رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أجل قانون تأمين صحى اجتماعى شامل وعادل «1»


أطلقت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة منذ عدة أيام حملة «من أجل قانون تأمين صحى اجتماعى شامل وعادل» مع دعوة كل المنظمات الجماهيرية من أحزاب ونقابات ولجان شعبية وجمعيات وغيرها من منظمات العمل الأهلى للمشاركة فى هذه الحملة، وذلك بمناسبة الإعلان عن أن مشروع قانون التأمين الصحى الأخير على وشك الدخول إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره.

لذا سنتناول فى هذا المقال حق المصريين فى التأمين الصحى الاجتماعى الشامل وفقا للدستور: «لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل»، هذه هى الفقرة الأولى من المادة 18 فى الدستور المصرى، الذى أجمع عليه المصريون فى يناير 2014، وأقسم عليه كبار المسئولين فى مصر من رئيس الجمهورية إلى الوزراء والمحافظين وأعضاء مجلس النواب.

الحق فى الصحة والرعاية الصحية المتكاملة هو حق المواطن فى الوقاية والعلاج والتأهيل، فهذا حق من حقوق الإنسان، وفقا لكل الدساتير والمواثيق والاتفاقات والمعاهدات الدولية، والتى هى جزء من هذا الدستور، والذى نصت المادة 93 منه على: «تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة».

نريد تفعيل وتطبيق الدستور عن طريق أعضاء مجلس النواب بتحويله إلى قوانين مع متابعة ومراقبة الحكومة فى تنفيذ تلك القوانين. من أجل هذا أطلقت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة الحملة، لأن مشروع قانون التأمين الصحى المقدم حاليا والمعروف بمسودة 17 نوفمبر 2016 يتناقض فى عدد من أهم مواده مع حقوق المواطن فى العلاج الواردة فى الدستور.

إن وصول وإتاحة الخدمة الصحية لجميع أنحاء مصر واجب، خاصة فى الكفور والنجوع والقرى والمحافظات الحدودية، والتى تبعد فى بعض الأحيان الخدمة الصحية عن المواطنين عشرات الكيلو مترات. وإذا توفر المكان لا نجد البشر الذين يقومون بتقديم الخدمة نظرا لنقص فى الموارد البشرية الطبية من أطباء وتمريض، الذين لا يحصلون على دخل عادل أو مكان لائق للإقامة فى هذه الأماكن النائية.

سأعطى مثالا لما أقول: منذ ثلاث سنوات كنت مدعوة من إدارة المرأة بالهيئة العامة لقصور الثقافة لحضور مؤتمر خاص بالتحديات، التى تقابل المرأة فى المحافظات المهمشة والحدودية. عرفت من خلال المناقشات أنه فى إحدى الواحات التابعة لمحافظة مرسى مطروح تبعد أقرب وحدة صحية خمسين كيلو مترا، وأنه لا توجد طبيبة نساء وتوليد لأن تقاليد تلك المناطق لا تجعل المرأة تكشف إلا لدى طبيبة.

المشكلة التى تثيرها الحكومة هى نقص التمويل، بينما تنص المادة 18 فى الفقرة الثانية: «تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية»، وبالمناسبة تدور المعدلات العالمية حول 6%. وبالرغم من هذا النص نجد أن فى موازنة 2016- 2017 لم تزد على 1.9% بالمخالفة الصريحة للدستور وتقود إلى تخلى الدولة عن تقديم خدمة صحية متكاملة ولائقة.

بالله عليكم كيف يمكن تقديم خدمة صحية لائقة بأقل من ثلث المعدل العالمى للإنفاق على الصحة؟ كيف نستطيع تطوير المستشفيات وكل أماكن الرعاية الصحية من حيث الأبنية والمستلزمات الطبية والأدوية والأجهزة الفنية والمعامل، وفقا لمعايير الجودة العالمية؟ كيف يمكن بهذه الميزانية توفير دخل عادل للعاملين بالقطاع الصحى يكفل لهم حياة كريمة مثلما تنص المادة 18 من الدستور: «تلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى».

لم تنص المسودة الحالية لقانون التأمين الصحى على التزام الدولة بإنفاق 3% على الأقل من الناتج القومى الإجمالى على الصحة رغم وجودها فى النسخة السابقة من مسودة القانون. لذا تطالب الحملة بأن يتضمن القانون النص على النسبة الدستورية فى الإنفاق الصحى.. وللحديث بقية.