رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرب فى زمن الذئاب


كل ما عليك الآن هو أن تستجمع تركيزك وتتخلص مما فى يديك، ويا حبذا لو راح ذهنك يردد غنوة «حلوة بلادى السمرا.. بلادى الحرة»، كلمات محمد حمزة ولحن بليغ حمدى، حاول أن تتحسس الدم المصرى بأصابعك، تذكّر «كرم القواديس.. الشيخ زويد.. رفح.. الوادى الجديد.. المنسى»، استرجع لقطات سريعة من مشاهد الانكسار وشماتة الشامتين فى بلدك وجيشك وعرضك، إن لم تفلح فى كل ذلك فلا تجهد نفسك بالقراءة أو الانضمام إلينا، فهنا معسكر الحرب المقدسة ولا وقت لدينا.
هى الحرب المقدسة التى انتظرناها كى تداوى جراح ليالٍ طويلة قضيناها نبكى ونواسى بعضنا بعضًا ونحن نكاد نلمس دموع الآباء وحسرة ولوعة الأمهات فى محافظات مصر وقراها، على شبابنا المغدور فى صحراء سيناء، هى الحرب المقدسة، وهى النصر لكل ساعات الألم التى عشناها نبكى الدم المصرى النازف على الجبهة، وهى الانتقام والتشفى من خنازير قطر وتركيا، الذين سهروا الليالى يضحكون ويسخرون ويشمتون ويفبركون الأفلام لتصويرنا ضعفاء بؤساء خائرى القوى، هى الحرب المقدسة لكل نقطة دم وكل قطرة دمع مصرية.
هى الثأر لضباط وجنود صنعوا بطولات فى مواجهة عصابات وميليشيات الإرهابيين القادمين من كل جنسيات العالم لقتلنا وترويعنا وتهديد أمننا نهارًا جهارًا، بأموال قطر وتركيا، هى الواجب كما كنا نحلم به ونتمناه ونحن نشيّع جثامين شهدائنا على امتداد أعوام مضت.
هى الحرب يا صديقى، فاحمل سلاحك وكن يقظًا، فحولك ذئاب فى فروة خروف، حولك فرق وميليشيات وأصدقاء «فيسبوك» وكتائب إلكترونية تسرق روحك وتستدرج عواطفك لتنسى الدم وتنشغل بأسعار الفراخ المجمدة، وتستسلم لنظرية المؤامرة الكبرى التى تُحاك فى سيناء! حولك ذئاب صغيرة وناعمة أحيانًا تتسرب إلى صفحتك على «فيسبوك» و«تويتر» لتأخذك بعيدًا عن الحرب، فلا تتردد فى فقء أعينهم حتى يرتدعوا، لا تتهاون، فالذئاب التى ترتدى فروة خروف تراهن على ضعفك وخوفك وقدرتهم على ابتزازك سياسيًا، سيحاصرونك بعين القاتل الأجير، ويصنفونك بأسوأ التصنيفات وأخسها، فابصق على وجوههم الكالحة، وارفع رأسك فخرًا بحربك المقدسة التى يخوضها أبطالك على الجبهة، وكن بطلًا واضحًا فى مواقفك، قارئًا لما يحدث، كن مثل الرجال الذين حملوا أرواحهم وذهبوا للقتال، لا تكن جبانًا، فالذئاب الصغيرة التى تحوم حولك هى الظهير الذى يساند القتلة والإرهابيين، هى البذرة الشيطانية التى يتركها «الإخوان» تنتشر وتتسرب حتى تنمو وتتفرع عنها فروع شيطانية أخرى، وأنت بخوفك وابتزازك سياسيًا تخضع لهم وتنحنى كأنما صوروك عاريًا فى الغيطان، هذا جيشك، وهذا دم مقاتل مصرى نحروه وحيدًا فى الصحراء، فماذا تنتظر أكثر؟.
البذرة الشيطانية التى ترتدى فروة الخروف، والتى تجلس إلى جوارك، وتناكفك فى صفحتك على «فيسبوك»، تتغذى على كل ما تبقى فى أمعاء معسكر الإخوان الإعلامى، وهو المعسكر الذى يضم الهاربين من أوطانهم للعمل كأجراء فى فضائيات وصحف ومواقع تدفع لهم مقابل السخرية من وطنك وعرضك باسم الوطن والثورة، جرذان صغيرة لم تتورع عن الجلوس بين يدى خنازير قطر وتركيا للتفاوض على الثمن مقابل بيع الوطن والتقليل منه، والسخرية من جيشه، وحشر اسم «السيسى» لتمرير كل هذا الغل وتلك الكراهية لمصر، جرذان صغيرة وقّعتْ العقود وحددتْ السعر وتتقاضى أجورها من شيخ المنسر وعرّاب الصفقات «أيمن نور»، وهدفهم جميعًا تدميرنا وتقزيم أوطاننا لصالح أسيادهم، جرذان صغيرة تتغذى على انكسارك والتشكيك فى قدرات وطنك، ونحن أبناء مهنة الصحافة وعواجيزها نعرف هؤلاء بالاسم والتاريخ المهنى، نعرف كيف اختاروا الذهاب إلى الدوحة واسطنبول، وماذا يفعلون هناك، فلا تتورع ولا تخجل وأنت تفض بكارة أكبرهم، وتعرى أصغرهم ليعرف ثمنه وحجمه.
أنت متهم بموالاة نظام بلدك، والذى يصفك خائن لوطنه، يوالى عدوك وعدو جيشك ويتقاضى الأجر ويتمنى لو أن الأرض «انشقت وبلعتك» أنت وكل من عليها حتى يعود هو منتصرًا مع جيش تركيا و«مرسى راجع»، هذا حلمهم ومسعاهم، والبذرة الشيطانية التى تحاصرك هى نفسها التى ظهرت فى مطلع الثمانينيات وتوحشت بسبب خوفك وصمتك، فقد كان تنظيم «الإخوان» الإرهابى يعيش مرحلة التضييق منذ اعتقالات سبتمبر ١٩٨١، وخلال أربع سنوات فقط بدأ التأسيس الثانى لجماعة حسن البنا، فما إن سمحت لهم الدولة بدخول الصراع لمواجهة الجماعات التكفيرية السلفية، حتى انتشروا مثل الجراد فى كل قرى مصر، وتحول مكتب الإرشاد فى عهد عمر التلمسانى إلى دولة موازية، ونشطت القيادات الشابة آنذاك «عبدالمنعم أبوالفتوح وخيرت الشاطر ومحمد حبيب...» فى افتتاح المدارس الإخوانية والجمعيات الشرعية والعيادات الطبية وتجارة الملابس والأدوية فى محافظات مصر، وسريعًا تم تأسيس الفروع وتجنيد الشباب واختراق الاتحادات الطلابية فى الجامعات والمدارس والنقابات المهنية، واكتمل تأسيس التنظيم الإرهابى، وقررت الجماعة خوض انتخابات مجلس الشعب عام ١٩٨٤ بالتنسيق مع حزب الوفد!، وكانت البذور الشيطانية الصغيرة هى مجموعة الخلايا التى توحشت وتشكلت منها كل عصابات القتل والإرهاب والترويع عبر هذه السنوات، فقد وقف المثقفون على الحياد واعتبروها مسألة مواجهة «سياسية» بين الدولة وتلك الجماعات، وأن دور الدولة بمؤسساتها هو القضاء عليهم، فانفجرت القنابل فى الأفواج السياحية وأُحرقت المقاهى والمسارح، وبدأ مصطلح الإرهاب يدخل مصر، وتنبّه الجميع بعد فوات الأوان وبعد انتشار السرطان فى جسد مصر وهويتها، فكن مقاتلًا يقظًا واحرس هويتك المصرية أولًا من الذئاب الصغيرة.. وبعد ذلك يأتى أى كلام، فهى الحرب المقدسة للقضاء على الذئاب التى أفسدت حياتنا واستبدلت مصريتنا بجحافل من الغزاة وأعداء الحياة.