رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منها تفسير التوراة بالعربية ووثائق الجينزا.. أفضل ما أصدره «القومي للترجمة»

جريدة الدستور

كانت الترجمة على مر الزمان أداة تواصل واتصال دائمين بين الشعوب بالرغم من اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم، وما زالت جسرا يربط بين الثقافات، وقناة تعمل على تلاقي الفكر الإنساني والحضاري بنقلها للفنون والآداب والعلوم بين الناس رغم تعدد الاختلافات بينهم.

وتعد الترجمة نشاطًا فكريًا ولغويًا يلبي حاجة الأفراد في التواصل الدائم والتعريف بالذات أيضًا، وهي نافذة الانفتاح على الآخر للتعرف على ثقافته، وقد أطلق "الاتحاد الدولي للمترجمين" سنة 1991، فكرة الاحتفاء باليوم العالمي للترجمة، وذلك لإظهار تعاضد المترجمين في جميع أنحاء العالم ولتعزيز مهنة الترجمة في مختلف الدول، وحدد يوم الثلاثين من سبتمبر كل عام للاحتفال، بينما درج المركز القومي للترجمة على الاحتفال بهذه المناسبة في أواخر شهر ديسمبر كتقليد راسخ للمركز.

«الدستور» تستعرض أهم وأفضل الكتب الصادرة عن المركز القومي للترجمة:

- كتاب "الأيديولوجيات السياسية" بجزئيه الأول والثانى، من تأليف أندرو فينسينت، وترجمة خليل كلفت.

يعد هذا الكتاب فى المقام الأول درسة للأيديولوجيات السياسية وليس تحليلًا لطبيعة الأيديولوجيا. ويصدر الكثير من الارتباك عن حقيقة أن الأيدلوجيا والسياسة على الرغم من اتصالهما البين - مسألتان مختلفتان للغاية فى دراستهما. فأن تتفحص الأيديولوجيا يعنى أن تفكر فى نمط خاص من الفكر السياسى، يتميز عن علم السياسة أو الفلسفة السياسية. ولذلك تتعلق دراسة الأيديولوجيا السياسية باتفكير فى أسئلة عن طبيعة ودور ودلالة تلك الفئة من الفكر.

- كتاب "تاريخ تطور الدراما الحديثة" بجزئيه الأول والثاني، تأليف جورج لوكاتش، وترجمة كمال الدين عيد.

إن تاريخ تطور الدراما الحديثة هو الإطار الجامع لهذا الكتاب، تأتى الإجابات باحثة عن أسئلة كثيرة: هل هناك ما يسمى بالدراما الحديثة؟، إذا كانت الإجابة ب (نعم)، كيف حدث ذلك؟، ولماذا هذه التسمية؟، وما أسلوب هذا النوع من الدراما؟، وكيف تحقق وجوده؟.

الأسئلة جميعها تتعلق بالجانب العملى التطبيقى: فى هذا الرأى التقريرى.. كيف احتملت، وقبلت الدراما الحديثة مثل هذا "المصطلح" حتى تعبر عن مشاعر الحياة الحديثة وعالم الفكر فيها؟ لكن هذا السؤال العملى التطبيقى يكون صحيحا وفاعلا عندما يصبح مهما لمسرح من المسارح الجيدة أن يجيب على الأسئلة- المطروحة آنفا- بتقديم مسرحيات تحمل فى مضامينها وإخراجها صورة الأسلوب المتجدد الذى يجيب- عمليا وتطبيقيا- على الأسئلة المطروحة، وبذلك تجد إجابات وحلولا على الأسئلة، بشرط ان تكون الحلول متوافقة ومتطابقة مع الإجابات، ومدافعة عن الحقيقة الداخلية للتأثير الدرامى المنشود.

- كتاب "ما العلمانية"، تأليف كاترين كنسلر، ومن ترجمة محمد الزناتي وجيوم ديفو.

تنتمى العلمانية إلى مجال الحقوق وهو قانون يشرع العلاقة بين الدين والسياسة؛ لا تدخل للدولة فى أمور الدين، ويحل الإشكالية التالية: كيف نضمن حرية الفكر للأشخاص دون أن ندمر الرابط السياسى؟ أما النظام اللاهوتى ـ السياسى فيجيب بالنفى: هذا من المستحيل لأنه يجب على المواطنين أن يشتركوا فى نفس الاعتقادات ليتفقوا على التعايش، وأما بالنسبة للتسامح فيجيب على استحياء: يكفى أنهم يعتقدون بعقيدة ما مهما كانت.

لكن العلمانية تجيب ببلاغة وتضمن حرية الفكر لكل فرد حتى لمن ليس له وجود! وعلى عكس التسامح الذى يضمن حرية الاعتقاد للطوائف المختلفة الموجودة بالفعل فى المجتمع ويجبر الأشخاص على الانتماء، فالعلمانية، لأنها تفصل بين السياسة والدين، هى تحرر الأشخاص من طائفتهم واعتقاداتها تتأمل العلمانية فى أصول السياسة مرة أخرة. فهى لا تميز السياسة عن الدين فى مضمونها فقط لأنها تبعد الرابط السياسى عن الرابط الاجتماعى.

- مسارات إدوارد سعيد.

إدوارد سعيد واحد من المفكرين الطليعيين الذين يكتبون اليوم وقد أعطاه عمله كناقد أدبى وثقافى، وكمعلق سياسى، والمناصر لقضية حقوق الفلسطينيين مكانة فريدة فى الحياة الفكرية الغربية، وهذا الكتاب الجديد هو استكشاف أساسى وتقييم لكتاباته فى كل هذه المجالات الرئيسة إنه بتركيزها على إصرار سعيد على العلاقة بين الأدب والسياسة والثقافة، تقدم كينيدى لمحة عامة وتقييم لأهم مسارات العمل الرئيسية لسعيد، مستخلصة الروابط والتناقضات بين كل مجال.

يبدأ الكتاب مع دراسة الاستشراق، والذى هو واحد من النصوص المؤسسة للدراسات ما بعد الاستعمارية وتتناول الكتاب بالتفصيل وتسبر كلا من نقاط القوة والضعف فيه، وتربطه بتتمته كتاب الثقافة والإمبريالية. ثم تنظر فى عمل سعيد حول الشعب الفلسطينى، بتأكيده على الحاجة إلى السرد الفلسطينى للتصدى للروايات المؤيدة لإسرائيل فى الشرق الأوسط، وانتقاداته اللاذعة للولايات المتحدة وإسرائيل وحتى الحكومات العربية. ثم ينتهى الكتاب بدراسة أهمية سعيد فى مجال الدراسات ما بعد الاستعمارية، ولا سيما تحليل الخطاب الاستعمارى والنظرية ما بعد الاستعمارية، وأهميته كمفكر عام.

- "شوبنهاور": العالم إرادة وتمثلًا "بجزئيه الأول والثانى من ترجمة وتقديم وشروح سعيد توفيق.

هذه ترجمة كتاب شوبنهاور الخالد "العالم إرادة وتمثلًا"، وهو كتابه الرئيس الذى ينطوى على مجمل فلسفته العامة ويُعد فى الوقت ذاته واحدًا من أعظم إنجازات الفلسفة فى القرن التاسع عشر.

وتكمن خصوصيته فى كثير من أقوال شوبنهاور نفسها التى جاءت أشبه بـ"الحكم والمأثورات" فضلًا عن أن تفاصيله تجعله كتابًا جامعًا يشتمل على مسائل دقيقة فى نظرية المعرفة، وفى الطبيعة وما بعد الطبيعة، وفى فلسفتى الفن والأخلاق خصوصًا وعلى مسائل فى المنطق والرياضيات والهندسة وعلى إلماعات متعلقة بالطب وعلم النفس والتاريخ والسياسة والقانون. وهذا كله مجدول فى واحدة تشكل فلسفة شوبنهاور فى الحياة، ولذلك فإن من يقرأ هذا الكتاب بإمعان سوف تتبدل صورة العالم أمام ناظريه، ولن يصبح بعد قراءته على النحو الذى كان عليه قبلها.

- "تفسير التوراة بالعربية" لسعديا بن جاؤون بن يوسف الفيومى ونقله الى العربية سعيد عطية مطاوع وأحمد عبد المقصود الجندي.

هذا الكتاب دليل حي على أن الجانب الأكبر من النتاج الديني والأدبي والفلسفي لليهود خلال العصر الإسلامي، هو جزء أصيل لا يمكن فصله عما أنتجته الحضارة الإسلامية٬ وتتجلى آثار الحضارة العربية الإسلامية واضحة فى هذه الترجمة٬ على المستويين اللغوى والدينى؛ فقد آثر سعديا استخدام ألفاظ عربية تناسب عقلية البيئة التى يعيش فيها، أو استعارة النص القرآنى فى بعض الأحيان، أو ترجمة أسماء الأماكن بما كانت تعرف به فى عصره.
وتجلى ذلك الأثر أيضا فى تجنبه لصفات التجسيد والتشبيه عند وصف الإله وهو أمر كان جديدا على العقلية اليهودية فى ذلك الوقت.

- "وثائق الجينزا اليهودية فى مصر" من ترجمة سعيد عبد السلام العكش وجهلان إسماعيل محمد.

كان اليهود المصريون، حتى منتصف القرن العشرين تقريبًا، يمثلون إحدى شرائح المجتمع المصرى، تفاعلوا معه وتفاعل معهم، وكان لهذا التفاعل مردود بشكل أو بآخر فى شتى المجالات؛ الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، ونتيجة لذلك، تكون ما يعرف بالتراث اليهودى فى مصر.

جزء من هذا التراث تمثل فى وثائق الجنيزا القاهرية المكتشفة فى معبد ابن عزرا بمصر القديمة سنة 1896م ووثائق الجنيزا الجديدة، المستخرجة من مقابر الجنيزة فى حوش موصيرى بالبساتين سنة 1987م، ولقلة ما هو موجود من التراث الإنسانى لليهود المصريين فى المكتبة العربية، جاء هذا الكتاب ليضيف صورًا إلى حياة اليهود فى مصر فى العصر الحديث فى ضوء وثائق الجنيزا اليهودية القاهرية.

- كتاب "القاهرة تواريخ مدينة" تأليف الدكتور نزار الصياد وترجمة يعقوب عبد الرحمن.

يصف الكتاب على مدار 426 صفحة، التغييرات التى طرأت على هذه المدينة العريقة طوال تاريخها، منذ أن بدأت كفكرة فى ذهن أحد شخوص التاريخ القديم، فهذا الكتاب يمكننا من أن نعرف قصص الازدهار والانهيار فى حياة هذه المدينة، تاريخ التطور المعمارى وكل ما يدور من أسئلة حول هذه المدينة العريقة، دراسة متوازنة عن القاهرة تارة بعيون أهلها من المؤرخين أو الأدباء، وتارة أخرى بعيون الغرباء من الرحالة الأجانب والمستشرقين، وعلى الرغم أن المؤلف يذكر فى معرض حديثه عن مدينة القاهرة: "لا توجد مدينة على ظهر البسيطة تم قتلها بحثًا أكثر من مدينة القاهرة، وقد سجل الرحالة الذين زاروا مدينة القاهرة –حتى قبل عصر المسيح- انطباعاتهم المختلفة عنها، مرورًا بالرحالة الذين زاروا المدينة الفاطمية فى العصور الوسطى.

- "ما النسبية.. مقدمة لأفكار آينشتاين وسبب أهميتها"، من تأليف جيفرى بينيت ومن ترجمة محمد فتحي.

لا يزال هذا الكتاب الذى ألفه صاحب النظرية النسبية ألبرت آينشتاين، ونشر عام 1946م، وأعيد طبعه بلغته الإنجليزية خمس عشرة مرة على الأقل، وترجم منذ نحو 40 عامًا من أفضل الكتب البسيطة عن النظرية النسبية الخاصة والعامة، وسبب ذلك أن صاحب النظرية يقدم فيه أسسها فى سهولة ويسر، ويتغلب فى براعة فائقة على تردد المتطبعين بالفيزياء الكلاسيكية فى الانفلات من الهندسة الإقليدية وما يصاحب ذلك من عدم القبول بالجديد.

طورت نتائج النظرية النسبية وتطبيقاتها المعرفة العلمية، وأوصلت غزو الفضاء وفك الكثير من أسراره، كما ساعدت على دراسة وتطوير نظرية الجسيمات الأولية والكثير من موضوعات الفيزياء الحديثة، كما أن التنبؤات التى طرحتها النظرية النسبية فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضى قد تحققت عن طريق العالمين أوبنهايمر وجورج جامو، وتم الكشف عن ذلك فى النصف الثانى من القرن العشرين.

- كتاب "سيوف مقدسة: الجهاد فى الأراضى المقدسة" من تأليف جيمس تراسون ومن ترجمه يعقوب عبد الرحمن.

يحكى تيرى جونز صراحة فى مقدمته الشيقة لهذا الكتاب عن المسكوت عنه فى سياسة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية فيقول: ومع ذلك، نحن نعرف كيف مضى الأمر، حينما اتخذنا صدام حسين عدوا، وفى المستقبل القريب يمكن أن تبحث صناعة السلاح المستقبلية فى إحلال الإسلام محل الشيوعية وذلك للتيقن من إبقاء الصناعة على قيد الحياة أصبح ما يطلق عليه "الحرب على الإرهاب" طوق النجاة للصناعات العسكرية، ولم يذكر أى من المعلقين تلك المصادفة المرتبة على أن يقوم التطرف الإسلامى بملء الفراغ التى تركته الشيوعية، ولم يذكروا أيضا كيف أن هذا الاستبدال المريح لابد وأنه قد قوبل بالارتياح التام فى دوائر صناعة الأسلحة، والتى هى كما افترض كانت تنكب سرًا وبدأب ومنذ عام 1990 على صب المزيد من الزيت على الخلاف المستعر بين الغرب والإسلام.

وربما كانت الرسالة الأكثر أهمية هى: كيف أجبر الهجوم المسيحى على الإسلام فى العصور الوسطى المسلمين على تشكيل آلة حرب أكثر كفاءة، حتى جاءت حقبة بيبرس فى القرن الثالث عشر، وقد أصبحت الدولة كلها، فى واقع الأمر فى يد الجيش المملوكى القوة الوحيدة المهيمنة، والأكثر من ذلك أنها كانت قادرة على إجبار المغول على العودة مدحورين.