رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معايير اختيار الوزراء.. ودور البرلمان الغائب


قد يبدو العنوان بعيدًا عن سياق الأحداث، فلسنا فى أجواء التعديل الوزارى، كما لم تظهر فى الأفق أى بوادر تشير إلى قرب «تغيير الحكومة».. ولكن الأزمات المختلفة التى تضرب أغلب القطاعات تدفعنا إلى طرح هذا التساؤل، والذى يتبلور ويدور حول أسس اختيار الوزراء، وهل يوجد لدينا فى مصر مثل هذه الأسس والتى تطبق فى دول أخرى بكل شفافية وموضوعية؟

ومن الطرائف المبكية، والتى توضح أننا نفتقد وجود معايير واضحة لاختيار الوزراء، أنه أثناء تشكيل إحدى الحكومات فى عهد الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» تم ترشيح عدة أسماء لتولى منصب وزارى ما، واستقر الشخص المكلف بتشكيل الحكومة على أحد هذه الأسماء، واتصل به مكتب رئيس الوزراء لإبلاغه بأنه وقع عليه الاختيار فى المنصب الجديد، وكان الرجل مشغولًا ولم يرد على هاتفه وفشلوا فى التواصل معه، وحينها اختار المكلف بتشكيل الحكومة شخصا آخر لتولى الوزارة كان من حسن حظه أن رد على هاتفه!!.

وكذلك تردد أن وزير الزراعة السابق «عصام فايد» تم اختياره للمنصب الوزارى فى سياق متقارب من المشهد السابق، حيث تم إبلاغ أحد أساتذة كلية الزراعة بجامعة القاهرة لتولى المنصب الوزارى، وبالفعل ذهب الرجل- حسب الروايات- إلى مقر مجلس الوزراء، وفى اللحظات الأخيرة تم استبداله بالدكتور عصام فايد، الأستاذ بزراعة عين شمس.

وللأسف الشديد فإن هذه الوقائع وغيرها بالإضافة إلى مجريات الأمور تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أنه لا توجد لدينا أسس أو معايير موضوعية لاختيار الوزراء، وأن الأمر يخضع للعوامل الشخصية ومنطق الصدفة، ولذلك افتقدنا مفهوم «الوزير السياسى»، وليس بعيدًا عنا الموقف الذى تعرض له وزير التربية والتعليم السابق الدكتور «الهلالى الشربينى» الذى لم يتعامل بحرفية مع ما قاله «إياد مدنى»، الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامى.. وانتظر ردًا من وزارة الخارجية رغم أن ما قاله «مدنى» كان فى مؤتمر حضره الوزير السابق.

فى السياق ذاته، فإن مجلس النواب لا يقوم بدوره على الوجه الأمثل فى إطار ما كفله الدستور والقانون من استخدام أدواته الرقابية لمتابعة أداء وزراء الحكومة ومواجهة السلبيات.

وبالطبع لا يمكننا أن نحمل الحكومة الحالية وزر عدم وجود معايير واضحة لاختيار الوزراء، لأننا نفتقد وجود مثل هذه المعايير منذ عشرات السنين.. وأدعو المهندس «شريف إسماعيل»، رئيس الوزراء، لوضع مثل هذه الأسس لنضمن أداءً متميزًا للحكومة ولتختفى من قاموسنا مقولة إن من يقع عليه الاختيار لمنصب وزارى يفقد «نصف عقله» عند دخول الوزارة «من الفرحة» ويفقد النصف الآخر عند خروجه منها من «الصدمة».. وأملى أن نرى فى القريب العاجل معايير واضحة لاختيار الوزراء، تقوم على أسس موضوعية بعيدًا عن «الاعتبارات الشخصية».