رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناهد السيد تكتب: ليس على الصائم حرج

ناهد السيد
ناهد السيد

ما لذ وطاب من محاشى النميمة، وممبار النفاق، وسمبوسك اللّت والعجن، فى طبلية على الهواء مباشرة بث مباشر فى رمضان تسلى الصايم، وتفوق النايم، وتصحصح الجعان، ننتظرها من العام للعام، وكأننا نحبس أنفاسنا إلى أن تأتى وننطلق بكل قوة، ولا نخشى لومة صائم، ولا نهتم بنشفان الريق والصداع.

فكله متاح فى هذا الشهر الكريم شريطة أن يعقبه «اللهم إنى صايم»، ويبدأ الماراثون حتى طلوع الفجر، والشهادة لله إن فيه كام ساعة بريك هما ساعات الفطار وتحديدًا قبله بساعة بالنسبة للرجال من أجل تفقد نوعيات الأكل والتأكيد على إن كله تمام أو الذهاب لشراء تمر هندى وعيش.

وقد يأخذ بريك قصيرًا أثناء عمل السلطة، والجدير بالذكر أنه لا يتخذ قرار عمل السلطة إلا إذا كان مزاجه رايق واكتفى من عمل فرقعة ضخمة بتعليق مثير أو بوست منقول عن الفنان فلان وأسرار علاقته المريبة ببطلة فيلمه الجديد، أما النساء فساعات البريك لديهن متقطعة تبدأ فى الساعة الواحدة ظهرًا لمشاهدة برامج الأكل وتحديد سفرة اليوم وتوفيرًا لعدد ساعات البريك فهى تجهز خضار اليوم أمام هذه البرامج، ثم تلجأ لبريكات متقطعة أثناء تسوية اللحمة وتسبيك الصلصة وتقليب البشاميل، بمعنى أن تكتب النميمة وتختفى وترجع، تعلق لسوزى بنفسنة من تحت لتحت على صورتها مع البوى فريند اللى كان إكس نانى وتوقعهم فى بعض وتمشى، ثم تعود تتفقد الخناقة وصلت لفين، أو تكتب رأيًا فى مسلسل قرأته على «تويتر» تهيّج به صفحات الفيس وتتركهم يهروا فيه شوية لحد ما الرز يتشّرب، أما الفتيات والفتيان فهم بيمسكوا شفتات بالليل فى الطراوة ويجيبوا الخلاصة بعد الهرى النهارى، ويبدأ دورهم بتنضيف الساحة.

يدخلوا بعضلات مفتولة ويجيبوا الخلاصة بكلمتين أو صورة ولا فيديو يأكدوا بيه حدث أو شائعة، يفجروا اختلافات الرأى اللى بتفضل تهرى لحد تانى يوم وتاخد حقها من الهرى طول النهار كأنهم بيلعبوا بصفحات السوشال ميديا كعرايس ماريونيت بيحركوها ويحفّظوها الحركات، ويروحوا يناموا طول النهار لحد قبل الفطار بربع ساعة، يقوموا بدورهم الأسرى فى تحضير الأطباق والمية والعصير وغرف الأكل، لكنهم مخلصين للأون لاين، والموبايلات لا تفارق أياديهم ولا تطرف لهم عين عنها.

يتفقدون أحوال الرعية ويطمئنون على بوستات وفيديوهات الأمس ماذا حصدت من الليكات والتعليقات؟ ويصبح الواجب عسيرًا لليوم التالى إذا لم يجدوا حدثًا مهمًا يلتّوا فيه ويعجنوا، فتنطلق ميليشيات البحث على تويتر وصفحات الأصدقاء غير المقربين ويمكن يضطروا للتلصص على صفحات ناس جديدة كانت علقت وجريت ذات مرة، لعل وعسى يجدون شائعة مثيرة يطلقونها لتصبح هوم ورك الغد، وتبدأ ساعات عملهم مباشرة بعد الإفطار حتى أثناء المسلسلات تختفى كل الرءوس طالما نزلت الأبطال الساحة، فلديهم قدرات خارقة على متابعة كل المسلسلات والبرامج دفعة واحدة، لأنهم ببساطة بيغيروا القنوات فى كل فاصل إعلانى يلقط أحداث مسلسل هنا، ويعرف فكرة برنامج هناك، ويسمع كلمتين من لقاء مع فنان، وبس خلاص يخمن هو الباقى ويبقى عرف كل حاجة بدل ما يبقى غشيم فى تعليقاته ولا جاهل بالأحداث لا سمح الله، والقدرة الخارقة ليست فى أنه يشاهد الكل فى نفس واحد، وإنما فى حضور ذهنه فى الوقت نفسه لكتابة بوستاته والبحث عن أفيشات وإفيهات ورصدها أولًا بأول عما يشاهده فى الحال، هكذا نقضى لحظات مثيرة تجرى الدورة الدموية فى جسد الصائم وتنعش دماغه وتغذى عزيمته فيصبح أكثر صبرًا ويتحمل عذاب العطش والجوع، واللهم بلغنا رمضان بهذا الشكل كل عام.