رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسائل «حجازي» لـ«نافع» بعد السنوات العجاف

إبراهيم حجازي
إبراهيم حجازي

لم يخجل الكاتب الصحفي إبراهيم حجازي، من دموعه أثناء جنازة صديق عمره إبراهيم نافع، فلم يتمالك الكاتب الصحفي قواه لأن يكون رجلًا متماسك، فوداع صديقه ليس بالشيء القليل أو البسيط بالنسبة له، وخلال مقال افتتاحي للعام الجديد 2018، وتحت عنوان «تخطينا السبع العجاف.. بالدبابة والمدفع والمزرعة والمصنع!»، بدأ حجازي الاهتمام بما يحق له القول عن السنوات الماضية، وفى النهاية أرسل حجازي رسائله إلى صديق عمره إبراهيم نافع.

ـ رثاء الموت:
الحقيقة الموجودة فى الدنيا التى اتفق عليها كل البشر من بدء الخليقة هى الموت.. وفيما عداه اختلفوا فى كل شيء وعلى كل شيء.. ومن آلاف الأشياء التى نعرفها جيدًا.. وأيضًا ننكرها تمامًا.. هى أن كل إنسان فى حياته بالدنيا.. له وعليه.. لأنه لا يوجد بشر معصوم من الخطأ.. إلا أننا فى الغالب نحب أن ننسى أو نتناسى.. فى أحكامنا على إنسان موجود بيننا أو فى رحاب الله.. ننسى كل ما هو له.. ونذكر فقط ما عليه.. وحتى فى تذكرنا ما هو عليه.. نترك الأمور لأهوائنا.. ونبعد تمامًا عقولنا.. وضمائرنا!.

ـ الخبر الصعب للصحفي:
قال حجازي بالمقال: تلك الحقيقة تذكرتها وشعرت بمرارتها.. لحظة سماع خبر وفاة الأستاذ إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة الأهرام ورئيس التحرير الأسبق لسنوات ونقيب الصحفيين المصريين الأسبق 6 دورات ورئيس اتحاد الصحفيين العرب لأكثر من دورة، جاءت وفاة الأستاذ إبراهيم نافع بعد رحلة مع المرض ومع الغُرْبَّة.

ـ وصف لحالته:
وصف حالة إبراهيم نافع ومرضه لم تأتي إلا من أقرب أصدقائه إبراهيم حجازي الذى قال: المرض ابتلاء وامتحان من الله.. لا راد له ولا اعتراض عليه.. أما الغُرْبَة فهى اضطرار إلى أن يفصل القضاء فى قضايا متداولة منذ سنوات.. فصل فيها القضاء فعلًا بالبراءة من قبل.. وعادت إلى القضاء مرة أخرى من سنوات.. هى نفسها سنوات الغُرْبَة التى ظل خلالها ينتظر حكم القضاء.. إلا أن الموت كان الأسبق!

ـ يدافع عن صديقه:
الأستاذ إبراهيم نافع الآن فى ذمة الله الحكم العدل.. وما هو أمام القضاء ومحسوب عليه.. القضاء وحده صاحب الكلمة الفصل فيه.. وإلى أن يحدث يبقى ما هو عليه.. مجرد ادعاءات لا إدانات.. مثلما تبقى الحقيقة التى لا خلاف عليها.. وهى أن الأستاذ إبراهيم نافع فى حياته الصحفية والإدارية والنقابية له الكثير والكثير والكثير الذى يحسب له ولا يستطيع مخلوق أن ينكره!.

تسلم الأهرام مبنى واحدًا.. وصل إلى ثلاثة مبانٍ.. إضافة إلى عشرات المكاتب الصحفية فى محافظات مصر.

الأستاذ إبراهيم نافع، افتتح للأهرام مكاتب فى دول العالم الكبيرة واشترى الأهرام مقار هذه المكاتب، لنظرة اقتصادية على يقين منها!.

الأستاذ إبراهيم نافع فى عهده ظهرت إصدارات الأهرام المختلفة.. وصدرت الطبعة الدولية للأهرام.. والمطبعة الوحيدة أصبحت ثلاث مطابع.. يصدر منها «الأهرام» الجريدة وجميع الصحف الخاصة والحزبية فى مصر.. إضافة إلى طباعة المجلات الأسبوعية والشهرية التى تصدر عن مؤسسة الأهرام ومؤسسات أخرى.


الأستاذ إبراهيم نافع لم ينسَ للحظة.. أنه خبير اقتصادى ورئيس للقسم الاقتصادى بالأهرام.. وهذا ما ظهر واضحًا وجليًا على قراراته.. التى نقلت الأهرام من كيان صحفى يصدر صحيفة واحدة.. إلى مؤسسة عملاقة صحفيًا واقتصاديًا!. صحفيًا أكثر من عشرين إصدارًا.. واقتصاديًا.. مشروعات متنوعة منها على سبيل المثال.. مصنع أقلام ومصنع C.D.. وشركة سياحة.. ومشروع رائع لفكر سابق لوقته.. مشروع جامعة الأهرام الكندية!. نفس الفكر الاقتصادى فى محور آخر.. أى فائض فى المؤسسة توجيهه لشراء أصول تملكها الأهرام!. إصراره على شراء مقرات مكاتب للأهرام فى الخارج وعدم اللجوء للإيجار.. رؤية مستقبلية ثاقبة ثبتت صحتها وعظمتها فيما بعد.. وقيمة هذه الأصول تتضاعف سنة بعد أخرى.. تخطت الـ 100 مليون جنيه!. الأهرام المؤسسة الصحفية العملاقة ميزانيتها السنوية.. قاربت ميزانيات مؤسسات اقتصادية كبيرة ناجحة فى مصر!.

الأستاذ إبراهيم نافع.. نجاحه المبهر.. لم يكن مصادفة.. إنما لتمتعه بشخصية فريدة متميزة.. هى هبة من الله لمن يحب من عباده!.

ـ رسالة الوداع:
الأستاذ إبراهيم نافع.. إنسان فى حالة صلح دائم مع نفسه.. جعلته متصالحًا على طول الخط مع الآخرين!. حالة نادرة من الإنسانية والتراحم وحب الخير تسير على قدمين!. الهدوء لم يكن فقط عنوانًا لمقاله الشهير «بهدوء».. إنما سمة مميزة له مع سمات كثيرة أخرى أنعم الله بها عليه.. التسامح والحب والصبر.. وجميعها ضمانة مؤكدة للنجاح ولا شيء إلا النجاح!.

الأستاذ إبراهيم نافع.. حقق نفس النجاح بالعمل النقابى.. نقيبًا للصحفيين 6 دورات.. ورئيسًا لاتحاد الصحفيين العرب 17 سنة.. وخلال عمله النقابى.. كل قراراته.. دفاعًا عن حقوق الصحفيين وحرية الصحافة.. وسيبقى مبنى النقابة فى شارع عبدالخالق ثروت.. حلمه الذى تحقق وأن يكون للجماعة الصحفية مقر يليق بالصحفيين ونقابتهم التى هى أعرق النقابات الصحفية فى الشرق الأوسط!.

الأستاذ إبراهيم نافع.. الأستاذ العظيم والفارس النبيل.. غادر الدنيا ورحل للآخرة.. تاركًا خلفه مواقف عظيمة لا تنسى.. وإنجازات هائلة لا تُنْكَر.. جميعها إنجازات عظيمة تفخر به وتتحدث عنه.. وشهادة له لا عليه!

الأستاذ إبراهيم.. وداعًا!