رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإدارية العليا: لا يجوز للداخلية التسجيل الجنائى للشباب

مجلس الدولة
مجلس الدولة

أكدت الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا، أنه لا يجوز للداخلية التسجيل الجنائى للشباب الكادح العفيف الباحث عن لقمة العيش بطريق شريف.

وألغت المحكمة قرار الداخلية بإدراج اسم شاب فى السجل الجنائى بتهمة سرقة أجهزة كمبيوتر بفندق موفنبيك بمدينة الانتاج الاعلامى، ثبت أن الشاب- باعتراف مدير الفندق- لم يتواجد بالفندق يوم السرقة، وكانت محكمة جنح 6 أكتوبر حكمت بحبس السارق الحقيقي.

وقضت المحكمة، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وسامى درويش، نائبى رئيس مجلس الدولة، بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من وزارة الداخلية طعنا على حكم القضاء الادارى بإلغاء إدراج اسم أحد الشباب العاملين بفندق موفنبيك بمدينة الانتاج الاعلامى وألزمتها المصروفات.

وقالت المحكمة أنه إذا كان من واجب الداخلية حفظ الأمن وتعقب الخارجين عليه والساعين إلى تكدير النظام العام، وأن تتخذ من الإجراءات ما ييسر لها سرعة التعرف على من اعتاد ارتكاب جرائم بعينها ومن تخصص فى سلوك إجرامي بذاته أو نشاط جنائي بعينه ويكون لها تسجيل هؤلاء في سجلات محددة وترصد بياناتهم وما يتعلق بالجرائم التي ثبتت فى حقهم على أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بها، إلا أنها فى هذا السبيل لا يجوز لها التضحية بأصل البراءة المشار إليه والذي تكفله القواعد الدستورية ولا يقبل منها أن تشوه الأهداف المرجوة من تلك التدابير بإساءة استخدامها أو بالإنحراف عن أغراضها، ويتعين على وزارة الداخلية أن تناغم بميزان دقيق بين حقها فى اتخاذ إجراءات المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاث الأمن، والصحة، والسكينة، وبين حقوق المواطن وحرياته وفى مقدمة ذلك أصل البراءة المفترض فى كل إنسان فلا تجرى ذلك التسجيل الجنائي لشخص برئ لم يحكم القضاء بإدانته، ولا أن تجعل مجرد الاتهام أصلاً يستوجب التسجيل .

واضافت المحكمة إن صحيفة الحالة الجنائية تعتبر بمثابة شهادة ببيان الأحكام الجنائية المسجلة بمصلحة تحقيق الأدلة الجنائية، وهى تختلف عن نظام التسجيل الجنائى الذى تنظمه قواعد إدارية متطورة تصدر عن قطاع مصلحة الأمن العام (الإدارة العامة للمعلومات والمتابعة الجنائية)، حيث تقتصر صحف الحالة الجنائية على الأحكام الجنائية الصادرة فى الجنايات والجنح، فى حين أن التسجيل الجنائى أو ما يطلق عليه "كارت المعلومات الجنائية" يشمل الاتهامات بغض النظر عن نتيجة التحقيق أو الحكم الصادر بها، ويلزم أن يكون التسجيل الجنائى قاصراً فى التعامل على الجهات الداخلية المعنية بوزارة الداخلية بينما صحيفة الحالة الجنائية يطلبها من يشاء من المواطنين بعد سداد الرسوم المقررة لتقديمها إلى الجهات الإدارية التى تستلزم تقديمها ضمن أوراق الحصول على بعض الخدمات أو التقدم لبعض الوظائف.

وأوضحت المحكمة أن الثابت بالأوراق، أن المطعون ضده أُتهم فى القضية رقم 291 لسنة 2003 جنح قسم أول 6 أكتوبر الجيزة بسرقة أجهزة كمبيوتر بفندق موفنبيك بمدينة الانتاج الاعلامى بمدينة السادس من أكتوبر، وتم تسجيله بوحدتى البحث الجنائى والحاسب الاَلى بوزارة الداخلية بناء على هذا الاتهام، والثابت بالأوراق على نحو ما تضمنته صورة المحضر رقم 291 لسنة 2003 جنح قسم أول 6 أكتوبر أن السيد جمال على محرم، مدير أمن الفندق المذكور، أدلى بأقوال جديدة بالمحضر المذكور وأقر فيه أنه قد تبين له عند مراجعة دفاتر الفندق يوم الواقعة 8/1/2003 أن المطعون ضده كان غير متواجد بالفندق يوم السرقة.

أيد ذلك أن محكمة جنح 6 أكتوبر أصدرت حكمها فى القضية رقم 291 لسنة 2003 بجلسة 15/2/2003 بحبس السارق الحقيقى المدعو وليد أحمد أحمد على، الذى خفف الحكم عليه بالاستئناف رقم 4894 لسنة 2003 مستأنف الجيزة بتعديل الحكم بحبس السارق المذكور شهرين مع الشغل والمصاريف، وعلى هذا النحو فإن المطعون ضده لم تثبت إدانته فى القضية المذكورة ويكون إدراج اسمه ضمن المسجلين جنائياً باعتباره متهماً فى تلك القضية إنما يخالف الواقع ويخل بحقه الدستوري في التمتع بأصل البراءة طالما لم يثبت إدانته بحكم قضائي .

واختتمت المحكمة حكمها الصادر لصالح الشباب المكافح أن استمرار تسجيل اسم الشاب يجعله محل شبهة من جانب جهة الإدارة القائمة على الأمن العام على وجه ينال من حريته الشخصية ويؤثر على سمعته ومستقبله وأقاربه وذويه، خاصة وأنه من الشباب الكادح العفيف الباحث عن لقمة العيش بطريق شريف, ويتعين محوه حتى لا يظل سيف الاتهام عن تلك القضية عالقاً به إلى ما لا نهاية مما يخالف الفطرة السليمة للإنسان، ومن ثم فإن استمرار جهة الإدارة في تسجيل تلك القضية أمام اسمه وامتناعها عن محوها من سجلاتها وأجهزتها يشكل قراراً إدارياً مخالفاً لأحكام الدستور والقانون .