رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أوراق الخرباوى».. قابلت الإخوان وجهًا لوجه فى كلية الحقوق

ثروت الخرباوي
ثروت الخرباوي

التزمت الصمت وأكمل يوسف: جدتى تستعين دائمًا باسم من أسماء الله الحسنى هو «العزيز» وتظل تقول يا عزيز يا عزيز يا عزيز ألف مرة فيظهر لها المَلك، ضحكتُ فى نفسى وأنا أتذكر الأغنية التى كنا نرددها فى طفولتنا المبكرة: يا عزيز كُبة تاخد الإنجليز، ثم سألته: ولماذا العزيز؟!
قال: لأنها تطلب العزة، وأن يجعلها الله عزيزة.
قلت له بجدية: وهل جدتك اسمها عزيزة؟
قال ساخطًا: إنت بتهزر؟!
قلت: إنت اللى بتهزر، يعنى إيه يظهر لى المَلك، ما كانش حد غُلب، كنا نقول «يا غنى» أوم ييجى المَلك ويجعلنا أغنياء وبذلك نحل مشاكلنا الاقتصادية، وبعد ما نطلب من ربنا اللى إحنا عاوزينه، ليه نطلب من الملك.
قال: جدتى قالت لى إن هناك ملائكة هم خُدَّام لأسماء الله الحسنى وإن الله كلفهم أن يكونوا خداما لمن يذكر أى اسم من أسمائه ألف مرة متتابعة.
قلت: طيب إنت بتقرأ ليه كتابًا عن الأسماء وأسرارها؟
قال: لأعرف معانى الأسماء وأبدأ فى ذكر الاسم الذى يحقق أمنيتى.
قلت: وما شروط ذكر اسم من أسماء الله؟
قال: أن تصلى بعد منتصف الليل ركعتين وأنت على وضوء. قاطعته: وهل من الممكن أن أصلى ركعتين دون وضوء يا فالح.
أبدى تبرمه ثم استرسل: وتغلق باب الغرفة، ثم تجلس على الأرض وتظل تعد على السبحة الاسم الذى تريده ألف مرة، بعدها سيظهر لك الملك، ولا تخشى شيئًا، فالملك لن يظهر إلا لك وحدك.
تذكرت ما قاله الشيخ كشك فى إحدى خطبه ساخرًا من الصوفيين الذين يذكرون اسم الله مرات عديدة دون أن يطلبوا منه شيئًا، ثم قلت ليوسف: وإذا قلت يا الله يا الله، ما الذى سيحدث، قال: سيأتى الملك الموكل باسم «الله» وسيعطيك أى شىء تريده لأن جدتى قالت إن «الله» تجمع كل صفات الألوهية.
وفى ذات اليوم فعلت ما قاله يوسف، انتظرت فى حجرة نومى التى يشاركنى فيها أخى الصغير محمد، وكان ينام مبكرًا، وأمسكت سبحة تحتوى على تسع وتسعين حبة، وأخذت أقول يا الله، وعندما اقتربت من الرقم ألف انتفض قلبى خوفًا وجزعًا، وحين وصلت للرقم المطلوب لم يحدث شىء، ولم يظهر لى المَلك، أصبت بخيبة أمل، ولكننى عقدت العزم على أن أكرر الأمر كل يوم لعل الملك يأتى، وأخذت أنادى الله كل يومٍ ألف مرة باسم يختلف عن اليوم الآخر وهكذا، وعلى مدار الأيام أخذتُ أشعر بخفة فى روحى، وسعادة تكاد تجعلنى أحلق فى السماء حتى إننى عندما كنت أسير فى الطريق أجدنى أقفز عاليًا متخيلًا أننى سأطير من فرط سعادتى، وكنت أنظر للناس بشفقة لأنهم لا يشعرون بالسعادة التى كنت أشعر بها، وظل إحساسى بالطيران عند شعورى بالسعادة يلازمنى لحد الآن، ولكن اللذة التى كنت فيها فى تلك الفترة لم تعد لى إلا مرات معدودات، ولا يغيب عنكم أننى ذهبت ليوسف فى بيته أسأله لماذا لم يظهر لى الملك، فقال لى: نسيت أن أخبرك أنك يجب أن تذكر اسم الله الأعظم بعد ذكر أى اسم من أسماء الله الحسنى ألف مرة، فسألته: وما اسم الله الأعظم؟ قال: رفضت جدتى أن تخبرنى، ولكن يوسف دلنى من غير أن يشعر على طريق من طرق حب الله، وهو أن أذكر الله كثيرًا، وحينما ذكرته كثيرًا أحببته، وشعرت أنه يحبنى، خذها منى ولا تسأل بعدها أحدًا، إذا سعيت إلى حب الله، حصلت عليه.
ومر عامان عشت فيهما فى قمة السعادة الروحية ودخلت كلية حقوق عين شمس، وأثناء الإجازة بعد انتهاء العام الدراسى الأول قابلت الإخوان وجهًا لوجه.