رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر.. البناء والتحدى




انتهت السنوات السبع العجاف التى حاول فيها الكثير إسقاط الدولة، ثم الانتقام من الدولة لأنها لم تسقط، ولأنها استطاعت أن تصمد، بل وتوقف قطار الربيع الأسود لتبدأ دول أخرى فى المنطقة، محاولة التخلص من آثار دهس هذا القطار لها.. سبع سنوات.
عاشتها مصر منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ كانت من أصعب السنوات التى مرت بها.. سنوات ثلاث منها كانت محاولات الهدم تمتد إلى كل شبر فيها، وحاولت جماعة الإخوان ومن وراءها من دول وأجهزة أن تسيطر على كل مفاصل الدولة، قبل أن تبدأ مرحلة البناء مع تولى الرئيس السيسى حكم البلاد.
تسلم السيسى القيادة الفعلية للدولة فى يونيو ٢٠١٣، لتبدأ مرحلة البناء، وكان عليه أن يبنى جديدًا ويصلح ما تم هدمه، وأن يواجه فى نفس الوقت محاولات الهدم المستمرة، وأن يعمل وسط ضغوط هائلة، فقطار الربيع الأسود ما زال يصول فى ليبيا والعراق وسوريا واليمن.
يعمل على بناء دولة وهو يعلم أن كل حدوده غير مؤمنة. يعمل وهو يعلم أن هناك اختراقات لكل مصالح الدولة تعمل فى الخفاء ضده. يعمل والعالم لا يعترف بما حدث ويصفه بالانقلاب العسكرى. بخبرة صقر المخابرات، وقدرته على تحقيق الهدف بأسرع وسيلة. كان العمل على تعديل صورة مصر فى الخارج وعاد الأصدقاء واحدًا تلو الآخر، عربيًا وآسيويًا وأوروبيًا. وكانت مراسم تنصيب الرئيس رسالة واضحة، هذه هى الدولة، وهكذا يصل الرئيس إلى مقر الحكم. كان رئيسًا واثقًا وهو يسير إلى مراسم التنصيب، بينما الذاكرة تسترجع مراسم وقوف مرسى فى التحرير فاتحًا صدره وهو يتحدى ويكذب ويعرف أنه يلبس القميص الواقى.. رئيس بهيبة مصر يقسم اليمين، لا مخادعًا ينتقل بين التحرير والجامعة لا يعرف ماذا يفعل.
وبدأ مرحلة الترميم والبدء فى البناء وعبر ثلاثة أعوام ونصف العام، تحولت الدفة شيئًا فشيئًا.. أصبح انقطاع الكهرباء استثناءً ومعروفًا مسبقًا.. امتلكنا أكبر محطات توليد للكهرباء فى العالم.. لم يعد السد العالى هو فقط المنقذ، ولكن أصبحت لدينا سدود أخرى تنتج ما يكفى الدولة ويزيد.
الطرق التى تهدمت تم ترميمها وأصبحت الرحلة من القاهرة إلى الإسكندرية والدلتا والصعيد ممتعة آمنة إلى درجة كبيرة. خطوط جديدة للمترو. قطارات تصل فى مواعيدها تمامًا وقطارات كهربائية يتم الإعداد لها. ربط كامل لكل مناطق مصر بريًا، ثم محاولات لربطها نهريًا ومطارات تنشأ أو يتم تطويرها فى العاصمة الإدارية وأكتوبر وقويسنا.. أصبحت لدينا شبكة طرق ونقل جديدة، فلنبدأ إذن مرحلة بناء المصانع وإنشاء المزارع ما دام لدينا طريق للوصول.
سنبنى مدنًا جديدة، وهذا ما تم فى العلمين وأسيوط والإسماعيلية وأماكن أخرى كثيرة.
الوادى تم ربطه بشبكة جديدة من الطرق، ولكن هناك الجزء الأهم سيناء، فانطلق الرئيس إليها عبر أكبر مشروع للأنفاق ليربطها بالوادى، عبر شق أنفاق سيتم افتتاحها للتشغيل فى يونيو القادم الذى سيشهد استكمال أهم وأكبر مشروع قومى للطرق، ويعلن فيه عن الانتهاء من هذا المشروع.
شققنا الطرق فى الجبال والوادى، وبنينا المدن وبدأنا إنشاء المصانع، وجاء الوقت لبناء الإنسان، وأعتقد أن هذا سيكون مشروع الرئيس فى مدته الثانية. نعم علينا أن نبدأ إعادة بناء الإنسان المصرى، ليعود إلينا بعاداته وتقاليده وقيمه.. فليكن هذا هو المشروع القومى، فكل ما تم ويتم هو لصالح المواطن، ولكن الأهم أن نعد المواطن لذلك من خلال تعليم جديد يعيد للمدرسة والمدرس المصرى احترامه، ويعيد للتعليم المصرى وشهاداته مكانتها فى العالم. مهمة ليست مستحيلة، ولكنها صعبة يجب أن نبدأ فيها من الأطفال، أصحاب الأعوام الثلاثة وحتى الجامعة. مشروع مدته الزمنية طويلة، ولكن ناتجه سيكون أهم ما يقوم به الرئيس السيسى، أن يكون لدينا تعليم جيد ليس معناه أن يكون أبناؤنا فى مدارس دولية يتعلمون فيها لغات وينسون لغتهم الأصلية. يدرسون فيها عادات وتقاليد غريبة ويسمعون موسيقى أجنبية، ويشاهدون أفلامًا للعنف والإثارة.. يتقنون التعامل مع الفيسبوك وتويتر وينسون الكتاب والكتابة.
التعليم الجديد والجيد يجب أن يعيد لنا لغتنا العربية التى افتقدها أولادنا فى تعاملهم، وأصبحت الأم تسعد بكون ابنها يعرف الأعداد بالإنجليزية والفرنسية، وأن تتفاخر بكون طفلها لا يجيد العربية. تعليم جديد يهتم بالمعامل وأيضًا يهتم بحصة الدين والانتماء والرياضة والفن.
نحتاج إلى نظم تعليمية جديدة تهتم بالتعليم الفنى، وتمد المجتمع بخريج منه يفهم صنعته ويجيدها وأيضًا يحترمه المجتمع ولا يعامله بشكل سيئ.
نحتاج إلى تغيير صورة المجتمع، وأن نعود إلى ثقافتنا ونحرص عليها، وأن يعود لنا إعلامنا الذى يعبر عن شعب صاحب تاريخ وحضارة.
لقد نجح الرئيس السيسى فى مرحلة الترميم، وعلينا أن نساعده فى استكمال مرحلة البناء، وأن نكون فى معركة التحدى.