رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد ورنيم.. فرحة غامرة بمذاق مصرى


قبل أن يطوى العام آخر صفحاته ليحملنا إلى عام جديد، ورغم الأحداث المتلاحقة والمتسارعة الحزينة والخطيرة فى بلدنا وفى منطقتنا العربية بشكل عام.
جاءنا خبران أثلجا صدور الشعب المصرى، وبثا فى قلوبنا فرحة غامرة كنا نتوق إليها.. ففى غمرة الأحزان التى نمر بها كنا نتمنى أى أخبار مفرحة، وفى غمرة الأزمات نروى النكات والقفشات. لأنها طبيعة متأصلة فى المصريين منذ الأزل.
ومع تواصل محاربة الإرهاب، وحزننا لسقوط شهداء من خيرة رجال مصر، ومع استمرار الحرب الشرسة لإضعاف مصر، ومع تحدى ترامب للعالم، وإعلان القدس الشرقية عاصمة لإسرائيل، مع موجة غضب تتصاعد ضده، ورغم أنه لا يأبه بكل ذلك.. ومع تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مشروع القرار المصرى برفض تغيير الوضع القانونى للقدس بغالبية، بينما تسبقه تهديدات أمريكية بعقوبات علنية لمن يصوتون مع مشروع القرار المصرى.
ومع تصاعد الأزمات الإنسانية، ومعاناة الشعوب العربية من جراء الإرهاب واشتعال حدة النزاعات المسلحة فى سوريا وليبيا واليمن، والتى خلّفت آلاف الضحايا، بينهم نساء وأطفال بلا رحمة.
ومع كل ما تواجهه الشعوب العربية من محن مستمرة منذ سنوات.. ومع الصمود المصرى الأسطورى فى وجه الإرهاب ضمن حرب شرسة تقودها دول معروفة بخططها الشيطانية المستمرة والمتغيرة- تظل مصر قوية بعزيمة شعبها وإيمانه برئيسه وجيشه وشرطته.
ومع استمرار مصر بكل عزيمة وإصرار فى مشروعات التعمير والبناء والتنمية من جهة، ومواجهة خونة الداخل والخارج من الجهة الأخرى بروح شعبها الصامد المخلص، والذى كشف كثيرًا من الأهداف المعادية فأحبطها، وقضى على أحلام العدو وجفف منابع تمويله.
ومع عام يوشك أن يطوى آخر صفحاته، لابد أن نحمل فى داخلنا آمالًا عريضة بالتقدم بمصر إلى الأفضل، وأن نحقق النجاح فى خطط التنمية وتوفير الغذاء ومواجهة ارتفاع الأسعار وتوفير فرص عمل، كذلك لا بد من دحر الإرهاب وتشجيع الاستثمار، وانتعاش السياحة وتطوير مجالى الصحة والتعليم.. وسط كل هذه المشاهد المتداخلة ورغم كل قضايانا ومشاكلنا والشائعات التى تبث والمؤامرات التى تُحاك.. فإننى متفائلة بخبرين يعكسان أملًا جميلًا فى قدرات شباب مصر.. إنهما قدوتان يحتذى بهما.. أيقونتان مصريتان.. تؤكدان أن مصر بخير رغم كل شىء.
وأتوقف بشكل خاص عند تركيبة شخصية كل منهما، لأنها هى ما استوقفتنى لأتحدث عنها وأشيد بها، بالإضافة إلى فوزهما الساحق فى المجال الرياضى.. فكل منهما يتحلى بالروح الوطنية والأخلاق الكريمة والسلوك الراقى المصرى الأصيل، ما يجعلنى أتحدث عنهما بكل تقدير رغم عدم معرفتى الشخصية بأى منهما، وهما يستحقان أيضًا كل آيات التكريم والحب.. والاحترام من المصريين.
أما الخبر الأول فهو يتعلق بفوز محمد صلاح، لاعب كرة القدم العالمى، ابن مصر البار الذى يتحلى بالأخلاق الكريمة والعزيمة الحديدية والروح الوطنية العالية والانتماء لأرض مصر الطاهرة.. حيث تم اختياره مؤخرًا أفضل لاعب كرة قدم فى إفريقيا، ورغم هذا لم يتباه بقدراته الرياضية الفذة، ولم يصبه الغرور، ولم يتغير على أهل بلده.. بل رد العرفان لوطنه حينما تبرع بمبالغ مادية كبيرة لصندوق «تحيا مصر».. وهو الآن لاعب فى فريق كرة قدم ليفربول الإنجليزى.. إنه شاب مصرى نفتخر به ويفتخر بمصريته وببلده.. حتى عندما يشارك فى أى مباراة عالمية.. نراه يقدم درسًا لا ينسى فى الوطنية والانتماء لمصر، ولا أنسى له ما حققه أمام العالم يوم أن أحرز هدف الفوز لفريقه.. حيث لم يبد أى علامات فرحة على وجهه، وقال حينها «تضامنًا مع شهداء مسجد الروضة بمصر».. رافضًا أى احتفال بالفوز إلى حين الأخذ بالثأر.. سلامًا لك يا محمد صلاح، لأنك رمز مصرى يحتذى به وخير سفير لبلدنا فى العالم.
أما الخبر الثانى الباعث على الفرحة والأمل، فهو خاص بفوز الرياضية المصرية رنيم الوليلى التى فازت مؤخرًا ببطولة العالم فى الاسكواش.. فلقد أدخلت الفرحة إلى قلوب المصريين مثلما فعل محمد صلاح.. رنيم شابة مصرية متزوجة، أثبتت جدارة وصلابة وبطولة فى مواجهة كل منافسيها.. رنيم أيضًا قدمت مثالًا مشرفًا للزوجة المصرية الأصيلة، بكل وفائها لزوجها ونبل أخلاقها فى مشهد رآه العالم كله.. فما إن تم الإعلان عن فوزها ببطولة العالم فى المباراة النهائية، حتى رأيناها تتوجه فى مشهد مؤثر إلى موقع زوجها فى مدرجات المتفرجين وتحتضنه حبًا فيه وعرفانًا له، كأى زوجة أصيلة ومتفانية لزوجها.. سلامًا لك يا رنيم، لقد أصبحت مثلًا يُحتذى به وخير سفيرة لبلدنا فى العالم.
إن كليهما نبت مصرى ووطنى أصيل.. كما نشأ كل منهما فى أسرة تستحق التقدير من كل مصرى، لأن أسرتيهما زرعتا فيهما الاجتهاد وحب الوطن والمثابرة والأخلاق الكريمة وإرادة النجاح.. إننا نخطو إلى العام الجديد حاملين بداخلنا آمالًا وطموحات عريضة بأن يكون عام خير وسلام وأمان فى كل ببت مصرى.. لكننا ندخل بفرحة غامرة وتفاؤل بأن لدينا فى مصر شابًا وشابة، هما قدوة لكل من يبحث عن قدوة يحتذى بها.
ليس حقيقة أن الشباب المصرى متمرد ومعارض وبلطجى وعنيف، كما يبدو فى مسلسلات وأفلام مصرية حالية.. إن مصر مليئة بشباب وطنى ومجتهد ومهذب وراقٍ ومتفوق وكفء ومحب للوطن.. ورغم كل هذه الإيجابيات يظل الأمل فى علاج بعض الشباب المغرر بهم لحاجتهم إلى رعايتنا وتشجيعنا وتوجيهنا ليحققوا النجاح والمعجزات التى حققها النجمان محمد صلاح ورنيم الوليلى.. وكل عام ومصر بخير وأهلها المخلصون بألف خير.