رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فودة يكتب: رمضان و"الحب" الذى كان!

محمد فودة
محمد فودة

وسط هذه الأجواء الرمضانية التى تفيض بمشاعر الدفء والروحانيات استدعيت بداخلى لحظات الحب الذى نفتقده الآن فى حياتنا بسبب كل تلك المفردات المعيشية الغريبة والعجيبة التي سيطرت على حياتنا، وكأن "الحب" قد انتحر أو أن مشاعر التواصل الإنسانى قد غادرت حياتنا للأبد وسافرت إلى بلاد بعيدة بتذكرة ذهاب بلا عودة. فماذا حدث لنا ومن الذى تسبب فى انتشار كل هذا الغل والحقد والكراهية بين النفوس، تلك الصفات السيئة لم نكن نعرفها من قبل حتى وإن كانت موجودة، إلا أنها لم تكن على هذا النحو من التوحش.

لا شيء يستحق أن نترك حياتنا هكذا فريسة الاغتيال على يد حاقد أو حاسد أو ناكر جميل. الحياة تستحق منا أن نتمسك بها، وأن نعيشها فى ظل روحانيات الشهر الكريم الذى كان من قبل يمثل مصدر سعادة للكثيرين ومبعث البهجة في النفوس. رمضان كان من قبل بمثابة نقطة فارقة فى حياتنا حيث التواد والتراحم والعلاقات الإنسانية النبيلة حينما كان يسود الدفء العائلى، وكانت اللمة التي تجمع كل أفراد الأسرة فى وقت واحد. تلك اللمة التى ضاعت وسط ركام الحياة القاسية وضاع معها أجمل شىء فى الوجود وهو الحب الصافي النقي.

وعلى الرغم من أنني منذ حوالي 4 سنوات لم أشعر بهذا الحب، ولم أتذوق طعم الحياة بالحب الذي افتقدته فى غفلة من الزمن، فإننى أشعر ومع الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك، وكأن بركانًا من المشاعر الروحانية الفياضة قد تفجر بداخلى أو أن سيلاً من المعاني النبيلة المغلفة بالحب والتسامح قد انهال على قلبى فجأة وبدون سابق إنذار. الأمر الذى دفعنى إلى الكتابة الآن عن الجانب الإنساني والبنية التحتية للمشاعر والعلاقات الإنسانية التى كانت تميز الشعب المصري عن سائر شعوب الأرض، وعن الحب الذي نفتقده بيننا الآن.

الحب في نظرى أسمى معاني الحياة.. وكيف لا يكون كذلك وقد خلقنا الله عز وجل وأنعم علينا بنعمة المشاعر وميزنا بها عن سائر خلقه، فالحب فى حقيقة الأمر هو احتياج إنسانى لا غنى عنه، بل هو فى تقديري الشخصى بمثابة الدرع الواقي من متاعب الإنسان النفسية المتمثلة في دائرة القلق والضياع والاكتئاب.

لعلها فرصة ونحن نعيش تلك الأيام العطرة المباركة، أن نبحث عن الحب بداخلنا وأن نستحضره ونستدعيه بكل ما أوتينا من قوة، فنحن وحسب الدراسات العلمية فى مقدورنا أن نجذب ما نفكر به ونستشعره بإيجابية كأنه يحدث ونتخيله ونضعه فى الفعل.

فإذا أردنا أن نجذب الحب وتوأم الروح وجب علينا التركيز على مشاعرنا وحالتنا كأننا بالفعل نستقبل هذا الحب. من خلال الأفعال والنيات والمشاعر، وأن نطلق العنان للرغبات والآمال وأن نهيئ لأنفسنا جوًا مليئًا بالحب وأن نغلف حياتنا بكل المشاعر والأحاسيس التى نحتاجها، وأن نتحرر من كل العقبات التي تحول بيننا و بين الوصول إلى ما نحتاجه من "حالة حب".

كنت أتمنى أن نعيش أيام وليالي شهر رمضان المبارك ونحن متخلصون من صفات الحقد والغل والكراهية وأن نعيش أيامًا يسودها الحب والتسامح والمشاركة المجتمعية، وأن يمد كل منا يده للآخر متعاونا ومتسامحاً فى مناخ يسوده الوئام.. فلا شيء يستدعي كل تلك الصراعات والخلافات والمشاكل التي تكون في كثير من الأوقات مجرد خلافات تافهة ولا تستحق كل هذا الانحراف النفسى الذي لم نجن من ورائه سوى المزيد من تشتت المشاعر واختفاء الحب في ظروف غامضة.