رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماراثون الثانوية.. والواقع المرير للتعليم


بعد أسابيع قليلة تبدأ امتحانات الثانوية العامة التى تمثل رعبًا للطلاب وأولياء أمورهم وتكشف عما يكتنف نظامنا التعليمى من مشكلات وأزمات أدت إلى تردى المنتج فى النهاية.

ورغم كل محاولات تطوير منظومة التعليم إلا أنها لم تؤد إلى إصلاح جذرى لنظامنا التعليمى لأن كل هذه المحاولات لا تطبق بشكل حقيقى على أرض الواقع ولا أكون مبالغًا إن قلت أنها تبقى حبرًا على ورق.

وأزمة «الدروس الخصوصية» التى تعانى منها كل الأسر المصرية ناتجة فى الأساس عن غياب التعليم داخل أغلب مدارسنا.. فالطلاب لا يذهبون إلى مدارسهم من الأساس وإن حضروا لا يجدون المعلمين.. ومشكلة غياب التعليم داخل المدارس أصبحت ظاهرة بسبب انعدام الرقابة من وزارة التربية والتعليم، واكتفى المعلمون بالمطالبة بزيادة أجورهم رغم أنهم لا يقومون بأداء دورهم داخل الفصول.. وبالطبع هناك معلمون ينحتون فى الصخر لأداء رسالتهم داخل المدارس ولكن «تردى منظومة التعليم» لا يساعدهم على أداء مهامهم وتحولوا إلى «استثناء».

وفى مدارسنا أيضا غابت «التربية» وبدلًا من أن نطالع أخبار المدارس فى صفحات التعليم أصبحنا نقرأ يوميًا فى صفحات الحوادث بالصحف أخبارًا يندى لها الجبين، وتعبر عما وصلت إليه أغلب مدارسنا من انحدار أخلاقى غير مسبوق، فنجد عناوين لأخبار من نوعية «مدرس يتحرش بطالبة» وآخر يستدرج طالبًا أو «مشاجرة بين مدرس وزميله».

وفى زمن «اللا معقول» تحولت وزارة التربية والتعليم إلى وزارة للتجريب، وأصبح الشغل الشاغل للقائمين عليها وضع برامج لتطوير التعليم ومن كثرتها تشتت عقل الطلاب وبالتالى لم تؤد هذه البرامج إلى نتيجة حقيقية لأن الهدف منها هو «الشو» بعيدًا عن نية «الإصلاح الحقيقى»، فمنذ أن تفتح وعينا ونحن نقرأ عن تطوير «منظومة التعليم » وفى القلب منها «الامتحانات» وتمر الأعوام ولم يتغير منها شىء بل شهدت تراجعًا غير مسبوق جعل البعض يتحسر على «الأيام الخوالى».

وحتى الجامعات انتقل إليها فيروس «غياب التعليم» وتحولت مدرجات الجامعة إلى «أماكن» لبث أنماط «الحفظ والتلقين» وغاب البحث والابتكار.. ولو بعث «أحمد لطفى السيد» مؤسس الجامعة المصرية لمات كمدًا مما آلت إليه «الجامعات المصرية» التى كانت نشأتها حدثًا بالغ الأهمية وساهمت فى نشر التنوير فى ربوع مصر.

ولم يعد مستغربًا نتيجة لغياب التعليم فى أغلب مدارسنا وجامعاتنا أن نجد جامعيًا يخطئ فى الإملاء.. أو رسوب كل من تقدموا لاختبارات وزارة الخارجية، وإصلاح منظومة التعليم ليس أمرًا مستحيلًا ولكن يحتاج إلى تضافر جهود الحكومة والبرلمان لإصدار قوانين وتشريعات تنظم العمل بالمدارس والجامعات بدلًا من تركها تؤدى دورًا بيروقراطيًا أضراره أكثر من فوائده.