رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أهلا بإيران ونجاد في مصر ولا عزاء للأمريكان والصهاينة !!


انتظرت زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمصر كثيرا ، وانتظرت أكثر عودة العلاقات المصرية الإيرانية منذ سنوات طويلة لإصلاح ما أفسدته المخابرات الأمريكية والإسرائيلية منذ عام 1979.

نعم صدّروا إلينا نغمة الشيعة والسنة حتى يفرقوا بيننا إدراكا منهم أن الدين هو العنصر الأقوى والحاكم والمتحكم في مشاعرنا هنا .

نعم صدّروا لحكامنا الخوف والرعب من زوال عروشهم لو ظلوا على علاقة بطهران بعد تفجر الثورة الإسلامية على يد الإمام الخوميني .

بلعنا الطعم خاصة مع تسليم مصر لكل كروت اللعب إلى واشنطن وتل أبيب بعد توقيع إتفاقية كامب ديفيد وتصريح الرئيس السادات الشهير بأن 99 % من أوراق الحل مع إسرائيل في يد أمريكا .

وللأمانة من وجهة نظري جاء رد الفعل الساداتي بعد أن أدار العرب ظهورهم لمصر ،و قبل زيارة السادات للقدس بشهور بعد أن حوّلت الدماء المصرية في حرب أكتوبر آبار النفط العربي إلى مناجم للذهب وآلاف المليارات من الدولارات !!،

ورفض العرب مساعدة مصر الخارجة منهكة اقتصاديا من حرب إل 6 سنوات مع العدو ، وكانت أحداث 18 و19 يناير 1977 خير دليل على تفاقم الأزمة الاقتصادية .

واستمرت حلقات المسلسل الغربي الجهنمي لتصل بنا إلى الحرب العراقية الإيرانية ليتم استنزاف القوتين الأكبر في المنطقة ، ويستمر مسلسل زرع الكراهية بين المصريين وإيران .

المهم أدركت عن قرب وأنا أزور إيران منذ شهور قليلة بشاعة الأكذوبة الغربية بعد رؤية مدى عشق الإيرانيين لمصر حكومة وشعبا :-

• الحكام والأئمة الشيعة يتيهون عشقا بمصر، ووصل الحب بالرئيس نجاد إلى إعلانه صراحة عن أمنيته زيارة القاهرة بعد ثورة 25 يناير والعمل في رصف شوارعها وتشييد منشأتها واحتضان شعبها .

• ولأن العشق رايح جاي فمن العشق الإيراني لمصر هناك عشق آخر من أهل النيل لأهل فارس :-

منذ قديم الأزل تربينا ثقافيا على الأدب الفارسي الذي كان نبعا ثريا للثقافة العربية ، من ألف ليلة وليلة إلى كليلة ودمنة الى رباعيات الخيام وما بينهما وما بعدهما ، سواء كان ابداعا فارسيا خالصا او مترجما لنا عبر اللغة الفارسية القديمة ... الخ

من منا لا يذكر أسماء الرُّودَ كي الذي يُلقَّب بـ«أبي الشعر الفارسي»، ، والفردوسي صاحب «الشاهنامه» أو «كتاب الملوك» والشاعر الصوفى فريد الدين العطار، ، وجلال الدين الرومي الذي يُعتبر أعظم شعراء الحب الإلهي ، وسعدي الشيرازي صاحب «البستان» ، وحافظ شيرازي الذي يُعدّ أعظم شعراء الفرس الغنائيين ، وعمر الخيام الذي اشتهر برباعياته التي ترجمت إلى معظم لغات العالم،و نظامي الذي يُعتبر أعظم الشعراء الرومانتيكيين في الأدب الفارسي

ومن الأدب والشعر إلى الموسيقى والعمارة والخط الذى اطلق عليه الخط الكوفى الى العلم حيث ساهم علماء فارس في إثراء مسيرة العلم الإنساني ليكتبوا بأسمائهم العديد من الاكتشافات والاختراعات ،

بل إن الإسلام اكتسب بعض عنفوانه وقوته من دخوله هناك واعتناق أهل فارس له مثلما حدث في مصر ، فظهر الالآف من الفقهاء والعلماء الذين أناروا صفحات كثيرة من الحضارة العربية والإسلامية .

وأنا كمصري شعرت بفخر وأنا أزور إيران وهى الدولة الوحيدة التي تمنيت الإقامة فيها لعدم شعوري بالغربة فيها..من جهة،

ولأنني عشقت التحدي الظاهر هناك لإقامة بنيان دولة متقدمة ، صناعيا وزراعيا واقتصاديا على مرتكزات حضارية لا توجد في بلاد كثيرة ... هناك: -

* لم أجد خياما سوداء في الشوارع تتخفى وراءها النساء ، بل وجدت حوريات من الجنة دون ابتذال !!

* لم أجد ذقونا وجلابيب قصيرة ووجوه مكفهرة على عقول متحجرة .

* لم أجد شيوخا متشددين في المساجد أو داخل المرجعيات الشيعية ، بل وجدتهم يحبون الفن ويدعون إلى الفكر والتأمل ، بعقل رحب غير متحجر .

*وجدتهم يحترمون من يقدس النار ولا يتهمونهم بالكفر والزندقة ، ولا يستبعدون اليهود والمسيحيين من المشهد بسبب الدين !!.

باختصار بيننا وبينهم جسورا أزلية لا يمكن قطعها ، حتى ولو نجح البعض في وضع بعض السحاب والغيوم فوقها والألغام في طريقها .

نعم هناك علاقات مصاهرة ودم على المستويات الشعبية والرسمية ومنها زواج شاه إيران السابق بأخت الملك فاروق ، الخ.

لكن تبقى العلاقات الثقافية والسياسية والدينية بل والاقتصادية وهى اللغة التي لا يقبل سواها البعض هي المرتكز الأكبر بعد أن أيقن الجميع خطورة وفساد المخطط الأمريكي الإسرائيلي في إبعاد القاهرة عن طهران .

مثلا يمكن أن تستفيد مصر من الناحيتين الاقتصادية والدينية من زيارة ملايين الإيرانيين إلى مزارات آل البيت عندنا ، ويمكن أن تتحول القاهرة إلى كعبة للشيعة ، يكون لها المردود الديني اللانهائي والشعبي اللا محدود ، بالإضافة إلى مليارات الدولارات المتوقعة من هذه السياحة الدينية .. تضاف طبعا إلى أنواع السياحة الأخرى لأنهم قوم حضارة .

وأقول لمن يصدق الدعاية الصهيونية بالخوف على مصر والإسلام السني من الشيعة أقول لهم هذه أكاذيب لشق الصف ، لأن ما يجمع المذهبان أكثر مما يفرقهما وكفى للاستشهاد فتوى شيخ الأزهر الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت الذي ساوى فيها بين أهل السنة والشيعة معتبرا الفروق المذهبية ثانوية لا تمس جوهر العقيدة .

وبعيدا عن فتوى الشيخ شلتوت تناسى الكل صفحات التاريخ التي تذكر أن مصر بدأت شيعية وانتهت سنية ، وإيران بدأت سنية وانتهت شيعية .

فمنذ دخول الإسلام إلى إيران في بداية القرن العاشر الهجري (16 الميلادي)، غلب الفكر السني إلى قيام الدولة الصفويّة باستثناء دولة آل بوية. وبعده ترسخ المذهب الشيعي منذ 1501م، أي منذ خمسة قرون من الزمان فقط .

بل وكان المذهب الشيعي أحد مظاهر المقاومة الإيرانية للاحتلال العثماني الذي حاول فرض المذهب السني كغطاء ديني لهيمنة واحتلال عسكري بغيض .

وفى مصر استقبل أهلها بترحاب آل بيت رسول الله واحتفى بهم إلى درجة التقديس الشعبي ، ولا تجد شبرا في أرض مصر إلا وتجد حب وأثر آل البيت في القلب والبشر والحجر ، فوق الأرض وتحتها ، وفى الوجدان والواقع .

وبحب آل البيت كدنا أن نكون شيعة ،

وتاريخ دخول الإسلام مصر يذكر أن الإسلام لم يصبح الدين الأول ، واللغة العربية هي الرسمية إلا بعد مرور نحو قرنين من الزمن ، أي بدخول الفاطميين إليها وبناء قاهرة المعز ليبزغ فجر أول دولة شيعية في التاريخ ، ويكون الأزهر منارتها العلمية والفقهية .

يعنى مصر بدأت شيعية، وأزهرها بزغ شيعيا حتى جاءت الدولة الأيوبية التي ألبست مصر الرداء السني وحوّلت أزهرها لمنارة الفقه السني .

ومع ذلك تمسك المصريون بحبهم لأهل الرسول وبنوا لهم الأضرحة والمقامات والمساجد ونازعوا أهل المشرق والمغرب في حبهم ليفوزوا بالحسين والسيدة زينب ومئات الصحابة ، حتى وإن لم يزوروها !!

ولم يتخل الأزهر عن أساسه الشيعي فجعل قاعات الدرس فيه تزدان بمذاهبه إلى جانب أئمة المذهب السني ، ليكون بحق منارة فكرية وعلمية للإسلام بكل مذاهبه وأئمته ، فرقة وشيعة .

و على فكرة كان تمسك المصريون بالهوى الشيعي نوعا من المقاومة الشعبية للاحتلال العثماني السني المذهب

يعنى قاوم الإيرانيون الاحتلال العثماني بحب آل البيت !!

*باختصار مصر سنية المذهب وشيعية الهوى ،

وإيران شيعية المذهب وسنية المنشأ

• ولمن يرددون مزاعم الغرب بأن الخطر على العرب قادم من طهران وليس من إسرائيل أقول :-

أواصرالدم تجمعنا والدين يوحدنا والمصير المشترك هدفنا .

وصراعنا مع إسرائيل صراع وجود أما صراعنا مع إيران قد يكون تنافس يمكن تطويره إلى تعاون ، وهذا لا يمكن أن يتم مع العدو الإسرائيلي .

أعود لزيارة نجاد ولمن يلوحون بأن تأثيرها ضار على العلاقات مع الخليج أقول :-

مصر فقط التي تقطع علاقتها مع إيران ، وعلى سبيل المثال : دولة الإمارات التي تحتل إيران 3 جزر منها هي الدولة العربية الوحيدة التي ترتبط بخطوط طيران منتظمة وكل دول الخليج في مقدمتها الإمارات ترتبط بعلاقات اقتصادية تصل إلى مئات المليارات من الدولارات ، والعملات تجدها في كل مكان ، والزيارات الرسمية والشعبية لا تنقطع ، وأواصر الدم قوية .. الخ .

يا الله ... كل ذلك والبعض يروج هنا وهناك إلى ضرورة استمرار القطيعة بين أكبر عاصمتين حضاريتين في المنطقة .

بين أكبر شعبين ، عددا، وكيفا ،

نحو 90 مليون في كل بلد وخبرات فنية وتقنية وثروات بشرية وطبيعية لا حدود لها

إذا توحدت

بزغت قوة كبرى لا يستهان بها في إعادة صياغة الشرق الأوسط من جديد بأيد عربية إسلامية، مصرية إيرانية .

لذلك يكون تخوف الغرب وإسرائيل مبررا

لكن لا أجد للتخوف الخليجي مبررا إلا لتنفيذ أجندة غربية أمريكية

أو خوفا على عروشهم من الاهتزاز أو الزوال

ولم يكن غريبا أن تظهر إسرائيل مخاوفها من هذا التقارب ، تارة برمي بعض كرات اللهب والفتنة مثل اختلاف الموقفين من النظام السوري ، أو التلويح بالغضب الغربي الأمريكي من اختراق مصر للحصار الإيراني تكون نتيجته توقف الدعم السياسي والاقتصادي عن الرئيس مرسى .

لذلك أقول أن ما يجمع بيننا أكثر من أوجه الخلاف بيننا .

لنستفيد من اختلافاتنا بتوزيع الأدوار ، حتى لا نضع كل كروت اللعبة في يد الأمريكان كما فعل السادات من قبل

لتكن إيران مع الأسد ونحن مع الشعب ، لنصل إلى حل يحفظ لسورية وحدتها ويضمن للشعب حريته ويخيف إسرائيل دائما من وجود حزب الله حتى لا تتجرأ على لبنان مرة أخرى.

لماذا لا ننوع علاقتنا مع الجميع دون أن نكون مخلب قط لأحد :-

تركيا على سبيل المثال عضو في حلف الأطلنطي وعلى علاقة جيدة بإيران وإسرائيل وأمريكا والعرب

كلهم في آن واحد ،

في ذات الوقت تقدم تركيا نموذجا عصريا للإسلام ،

وتقدم إيران نموذجا آخر للتحدي في التقدم

لماذا لا نقدم نحن نموذجا مصريا يجمع بين الإسلام العصري في تركيا وإسلام التحدي في إيران

باختصار نقدم مصر الحقيقية .

ونعيدها إلى سابق عهدها

قديما حين سادت العالم بالعلم والحضارة

وحديثا عندما غيرت بثورتها وجه العالم الثالث

أخيرا أقول في طهران قابلت شبابا وشيوخا من الناس العاديين عندما عرفوا أنني مصري كادوا أن يرفعوني من فوق الأرض حبا لمصر وأهلها وعشقا لنيلها وأهراماتها وناصرها !!

لذلك أقول للرئيس الإيراني أحمدي نجاد مرحبا بك في قلوبنا وزيارتك تأخرت كثيرا .

وأقول للرئيس مرسى إعادة العلاقات مع إيران إلى أصلها قد يضخ الدماء في شرايين الحكم في مصر ويعطيه قبلة الحياة لأن الشعب يريد إعادة العلاقات مع إيران .

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.