يعمل عكس التيار، مدرب ناجح جدًا رغم الضغوط الكبيرة التى تمارس عليه، يواجه خصومة كبيرة مع الجماهير التى تعارضه، لا يخشى النجوم، ولا يتأثر بالانتقادات الإعلامية، هؤلاء الذين يستطيعون العمل عكس التيار قليلون للغاية، ويعرفون طريق النجاح».
كان إصرارى على معرفة ما يخفيه حازم إمام مبنيًا على معلومة من مصدر داخل اتحاد الكرة، تؤكد أن رئيس الاتحاد هانى أبوريدة، ومجدى عبدالغنى وحازم إمام عضوى المجلس، يؤمنون تمامًا بأن «البدرى» هو رجل المرحلة المقبلة، وأنه أنسب خليفة لـ«كوبر».

وتأكد ذلك خلال الساعات الأخيرة أيضًا، فبحسب المصادر ذاتها، تلقى «البدرى» اتصالًا من مجدى عبدالغنى قال فيه إنه الأقرب لقيادة المنتخب إذا استقر «الجبلاية» على المدرب الوطنى.

وبالفعل يمتلك «البدرى» مجموعة من المزايا تجعله الرجل الأنسب للمرحلة، لخصها «الثعلب» فى عبارة «عمله عكس التيار»، فأى مدرب وطنى سيقود المرحلة المقبلة سيصطدم بضغوط جماهيرية وإعلامية كبيرة تحتاج شخصية قوية قادرة على الصمود والعمل والتخطيط فى صمت، وبعيدًا عن الإعلام، وهى أهم سمة فى «البدرى»، الذى يفضل نفسه عن كل ما يحيطه.

إلى جانب ذلك، يمتلك «البدرى» خبرة التعامل مع النجوم الكبار، ويتسم بقوة الشخصية التى تفرض الالتزام والسيطرة، كما أنه لا يقبل التدخل فى عمله واختياراته سواء من مسئولين أو حتى مساعدين، مثلما كان أسامة نبيه عاملًا سلبيًا لـ«كوبر».

حسن شحاتة.. معالج نفسى أكثر من مدرب.. غير مبتكر.. والجيل الحالى غير «الذهبى»
يأتى حسن شحاتة، المدير الفنى لجيل «الفراعنة» الذهبى، كثانى أبرز الأسماء المحلية المرشحة لقيادة الفريق الوطنى، ويتسلح فى ذلك بتاريخه الكبير والقدرة على تولى القيادة فى أوقات الطوارئ وبعد الأزمات.
حسن شحاتة بدأ مهمته التاريخية مع المنتخب الوطنى بعد فشل لمدرب سابق هو ماركو تارديللى، الذى صحب رحيله ثورة جماهيرية غاضبة، مثل تلك التى يعيشها الشارع الرياضى ضد الأرجنتينى هيكتور كوبر.

فى ظروف مشابهة تمامًا يبرز اسم «شحاتة» الذى يتميز بالقدرة على التعامل النفسى مع اللاعبين، وينتهج فلسفة «الأب» و«كبير العائلة» أكثر من المدير الفنى، لذا كان خلق حالة نفسية ومعنوية داخل المعسكر الوطنى هو السر الحقيقى فى النجاحات المتتالية، وربما يكون تكراره واردًا، لكن عقبات كثيرة تقف أمامه هذه المرة.

أبرز العقبات التى تقف أمام «شحاتة»، أن حجم المواهب والإمكانيات البشرية المتاحة حاليًا أقل كثيرًا مما كان عليه فى ولايته الأولى، فمنتخبه تكون من ٣ أجيال.

أول هذه العناصر كان بقايا جيل ٩٨ الحاصل على لقب أمم إفريقيا: «أحمد حسن، وحسام حسن، وعبدالظاهر السقا، وعصام الحضرى»، ثم منتخب الشباب الذى حصد الميدالية البرونزية فى مونديال ٢٠١٠: «محمد شوقى، وحسام غالى، وأحمد حسام ميدو، ومحمد زيدان»، ثم منتخب الشباب الذى قاده فى مونديال ٢٠٠٣: «عماد متعب، وحسنى عبدربه، وأحمد فتحى، ومحمد عبدالوهاب، وعمرو زكى».
هل حسن شحاتة لا يستطيع العمل سوى فى حضور النجوم؟
التجربة تقول إن «شحاتة» نجح بتركيبة مجنونة من ٣ أجيال عملاقة، ولما تساقطت هذه الأعمدة سقط المدير الفنى، وفشل فى الوصول إلى بطولة أمم إفريقيا ٢٠١٢ فى مجموعة غاية السهولة.

«شحاتة» مدرب غير مبتكر، رجل نمطى بالأساس، عندما غيرت الأندية المصرية طريقة اللعب بعد ٢٠١٠ إلى «٤٤٢» ومشتقاتها وتخلت عن «الليبرو»، عانى كثيرًا ولم يعرف كيف يلعب، فى ظروف مثل التى نعيشها اليوم، ومع وجود أجيال فاشلة على مستوى الفريق الأول، ومنتخبات الناشئين، فإن «شحاتة» لا يمتلك نوعية اللاعبين التى ساعدته على النجاح فى الماضى، وتجعل فرص تكرار ما حدث ضئيلة للغاية، خاصة أننا فى حاجة لمن يبنى جيلًا جديدًا مع الحفاظ على أبرز العناصر فيه، مثل صلاح، وتريزيجيه، ووردة، ورمضان صبحى، وكهربا.

حسام حسن.. الحماسة وحدها لا تكفى.. وعداء جماهير القطبين عقبة كبيرة
حسام حسن، المدير الفنى لنادى المصرى البورسعيدى، هو ثالث الأسماء المرشحة لتولى القيادة الفنية لـ«الفراعنة»، ويرى مهاجم مصر الأول أنه الأحق بهذه المكانة منذ فترة طويلة، لما له من تاريخ كبير كلاعب ثم مدرب.
«حسام» لديه قدرات كبيرة على شحن لاعبيه ورفع معدلات العطاء البدنى، وكانت وما زالت «الحماسة» أهم أسلحته التى عاش ويحيا بها إلى الآن.
مع أندية الوسط ينجح ببراعة، لكن فى القمة مع الزمالك لم يكن موفقًا، لأن الحال يتغير عندما تلعب تحت ضغوط أكبر، وتكون النتائج المرجوة منك أعلى من تلك المطلوبة فى مستويات أدنى.
لذا خسر «العميد» بطولة الدورى ٢٠١١ لصالح الأهلى، رغم أن الفارق بينهما تخطى الـ١٠ نقاط لصالحه مع نهاية الدور الأول، وكانت المسابقة مقصورة على ١٣ جولة فقط فى دورى الـ١٤ فريقًا.
وفشل الزمالك تحت قيادة «العميد» فى الحفاظ على هذا الفارق الكبير خلال دور واحد، لأنه لم يتحمل صحوة الأهلى مع مانويل جوزيه آنذاك والذى مارس ضغوطًا كبيرة على «حسن».
المهاجم التاريخى يتسلح بتاريخه كلاعب أكثر منه كمدرب، لكنه اختيار لا يلقى الرضا الجماهيرى بسبب العداوة الكبيرة التى تجمعه بجمهورى الأهلى والزمالك، فكما كانت حماسته هى سلاحه فى تحقيق نجاحات كبيرة فى الملاعب، تسببت أيضًا فى دخوله معارك كثيرة كان آخرها رفع تى شيرت أحمر فى وجه جمهور الزمالك، كما أن علاقته بجمهور القلعة الحمراء متوترة منذ فترات طويلة، وهذا ما قد يكون إحدى العقبات، التى تعوق توليه للقيادة الفنى.
ولأن كل شىء يتبدل فى يوم وليلة، فإن فكرة العداوة الجماهيرية قد تختفى مع أول فوز لـ«حسام حسن»، فهو وشقيقه «إبراهيم» من تلك النوعية التى تمتلك قدرات خاصة فى تحويل قلوب الجماهير من أقصى اليمين إلى اليسار.
فمهما اختلفت معهما، مع عملهما الدءوب وحماستهما الشديدة لما ينحازا إليه، ستجد نفسك متعاطفًا مع ما يقدمانه، وهو ما يجعل فكرة دعمهما فى حال توليهما القيادة ليست مستبعدة.