رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حضرة «الخواجات».. الدستور تخترق «قلعة علي جمعة» في المقطم

جريدة الدستور

داخل مسجد «الأشراف» فى منطقة المقطم، التابع للطريقة «الصديقية الشاذلية»، التى يتزعمها الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، يتواجد مريدو صوفية «أجانب» بشكل دائم، يتلقون علوم «أهل المدد» على مدى الساعة. ويحصل هؤلاء «الخواجات»، داخل المسجد، على دورات فى التربية الصوفية، وعلوم التزكية، وشرح لمراجع وأمهات كتب الصوفية، بجانب سير حياة كبار أقطاب الصوفية، أمثال أبوالحسن الشاذلى، والشيخ عبدالله بن الصديق الغمارى، مؤسس المنهج «الصديقى» فى المغرب، والشيخ عبدالقادر الجيلانى، وغيرهم. «الدستور» تكشف فى السطور التالية، كيف تحول المسجد إلى قبلة يأتى إليها الأجانب من كل مكان، لتلقى علوم الصوفية، وتفاصيل ما يتلقونه فى هذه الدورات، بجانب لقاءات مع عدد منهم.

تقام داخل «مسجد الأشراف».. غربيون يأخذون العهد بداخله.. والأزهرى وقيادات «الإفتاء» أبرز الحضور
فى إطار جهوده الكبيرة لنشر طريقته الصوفية الجديدة داخل مصر وخارجها، يعتمد الدكتور على جمعة، على عدد كبير من العلماء يأتى فى مقدمتهم الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر السابق، والدكتور أسامة الأزهرى مستشار رئيس الجمهورية، والدكتور محمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء، والدكتور عمرو الوردانى مدير التدريب بالدار، بجانب الدكتور يسرى جبر، المفكر الصوفى والأستاذ بجامعة الأزهر، وهو المسئول عن إدارة مسجد «الأشراف».
وقالت مصادر صوفية، إن «القائم على إدارة المسجد والطريقة الصديقية الشاذلية فى المقطم، هو الدكتور يسرى جبر، أحد قيادات الطريقة الكبار، الذين كان لهم دور ملموس خلال الفترة الأخيرة فى نشر المنهج الصوفى الصديقى داخل مصر وخارجها».
وأضافت أن «الدكتور على جمعة اعتمد عليه بشكل كبير فى تولى مسئولية المريدين الأجانب بعد أن جذبتهم الطريقة الصديقية بما تنشره من فكر صوفى عبر علماء متمرسين بالشئون الدينية، ويملكون الكثير من الخبرات التى تجعل لهم تأثيرًا كبيرًا على المريدين والطلاب الأجانب الذين أتوا من كل أنحاء العالم للدخول فى الطريقة».
ولفتت إلى أن المريدين الأجانب الذين يأتون إلى مسجد الأشراف، طوال العام، تابعون لكل الطرق الصوفية، وأبرزها «التيجانية» و«الرفاعية» و«السمانية»، بجانب «الصديقية الشاذلية»، مضيفة أن «كثيرًا من الشباب الأجانب حصلوا على العهد الصوفى الخاص بالطريقة الصديقية الشاذلية فى المسجد».
وأشارت إلى أن المسجد يعد ساحة صوفية كبيرة، تؤدى دورًا توجيهيًا فى التحذير من خطر الفكر المتطرف، بجانب تعليم المريدين كيفية محاربة أفكار التطرف بالحجة والدليل من الكتاب والسنة.
وتابعت: «أصبح المسجد هو المدرسة الأولى لتعليم التصوف الإسلامى للأجانب، سواء المريدون القدامى أو الجدد، إضافة إلى تربية المريدين تربية إسلامية حقيقية، بعيدة عن التطرف الذى تعتنقه التيارات الأخرى».
من جهته، قال الدكتور أشرف عبده، أحد مريدى الطريقة «الصديقية الشاذلية» فى المقطم: «الطريقة تؤدى دورًا كبيرًا فى نشر الفكر الإسلامى الوسطى، من خلال الاعتماد على عدد كبير من علماء الدين الإسلامى، الذين لهم نظام خاص فى التربية الصوفية، بالإضافة إلى محاربة الفكر المتطرف».
وأضاف أن «هذا الأمر هو ما يميز المنهج الإسلامى الصوفى الذى تقدمه الطريقة الصديقية على يد شيوخها وعلمائها الكبار وفى مقدمتهم على جمعة، ويسرى جبر، بما يملكانه من أسلوب خاص فى تعليم المريد الصوفى آداب وسلوكيات التصوف الإسلامى الحقيقى، الذى يقوى الحالة الروحانية والإيمانية داخل الإنسان المسلم».
وتابع: «هؤلاء العلماء ظهر دورهم الملموس خلال الفترة الأخيرة فى نشر العلوم الصوفية، وتناول كل القضايا الدينية من خلال المنظور الصوفى، ومن خلال إعطائها صبغة إسلامية صوفية، يتقبلها جميع المسلمين سواء الصوفية أو غيرهم».
واعتبر «عبده» مسجد «الأشراف» فى المقطم قلعة صوفية كبيرة، مشيرًا إلى أن ذلك «ظهر جليًا من خلال المريدين والطلاب الأجانب الذين يأتون من كل دول العالم، خاصة «روسيا وجنوب إفريقيا وماليزيا والهند وإندونيسيا وطاجكستان والشيشان وأمريكا»، بشكل دورى طوال أيام العام.
وكشف عن أن مسجد «الأشراف» تم تأسيسه فى ٢٠١٠، وهو ينشر المنهج الصوفى «الصديقى» منذ إنشائه، ومنه خرجت قوافل الصوفية إلى جميع أنحاء العالم الإسلامى، لتعليم المنهج الصوفى الصحيح، والتصدى للأفكار المتطرفة والهدامة التى أدت إلى وقوع حرب شرسة ضد الدين الإسلامى فى الكثير من مناطق العالم، ووقتها كان المنهج الصوفى هو الشعاع الذى يضىء الطريق، أمام الأشخاص الذين يريدون أن يسلكوا المنهج الوسطى.

مريدون آسيويون: أقوى سلاح ضد «داعش».. وجدنا «أهل الله الحقيقيين» هنا.. وتعلمنا مبدأ «الحب للجميع»
قال على الشيشانى، أحد مريدى «الصديقية» الأجانب، من دولة طاجكستان، إنه عرف الطريقة «الصديقية الشاذلية» فى مسجد «الأشراف» بالمقطم، وتعلم على يد شيوخها كيف يكون الإنسان المسلم محبًا لله وللرسول ولوطنه والناس أجمعين.
ورأى «الشيشانى»، أن المنهج الصوفى «الصديقى الشاذلى» يمتاز بالعلم والأخلاق والبعد عن كل أمر يغضب الرسول صلى الله عليه وسلم.
وتابع: «عرفنا الإسلام الحقيقى فى هذا المسجد المبارك وهذه الروضة الطاهرة التى إذا دخلها المسلم شعر بروحانيات كبيرة تجذبه إلى هذا المكان الطاهر العظيم، الذى تجمع فيه المريدون من كل أنحاء العالم، للدخول إلى المنهج الدينى الحقيقى».
وأشار إلى أنه تجول فى عدد كبير من دول العالم، بحثًا عن «أهل الله الحقيقيين»، لكنه لم يجدهم إلا هنا فى مصر، وداخل روضة الطريقة «الصديقية الشاذلية» فى المقطم، ما جعله متمسكًا بالتواجد بشكل دائم فى مصر ولا يريد أن يرحل عنها.
وكشف «الشيشانى» عن أن المريدين من دول «طاجكستان والشيشان وروسيا» يأتون بشكل دورى إلى مصر، للمشاركة فى فعاليات ودروس العلم الذى تقدمها الطريقة «الصديقية» بمسجد «الأشراف»، مشيرًا إلى رغبتهم فى تعلم الفقه من علماء الطريقة.
ولفت إلى سعى المريدين الأجانب إلى أخذ العهد الصوفى من الدكتور يسرى جبر، مقدم الطريقة فى المقطم، الذى «يتسم بالكثير من الثبات والأدب مع طلاب العلم والمريدين الذين يأتون إليه للتعرف على الطريقة ومنهجها الدينى».
أما حمزة سليمانى، من دولة إندونيسيا، أحد رواد مسجد «الأشراف» فى المقطم، فاعتبر أن هناك «فتحًا عظيمًا» للطريقة «الصديقية الشاذلية» فى جميع أنحاء العالم، بانتشار أتباعها فى عدد كبير من دول العالم، خاصة دول شمال شرق آسيا.
وأوضح أن «قرى وولايات كاملة فى هذه الدول أصبحت تابعة للطريقة الصديقية الشاذلية».
مشيرًا إلى أن معظم الإندونيسيين يدينون بالولاء لشيخ الطريقة على جمعة، وهو ما اعتبره «نصرًا مؤزرًا من الله عز وجل لهذه الطريقة، صاحبة المنهج الصوفى العلمى الذى يختلف عن المناهج الصوفية الأخرى».
وقال «سليمانى»: «الشعب الإندونيسى جميعه محب للصوفية، وينظر إلى مصر على أنها مهد التصوف الإسلامى الذى يعتبر هو الفطرة الأساسية التى فطر الله الناس عليها، الأمر الذى جعل الجميع فى إندونيسيا يريدون أن يأتوا إليها لكى يتعرفوا على الطريقة الصديقية وشيوخها وعلمائها الذين صنعوا صورة جديدة للتصوف الإسلامى».
واعتبر أن مسجد «الأشراف» هو «خلوة صوفية مباركة علّمت الشباب والمريدين الأجانب حقيقة المنهج الصوفى الوسطى، ما جعلهم يتمسكون أكثر بالمنهج الصوفى لأنهم وجدوه منهجًا حقيقيًا، ينتشل المسلم العاصى من الضلال والفساد والمعاصى والذنوب التى من الممكن أن تجعله يهلك للأبد، ويقع فريسة لغرائزه وشهواته الدنيوية التى يرفضها المنهج الصوفى الحقيقى».
واختتم: «ليس فقط مريدو الصديقية الشاذلية الذين يأتون طوال العام إلى مسجد الأشراف، بل إن هناك مريدين تابعين للطريقة التيجانية والرفاعية والسمانية وغيرها من الطرق يأتون لأخذ العلوم المختلفة من علماء هذه الطرق».
بدوره، قال محمد نورى، أحد مريدى الطريقة «الصديقية» من ماليزيا، إن هناك المئات من الشباب غير المسلم أسلموا على يد شيوخ وعلماء الطريقة «الصديقية الشاذلية»، وأصبحوا الآن مريدين صوفيين، يعلمون الناس مبادئ التزكية والتصوف الحقيقى فى كل أقطار العالم.
واعتبر أن ذلك يعود بالخير على الأمة الإسلامية، لأن المنهج الصوفى معروف عنه أمام الجميع، أنه منهج حقيقى وسطى، يرفض الإرهاب والتطرف وينشر الوسطية الإسلامية، كما أن روح التصوف تجعل الجميع يدخل إليه ويتعلق به حتى غير المسلمين.
وتابع «نورى»: «فضل الله كان كبيرًا على المريدين الماليزيين، بوصول الطريقة الصديقية إلى ماليزيا ودول شرق آسيا، والتعرف عليها وأخذ العهد الصوفى من شيوخها الكبار الذين علموا الناس، كيف تكون العبادة الحقيقية لله عز وجل، خاصة فى ذلك الوقت الصعب الذى انتشرت فيه الجماعات والتيارات المتشددة مثل تنظيم داعش الإرهابى وغيره».
ورأى أن علماء الأزهر فى مصر كان لهم دور كبير فى تعلق المريدين بالمنهج الصوفى، لأن علومهم التى يقدمونها بشكل مستمر تجعل الجميع يتعلق بالصوفية وأهل الله.
وأوضح أن «هؤلاء العلماء يدرسون العلوم الدينية ويمزجونها بالجانب الصوفى، الأمر الذى يجعل هناك فتحًا كبيرًا وروحانيات عالية، تأخذ المريد إلى السموات السبع وتجعله هائمًا فى ملكوت الله، خاصة عندما يسمع من هؤلاء العلماء مبادئ التصوف الحقيقية والزهد عند كبار الصوفية».
واختتم «نورى»: «هناك حلقات ذكر وإنشاد وقراءة قرآن تتم فى مسجد الأشراف، منذ صلاة العشاء حتى الصباح الباكر، وجميع المريدين المصريين والأجانب يلتزمون بذلك، وهى أذكار تريح النفس وتطيب القلب وتجعل هناك راحة نفسية أبدية من الهموم التى يعانى منها البعض».
واعتبر طلعت مسلم، الباحث فى الشأن الصوفى، ما تفعله الطريقة «الصديقية الشاذلية» من إدخال مريدين أجانب جدد إليها، دليل على نجاحها خلال فترة قصيرة فى الوصول إلى العالمية، خاصة بعد انتشار مريديها فى دول مثل أمريكا وطاجكستان، والهند والصين وماليزيا.
وقال «مسلم»: «هذا الانتشار يؤكد بصورة كبيرة أن الطريقة الصديقية الشاذلية ستصبح خلال الفترة المقبلة قوة صوفية كبرى، خاصة أنها تعتمد على كوادر علمية كبيرة من علماء الأزهر الشريف ودار الفتوى وغير ذلك من المؤسسات الدينية».
وأضاف أن «العلماء التابعين للطريقة الصديقية الشاذلية يزدادون يومًا بعد يوم، وسبب ذلك هو الانفتاح الذى أجرته هذه الطريقة الجديدة على الأفكار والطرق والمؤسسات الإسلامية الأخرى، ما جعلها تنجح فى جذب الآلاف إليها خلال فترة قليلة، خاصة أن شيخها الدكتور على جمعة له دور ملموس فى خدمة الدين الإسلامى».