رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة ترامب- كيم.. هل تتخلى بيونج يانج عن سلاحها النووي؟

ترامب- كيم
ترامب- كيم

لقاء يوصف بالاستثنائي، من المتوقع أن تتخلى فيه كوريا الشمالية التي هددت ببرامجها النووية أعتى الترسانات الحربية في العالم، ممتمثلة في واشنطن، عن أخطر أسلحتها التي صدمت بها في وجه العالم خلال الأعوام الماضية، وهو ترسانتها النووية.

وجاء خطاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأخير الذي حدد فيه إمكانية عقد القمة من عدمها والتي مقترض أن تعقد اليوم الثلاثاء بسنغافورة، باشتراطه قبول بيونج يانج لتفكيك سلاحًها النووي،وهو ما تسبب في حالة من الترقب والمتابعة لما قد ينتج عن القمة، وسط تساؤولات عن مدى قبول كوريا الشمالية للتخلى عن أسلحتها.

ولكوريا الشمالية باعًا طويلًا في محاولة إدخال وزراعة الأسلحة النووية، لأراضيها بغرض اللحاق بركاب الدول التي تعتبر نفسها، مصدر تهديد لمجرد إمتلاكها أسلحة في هذا المجال، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول مناوشتها بالتلميح محاولة الهجوم عليها، إلا أن كوريا الشمالية تتميز بقدرتها على الحفاظ على سرية أنشطتها العسكرية.

تعود تطلعات كوريا الشمالية إلى ثمانينيات القرن العشرين، بدأتها بتشغيل منشآت لتصنيع وتحويل اليورانيوم، وبإجراء اختبارات تفجير شديدة، مرتكزًا على الاستخدامات العملية للطاقة النووية، وإتمام نظام تطوير السلاح النووي.

ورغم ذلك فقد وافقت الحكومة الكورية الشمالية على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية عام 1985، إلا أنها لم تصادق على اتفاق الضمانات المطلوب في المعاهدة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى عام 1992.

وفي بداية 1993، أقرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بوجود أدلة قاطعة على نقض كوريا الشمالية للمعاهدة التي صادقت عليها، وذلك بعد أن قامت بعملية التفتيش الأولى في مايو 1992، أسفر عنها الكشف عن متناقضات توحى بقيام كوريا الشمالية بإعادة معالجة المزيد من البلوتونيوم في حد يتجاوز ما أُعلن عنه.

وحين طلبت الوكالة السماح بالوصول إلى موقعين للنفايات النووية في "يونغبيون" رفضت كوريا الشمالية طلبها، وترتب عليه إعلان كوريا الشمالية يوم 12 مارس عام 1993 عن عزمها الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.

وعادت كوريا الشمالية في 1994 لتتعهد بتجميد برامجها الخاصة بمعالجة البلوتونيوم، وتفكيك جميع برامجها للأسلحة النووية، بموجب الإطار المتفق عليه مع الولايات المتحدة مقابل تطبيع العلاقات الدبلوماسية والحصول على عدة أنواع من المساعدات بما فيها الموارد اللازمة لإمدادات الطاقة البديلة.

لم يستمر هذا الهدوء النسبي بين الطرفين طويلًا، ففي 2002 أعلنت الولايات المتحدة عن شكوكها في عودة محاولات كوريا الشمالية بالعمل على تقنيات لإعادة معالجة البلوتونيوم، وعلى تقنية تمكنها من تخصيب اليورانيوم، ما يعد تحديًا للإطار المتفق عليه مع الولايات المتحدة، وعليه أكدت كوريا الشمالية لاحقًا عدم امتلاكها لأسلحة نووية حتى ذلك الحين، إلا أنها قالت بأن لديها الحق في امتلاكها، بالرغم من إطار العمل المنصوص عليه في الاتفاق.

وفي خطوات فعلية منها، اتخذت كوريا الشمالية في بدايات عام 2003 إجراءاتها في طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالتزامن مع إعادة استخدامها معالجة البلوتونيوم لأغراض عسكرية، وفي أواخر العام أدعت استعدادها لتجميد برنامجها النووي مقابل الحصول على تنازلات أمريكية إضافية، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، فانسحبت كوريا الشمالية من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عام 2003.

ومنذ عام 2006 توالت إعلانات كوريا الشمالية عن انفجارات نووية متتالية، ففي أكتوبر عام 2006 تم الإعلان عن أول ثلاثة انفجارات نووية تحت الأرض في موقع "بونغي-ري" لإجراء التجارب النووية، وأكد مسؤولون من الاستخبارات الأمريكية وقوع الاختبار بعد تحليل حطام من عينات نشطة إشعاعيًا منتشرة في الهواء كانت قد جُمِعت بعد مضي عدة أيام على تأكيد وقوع الانفجار نتيجة الاختبار، وأدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاختبار وأصدر القرار رقم 1874.

وعادت كوريا الشمالية في فبراير2007 للموافقة على إغلاق مفاعلها النووي الرئيسي عقب عملية نزع التسليح في إطار المحادثات السداسية، وهي التي تمت بين كل من الصين وكوريا الشمالية والجنوبية والولايات المتحدة وروسيا واليابان، وذلك بعد انسحاب كوريا الشمالية من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية عام 2003، بهدف الوصول لحل سلمي لدحض المخاوف الأمنية النابعة من البرنامج النووي لكوريا الشمالية، وتم عقدها 6 مرات خاصة بعد التجربة النووية لكوريا الشمالية في 9 أكتوبر 2006.

وفي 8 أكتوبر 2008، حظرت كوريا الشمالية مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إجراء عمليات تفتيش إضافية على هذا الموقع، منتقلة إلى يوم 25 إبريل 2009 التي أعلنت فيه عن إعادة تشغيل منشآتها النووية في البلاد وإعادة معالجة الوقود النووي المستهلك للبلوتونيوم المستخدم في صناعة الأسلحة، حيث أجرت اختبارها النووي الثاني تحت الأرض، وكان هذا الاختبار أقوى من الاختبار الذي سبقه.

وفي 12 فبراير 2013، رصد مراقبون في آسيا نشاطًا زلزاليًا غير اعتيادي صادر عن منشأة بكوريا الشمالية، أوضحت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية أن البلاد فجرت جهازًا نوويًا مصغّرًا ذو "قوة تفجيرية أكبر" في اختبارٍ أجري تحت الأرض.

وفي مايو 2015 أعلنت العاصمة الكورية الشمالية "بيونغيانغ" أنها اختبرت إطلاق صاروخ من غواصة، ما يجعل أمر اكتشافه أكثر صعوبة من الأجهزة التقليدية، ووقتها صرحت وسائل الإعلام الكورية بأن كوريا الشمالية أجرت بنجاح أول تجربة لقنبلة هيدروجينية بإمكانياتها الذاتية وتقنياتها المحلية فقط، مؤكدة أن الرئيس كيم جونغ أون، رئيس كوريا الشمالية، شهده بنفسه الاختبار النووي، أعقبه بيان صادر عن حكومة كوريا الشمالية أن هذه التجربة ناجحة وليس لها تأثير سلبي على البيئة.

وفي 6 يناير 2016، أعلنت كوريا الشمالية إجرائها اختبارًا نوويًّا آخر تحت الأرض، ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" هذا الاختبار بأنه "نجاح كامل"، أما صحيفة "الجارديان" وصفته بأنه "عمل من أعمال الدفاع الذاتي ضد الولايات المتحدة".

وبدأت المناوشات بين أمريكا وكوريا الشمالية تعود إلى حدتها منذ يوليو 2017، حين هددت كوريا الشمالية بإطلاق تحذيرات لصواريخ إلى مواقع قريبة من جزيرة "جوام" الأمريكية في المحيط الهادئ، وبالفعل أطلقت صاروخًا في نهايات أغسطس 2017 متوسط المدى سقط في المحيط الهادئ، وحينها توعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كوريا الشمالية بالعواقب السيئة إذا استمرت في تهديداتها للولايات المتحدة وحلفائها.

وفي سبتمبر 2017، خرج وزير الخارجية الياباني، ليؤكد إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية سادسة بعد ما سجلت وكالات رصد الزلازل انفجارًا بالقرب من موقعها للاختبارات النووية.

وأكد المعهد الجيولوجي الأمريكي أن هذه التجربة أقوى مما سبقها، وهو الأمر الذي جعل كوريا الشمالية أحد الممثلين للخطر على الولايات المتحدة، ولذا تعمد الآن من خلال القمة التي ستعقدها معها في 12 يونيو إلى محاولة الوصول إلى حلول جذرية معها لتجميد نشاطها النووي من جديد.