رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بريطانيا والإرهاب


فى جلسة مجلس الأمن التى عقدت يوم 10 أبريل، من أجل اتخاذ قرار بإدانة سوريا فى ضرب المدنيين بالغازات المحرمة دوليًا، اتهم المندوب الروسى بريطانيا بأنها تؤوى إرهابيين متهمين بتفجير الكنائس فى الشرق الأوسط، فى إشارة إلى التفجيرات التى وقعت بمصر يوم 9 أبريل 2017.



والواقع أن المندوب الروسى لم يبتعد كثيرا عن الحقيقة باتهامه بريطانيا، لأنه من المعروف أن لبريطانيا تاريخا طويلا، بإنشاء الإرهاب فى الشرق الأوسط، وفى مصر تحديدًا.

لن نتحدث عن دور بريطانيا فى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين وتبرعها لمؤسسها بمبالغ مالية كبيرة لمزاولة الأنشطة الإرهابية التى يريدها.

ولكن سأتحدث عن الفترة التى «اكتوت» فيها مصر بنيران الإرهاب.. وهى فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى. حيث كانت توفر ملاذًا آمنًا للإرهابيين الذين ينفذون عملياتهم فى مصر، ويهربون إلى لندن.

ففى عام 1995 حذر اللورد البريطانى ونستون تشرشل-حفيد الزعيم البريطانى ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطانى الأسبق الذى قاد بريطانيا إلى النصر فى الحرب العالمية الثانية، من النشاط المتنامى للجماعات الإرهابية فى بريطانيا..وخصوصًا نشاط حزب التحرير الإسلامى، الذى بدأت قواعده تظهر فى بريطانيا.

وكان مؤسس حزب التحرير المصرى عمر بكرى فى بريطانيا، قد أجرت معه مجلة اليقظة الكويتية حوارًا صحفيًا فى يناير عام 1995، تحدث فيه عمر بكرى بجرأة منقطعة النظير وقال: لدينا طموح بإعلان الخلافة الإسلامية من أوروبا، ونأمل فى سيطرة الإسلام-كنظام حياة-فى المجتمع الأوروبى فى العلاقات الاجتماعية والسياسية، مقتنعًا بأن الإسلام هو النظام العالمى الجديد والقديم.

حزب التحرير تأسس فى عام 1953 بمعرفة القاضى «تقى الدين البنهانى» فى القدس، بعد انشقاقه أو تركه للإخوان المسلمين المصريين الذى تتلمذ على أيديهم خلال إقامته فى مصر للدراسة بالأزهر الشريف، فيما يرى آخرون أنه تعرف على مرشد الإخوان حسن البنا وعاشر الجماعة ولكنه لم ينضم إليها، ومن كوادره الفلسطينى صالح سرية، الذى أسس تنظيم الجهاد فى مصر، وكانت أولى عملياته، هى عملية الكلية الفنية العسكرية عام 1971، ومن عباءة هذا الحزب خرجت كل التنظيمات الجهادية فى مصر وتونس وليبيا، وبعد وفاة مؤسس الحزب عام 1977 خلفه عبدالقادر زلوم، ويهدف الحزب إلى إعلان دولة الخلافة الإسلامية فى سوريا والأردن والعراق.

وفى عام 1985 تأسس حزب التحرير الإسلامى فى بريطانيا على يد عمر بكرى محمد-سورى الأصل-والذى هاجر عام 1985 إلى لندن وأقام فيها بصفته لاجئًا سياسيًا، وكان نائبه فريد قايم الفلسطينى، وكانا يصدران معا نشرة شهرية تحت عنوان «الخليفة»، ونشرة أخرى بعنون «الفجر».

وفى مطلع التسعينيات قدرت أعداد كوادر حزب التحرير فى بريطانيا بحوالى 300 عضو، ويقوم بنشر تعاليمه بين العرب الذين يدرسون فى بريطانيا وينتمون لجنسيات أجنبية وآسيوية، وتحظى أفكار الحزب بقبول شديد بين أوساط الطلاب الباكستانيين، ويشبه تهافت الطلاب البريطانيين على أفكار حزب التحرير الإسلامى، تهافت الطلاب فى الخمسينات والستينات على الفكر الماركسى والأحزاب الماركسية.

وقد امتد نشاط حزب التحرير ليشمل غرب القارة الأوروبية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ومن تلك الدول انطلقت قوافل المساعدات والمساندة إلى الحركات الإسلامية المحظورة فى شمال إفريقيا، كما توسع نشاط الحزب ليشمل اليونان فى أوساط الشرائح السكانية من أصول تركية مسلمة. وقد استغل هؤلاء انفتاح الثقافة الأنجلوساكسونية، والتزام بريطانيا باحترام أدبيات اللجوء السياسى، وتسامح السلطات البريطانية مع حريات المقيمين فى بريطانيا.