رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيناريو الأكثر رعبًا


صباح الخميس «١٠ مايو» وبعد ليلة انقطعت فيها الكهرباء عن دمشق العاصمة، توجه السوريون إلى أعمالهم واستعملوا وسائل التواصل الاجتماعى، مرددين أنهم لم يشعروا بشىء وفتح التجار محلاتهم فى مواعيدها.. العالم كله فى ذلك الصباح كان مشغولًا بما حدث الليلة السابقة فى محيط العاصمة السورية الذى استقبل صواريخ إسرائيلية قيل إنها أطلقت ردًا على ما أطلقه فيلق القدس الإيرانى.
وما بين نفى إيران وتأكيد إسرائيل يدفع الشعب السورى ثمن حرب بالوكالة تجرى على أرضه، ربما تتحول فى لحظة إلى حرب عالمية ثالثة لن يواجه فيها الجيش الروسى الجيش الأمريكى، لأن لهما حسابات أخرى ولكن سوف تحارب إسرائيل إيران، بتفويض ودعم أمريكى.
ويشير محللون إلى أن احتمال مهاجمة إيران إسرائيل مباشرة، يرجع إلى سببين رئيسيين: الأول عدم قدرة صواريخ حزب الله الموجهة على ردع تل أبيب من معاودة مهاجمة البنية التحتية العسكرية الإيرانية فى سوريا، وتستدعى خطوة كهذه ردًا إسرائيليًا مباشرًا ضد إيران، وهو سيناريو تحسب له إيران ألف حساب، والثانى إدراك إيران أن ميليشيات حزب الله قد أنهكت فى حرب ٢٠٠٦.. والآن تستنزف فى الحرب السورية، وهو عامل آخر يضع إيران أمام سيناريو صعب لخوض الحرب بمفردها والسماح للحزب على الأقل بالمشاركة فيها، ولأن إيران لا تملك سلاحًا جويًا متطورًا مقارنة بإسرائيل، وتجد صعوبة فى إرسال قوات، لربما تكون فريسة للقوات الجوية الإسرائيلية فى الطريق، فإن الحرب قد تقتصر على الضربات الصاروخية المتبادلة، وإن اقتصرت الحرب على الضربات الجوية الصاروخية، ستكون مشاركة ميليشيات حزب الله فيها مرتفعة، لكن الاستخدام المكثف للقوة الجوية الإسرائيلية سيظهر نقاط الضعف المتبادلة بين البلدين، حسب تحليل «جيروزاليم بوست».
وستجعل الحرب الجوية الموانئ الإيرانية التى تعتبر عصب التجارة والتصدير، مكشوفة للإسرائيليين، مما ينذر بوقف تصدير النفط والغاز واستيراد البضائع من الخارج. ويقول المحللون إن الحرب إن وقعت ستكون مدمرة للغاية ليس فقط لإسرائيل وإيران، بل للدول المجاورة أيضًا. فقد تهاجم إسرائيل المطارات فى لبنان وسوريا وحتى العراق لمنع تحرك القوات والمعدات العسكرية الإيرانية.
ولكن السؤال هنا: هل تستطيع إيران أن تدخل فى معركة واسعة مع إسرائيل؟ يجيب عن ذلك عساف أوريون، الجنرال المتقاعد، بأنه ليست هناك حدود برية مشتركة لإسرائيل وإيران، لكن لدى الأخيرة قوات فى سوريا.. يقول أوريون: إيران حاولت مد قواتها والموالين لها فى سوريا بصواريخ أرض أرض فى الأسابيع القليلة الماضية، لكن إسرائيل قامت بضربها هذا الأسبوع خلال محاولتهم التقدم بوسائط عسكرية إضافية بالقرب من الحدود.
ووفق المؤشر العالمى لأقوى جيوش العالم الصادر منذ أيام عن مؤسسة «جلوبال فاير باور» الذى يتضمن ترتيب جيوش ١٣٦ دولة حول العالم، وفقًا لعدة معايير تصنف إيران فى المرتبة الـ١٣ عسكريًا، فيما تصنف إسرائيل فى المرتبة الـ١٦، لكن هذا التصنيف يخضع لعوامل عدة وليس فقط عدد ونوعية المعدات العسكرية المتطورة، بل يأخذ فى الحساب عدد قوات الجيش وعدد السكان، خاصة الجاهزين لدخول الحرب والقوة العاملة فى هذا البلد ساعة الحرب. ويبلغ عدد سكان إسرائيل ثمانية ملايين وثلاثمائة ألف نسمة على مساحة ٢٠.٧ ألف كيلومتر مربع، منهم ثلاثة ملايين لائقون للخدمة العسكرية، فيما يبلغ عدد سكان إيران ٨٢ مليونًا على مساحة مليون و٦٤٨ ألف كيلومتر مربع منهم ٣٩.٥٠٠ مليون لائقون للخدمة العسكرية. أما مجموع أفراد الجيش فيبلغ فى إيران ٩٣٤ ألفًا، أما فى إسرائيل ٦١٥ ألفًا، أما عن ميزانية الدفاع لدى إسرائيل فتبلغ ٢٠ مليار دولار، فى حين تبلغ ١٠.٥ مليار دولار لإيران، أما الاحتياطات النقدية الأجنبية فتبلغ فى إيران ١٣٢.٦ مليار دولار، أما فى إسرائيل فيبلغ الاحتياطى النقدى الأجنبى ١١٣ مليار دولار، تتفوق إسرائيل فى القوة الجوية، حيث تصنف فى المرتبة الـ١٨، فى حين أن إيران فى المرتبة ٢٤، إذ تبلغ القوة الجوية الإجمالية لعدد الطائرات الإسرائيلية ٥٩٦، فى حين تبلغ الطائرات الإيرانية ٥٠٥، فضلًا عن تطور الطائرات الإسرائيلية عن الإيرانية إلى حد كبير.
وتملك إسرائيل ٢٥٢ مقاتلة و٩٥ طائرة إرسال عسكرية و٢٥٢ طائرة هجومية، مقابل ١٥٠ مقاتلة و١٩٢ طائرة إرسال عسكرية و١٥٨ هجومية لإيران.
تملك إسرائيل ١٤٧ طائرة مروحية منها ٤٨ طائرة هجومية، بينما تملك إيران ١٤٥ طائرة مروحية منها ١٢ طائرة هجومية.
من ناحية أخرى، فإن إيران تملك ٣١٩ مطارًا، بينما تملك إسرائيل ٤٧ مطارًا.
ويرى أوريون أن إيران لا تستطيع مقابلة تفوق سلاح الجو الإسرائيلى وهجماته، لافتًا إلى أن سلاح الجو الإيرانى لا يملك خبرة قتالية، فضلًا عن أن طائراته قديمة.
ويضيف: «أسلحتنا متقدمة وتكنولوجية أكثر بالطبع من إيران، وهى من ابتكار غربى وأمريكى وذاتى متقدم جدًا ودقيق، وإسرائيل استطاعت بالفعل أن تقصف أهدافًا على مختلف الأبعاد، لكن أساليب إيران مختلفة وهم أذكياء وربما يتجهون لحرب إلكترونية أو طائرات مُسيّرة.. فالمنافسة الحربية ليست فقط بالسلاح.. هى منظومة أمام منظومة.. فربما نمتلك طائرة متقدمة، لكن الطيار غير كفء، فيخرج صاروخ قديم يصيب الطائرة مثلما حدث من شهرين».
تملك إسرائيل ٢٧٦٠ دبابة وهى فى المركز الثامن عالميًا، فى حين تملك إيران ١٦٥٨ دبابة لتصبح فى المركز ١٥ عالميًا.
تملك إسرائيل ١٠٥٧٥ عربة قتالية، ما يجعلها تحتل المركز العاشر عالميًا، مقابل ٢٢١٥ لإيران التى تحتل المركز رقم ٣٧ عالميًا.
وتأتى إيران فى المركز الرابع عالميًا، طبقًا لعدد منصات إطلاق الصواريخ، بإجمالى ١٥٣٣ منصة، بينما تأتى إسرائيل فى المركز ٢٧ بإجمالى ١٤٨ منصة فقط.
كما تملك إيران رابع أكبر أسطول بحرى فى العالم، بعد كوريا الشمالية والصين والولايات المتحدة، بإجمالى ٣٩٧ قطعة بحرية، بينما تأتى إسرائيل فى المركز ٣٧ عالميًا بإجمالى ٦٥ قطعة بحرية فقط «يبلغ إجمالى طول السواحل الإيرانية ٢٤٤٠ كيلومترًا».
وتملك إيران ٣٣ غواصة حربية وخمس فرقاطات، فى حين تملك إسرائيل ٦ غواصات ولا تملك فرقاطات، بينما تتساويان فى عدد السفن التجارية بـ٧٣٩، فى حين تحل إسرائيل فى المركز ٨٩ بعدد ٤٢ سفينة تجارية، حيث تأتى أهمية هذه السفن من خلال الإمداد خلال الحروب.
ويرى محللون أن أرقام الإيرانيين فى السلاح البحرى جيدة، لكننا لسنا متمركزين على البحر نفسه.. سفنهم فى الخليج ولديهم سواحل طويلة، أما السفن الإسرائيلية فى البحر المتوسط والبحر الأحمر فى إيلات وحيفا، وهذا يعنى أن تفوقهم البحرى لن يحدث فرقًا إذا حدثت حرب أوضح للدولتين.
ويخشى العالم من أن حمام الدماء الذى بات أطول مما شهدته الحرب العالمية الأولى، يتحول إلى حرب إقليمية واسعة، وأن المخاوف قد ظهرت بعد تهديد السعودية بإرسال قوات برية وسط تقارير استخباراتية تتحدث عن أن تركيا تعد لاجتياح الأراضى السورية فى وقت تدرس فيه أوكرانيا هى الأخرى إرسال جنودها إلى هناك، إذا اشتبكت مع الروس أو الإيرانيين الذين هم على الأرض الآن، فإن حلف الشمال الأطلسى «ناتو»، ومن ضمنه بريطانيا قد ينجر إلى حرب عالمية ثالثة مروعة.