رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هذه هى دولة الإخوان


يمكن أن نقول إن هناك أمنًا ودولة عندما يتم سرقة سيارتى مساعد وزير الداخلية ورئيس البحث الجنائى للجيزة؟ هل هناك أمن عندما يتم خطف رجال وقيادات الشرطة ويتم إرجاعهم بعد دفع الإتاوة؟

كانت هبة يناير 2011 الجماهيرية مشروع ثورة رائعة بكل المقاييس ولكن للأسف لم يكتمل هذا المشروع وتوقف ولم ينته، وذلك لأسباب كثيرة وأخطاء عديدة شارك فيها الجميع بلا استثناء بطريق مباشر أو غير مباشر بسلامة نية أو بسوء نية، وإن كانت سوء النية والأغراض الذاتية والمصالح الحزبية أكثر بكثير من الأهداف الوطنية التى كانت ومازالت تريد بل تصر على أن يكتمل مشروع الثورة.

وهنا فقد تحالف ما يسمى بالتيار الإسلامى وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين تحت اسم اختطاف الوطن لصالح المشروع الإسلام كهدف استراتيجى بالرغم من الخلافات الثانوية التكتيكية ولأسباب كثيرة ترجع إلى ضعف الأحزاب القديمة الديكورية وعدم انتشار الأحزاب الجديدة الورقية، وتشرذم قوى الشباب الثورية التى استطاعت جماعة الإخوان وأتباعهم أن تستغل هذه القوى لصالحها تحت ادعاء الثورية والثورة وهم لا علاقة لهم بالثورة من قريب أو بعيد عقائديًا وسياسيًا وعمليًا ومنذ استفتاء 19 مارس 2011 وحتى حصولهم على أغلبية مجلس الشعب المنحل وغير الدستورى مرورًا بوصول مندوب الجماعة لرئاسة الجمهورية ثم القفز على مشروع الثورة والاستيلاء على الوطن والدولة بطريقة ما يسمى بـ «الغشم السياسي» الذى لا يعى ولا يرى غير الاستيلاء والاستياء بهدف الأخونة تنفيذًا لمخطط معلن ومعروف يسمى «إعادة فتح مصر» حتى يتم إعلان دولة الخلافة التى يحلمون بها.

ودولتهم هذه لا علاقة لها بالدولة الديمقراطية المدنية الحديثة وإن كانوا قد «لاكوا» هذه المسميات فترة بعد يناير كنوع من التقية وتبرير المواقف بهدف الوصول لأهدافهم الخاصة فهم لا يؤمنون بالدستور ولا القانون ولا الديمقراطية فهى وسيلة للوصول لمرة واحدة وبعد ذلك إلى زوال لا وجود لديهم لما يسمى بالشعب والجماهير فجماهيرهم هم أفراد جماعتهم الذين يمارسون مبدأ السمع والطاعة فيتجمد فكرهم ويخمد عقلهم وتسلب إرادتهم لا يؤمنون بالوطن فشعارهم طظ فى مصر واللى فى مصر» والمسلم غير المصرى هو الحليف والأهم من المصرى غير المسلم أو حتى المسلم غير التابع لهم.

ولذلك فقد كان يجب على هذه الجماعة ومندوبها إذا كانوا يعرفون الثورة ويؤمنون بالوطن ويثقون فى الجماهير ويعرفون الدستور ويتمسكون بالقانون عندما اختطفوا السلطة أن يحافظوا على ذلك التوحد المصرى الذى أسقط مبارك، وأن يفوا بوعودهم وأن ينفذوا عهودهم التى قطعوها على أنفسهم عندما كانوا محتاجين لقوى الثورة لمساندتهم.

كان عليهم أن يحققوا مبادئ الثورة التى اتفق وتوافق عليها الإجماع المصرى، كان عليهم أن يعرفوا أن الثورة هى تغيير جذرى لكل مناحى الحياة والقضاء على الفساد وليس تغيير أشخاص بأشخاص أسوأ أو إعادة إنتاج سياسات النظام الساقط بطريقة أقل كفاءة.

فلم يشعر المواطن بأى تغيير للأحسن أملاً فى تحقيق مبادئ الثورة بل يعيش المواطن فى كل كابوس كارثى ومشاكل تحيط به من كل اتجاه، فالمشكلة الاقتصادية تتفاقم وتصل إلى المواطن الفقير، غياب الأمن والأمان وانتشار الفوضى الأمنية والأخلاقية والقيمية.

الفساد انتشر وتجذر وتصاعد حتى أصبح جزءاً من الهواء الذى يتنفسه المواطن، أصبحت الأخونة هى بديلاً للتوريث.

المشاكل والفساد والاستبداد الذى كان أهم أسباب يناير يعيش المواطن أضعافه، نرى وعودًا لا تنفذ وعهودا تتبخر والسلطة تكذب بصورة تخطت أشكال الكذب التقليدية المعروفة، ولكن الأغرب والأخطر أن هذا يتم تحت ستار الدين وباسم، الرئيس فاقد الثقة قبل أن يفقد الصلاحية لم يستطع أن يقنع أحدًا أنه الرئيس الفعلى وأنه صاحب القرار وأنه يمثل كل المصريين، الجماعة تصنعه أن تصنعه فى مواقف لا تليق بموظف صغير لا برئيس جمهورية، ولا نعلم هل هذا نتاج لصراع داخلى مكتوم وغير معلن، إن هذا نتيجة لفشل وعدم خبرة وغشم سياسى وعقل قاصر لا يعرف ولا يعى غير الاستحواذ.

ولهذا ولغيره الكثير والكثير نرى فشل الجماعة فى قيادة مصر وفشل سلطتهم فى الحصول على مزيد من ثقة الجماهرى نرى أن الفوضى التى بدأت فى جمعة 28 يناير 2011 قد تحولت إلى حالة تحلل للدولة وضياع لهيبتها وتقليل من كرامتها فما نراه الآن غير مسبوق فى تاريخ دولة ذات حضارة ضاربة فى أعماق التاريخ.

وهنا سنضرب أمثله لتفكك الدولة وإسقاط هيبتها، من المعروف أن الفوضى وغياب الأمن هما السبب الأساسى فى القضاء على أى حل للمشكلة الاقتصادية سواء من ناحية الإنتاج وزيادته أو تشجيع الاستثمار.

فهل يمكن أن نقول إن هناك أمنًا ودولة عندما يتم سرقة سيارتى مساعد وزير الداخلية ورئيس البحث الجنائى للجيزة؟ هل هناك أمن عندما يتم خطف رجال وقيادات الشرطة ويتم إرجاعهم بعد دفع الإتاوة؟ هل هى دولة تستمتع بالهيبة عندما تشاهد وزير الرياضة يتم الاعتداء عليه وتسريبه من القاعدة التى تم تحطيمها تمامًا؟ هل هى دولة التى تترك سيناء ذلك الجزء الغالى من جسم الوطن الذى دفع ومازال يدفع الكثير والكثير لجماعات إرهابية تنحى الدولة وتأخذ مكانها بل يتم قتل جنودنا فى رمضان الماضى ولم يعلن حتى الآن عن القتلة بالرغم من إعلان مرسى وتعهده لخطتها بالإعلان وأخذ القصاص ولا نعلم لماذا كانت العملية نسر ولماذا توقفت؟ وكيف يتم التفاوض مع القتلة عن طريق مساعد مرسى ونرى هذا الأسبوع حادثة خطف سبعة جنود كنوع من تحدى الدولة وهيبتها بهدف جر القوات المسلحة لعمليات داخلية أو لإحراجها تمهيدًا لتكرار مسلسل طنطاوى عنان مع السيسى خاصة بعد موقف الجيش من تنمية قناة السويسى وبعد تلك الجماهيرية التى يتمتع بها السيسى هل هى الدولة التى نرى فيها جمعية أهلية فى سيوة تصدر ما يسمى بالحكم الشرعى الذى يعتبر مناجم الملح ركازا تتصرف فيه القبائل وعوائلها كيفما يرون ولا علاقة ولا وصاية للدولة عليها؟

وهل بعد ذلك ومثله الكثير يمكن أن نطلق على نظام وحكم وسلطة الإخوان أنها دولة أم هى قبيلة وعشيرة لا علاقة لها بالقانون والدستور والتطور والتقدم، فهل إزاء ذلك لا نعتبر أن أ حملة تمرد هى إحدى الآليات الديمقراطية السلمية الراقية التى تعبر عن رأى المواطن المصرى الذى غرر به فى هذه الجماعة فكانت صدمته كبيرة بعدما اكتشف كفاءتهم وصدقهم ووطنيتهم وتنفيذ نهضتهم الخيالية، أليس تمرد حالة تعبير سلمى بدلاً من العنف المرفوض والإرهاب الممقوت، نعم وقعنا لتمرد وعلى كل المصريين أن يوقعوا لتمرد كقياس فعلى وعملى للرأى العام الذى يرفض من خطفوا الوطن وحتى تظل مصر لكل المصريين.

■ كاتب سياسى وبرلمانى ساب