رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رجل عجوز صدق أسطورة التغيير فى الصحافة «1»


أنا عن نفسى صدقت الأسطورة، لم أكن أعرف يحيى قلاش بالشكل الكافى، لكنّ كثيرًا من الدلائل والوقائع تشير إلى أنه غير مداهن أو مُدلس، كما أنه نظيف اليد والجيوب بلاشك، ولأننى صديق للناصريين فقد غفرت له ناصريته المعتدلة وأعلنتُ مساندته رغم أن مصالحى الخاصة كانت مع منافسه «ضياء رشوان»، الذى يمتلك كل مواصفات «يحيى» وأكثر ويعرفنى وأعرفه، ورغبة فى التغيير وتجريب نقيب جديد توكلتُ على أساطيرى وأفكارى وأبلغت الصديق «ضياء رشوان» بموقفى صراحةً، فضحك وقال مجاملًا:

«إنت بالذات تعمل اللى إنت عايزه»، ونجح يحيى نجاحًا كبيرًا فى انتخابات 2015، وكانت النقابة وقتها فى صراع خفى مع «رجال الأعمال» من ملاك الصحف الذين ابتدعوا بوابة خلفية اسمها «غرفة صناعة الإعلام»، التى اعتبرتها كارثة تحتاج جراحًا ماهرًا، وراهنتُ على «يحيى قلاش»، لكننى فوجئت به يلتقى بهم ويلتقط الصور بجوارهم أكثر من لقاءاته بالزملاء المتعثرين فى الصحف، الذين يتعرضون لقهر رجال الأعمال من ملاك هذه الصحف! ثم وجدتُ السيد «كارم محمود»، عضو المجلس وصديق «يحيى قلاش»، يعمل فى منصب كبير بصحيفة «التحرير»، ورأيته يشارك فى ذبح محررى الصحيفة التى ابتدعت نظرية «تشريد الصحفيين» وأقامت أول مذبحة بعد ثورة يونيو لكثير من الزملاء الذين مازالت دماؤهم تسيل حتى اليوم!!.

مضى كل ذلك بشكل مؤلم بالنسبة لى وراهنت على تغييره بمخاطبة «يحيى قلاش» والجلوس إليه، وأبلغت الصديق «محمود كامل» عضو مجلس النقابة الشاب والأقرب إلى قلبى بامتعاضى «حلوة امتعاضى» من تصرفات النقيب والسيد كارم محمود مقرر لجنة المعاشات.

وجاءت كارثة اقتحام نقابة الصحفيين لتجرف كل ذلك الامتعاض والتحفظات، وفى الرابعة صباحًا كنتُ على أبواب نقابة الصحفيين فور العلم بخبر اقتحامها والقبض على اثنين احتميا بحصانتها، لم أجد عددًا كبيرًا، وإن كنت لا أنسى وجود الزميلة «نادية مبروك» التى تركت طفلها فى بيتها وجاءت تساند الأسطورة هى الأخرى.

وفى عُرس النقابة صباح الأربعاء 4 مايو 2016، كان الفخر يتوج رءوس زملائى وأصدقائى فى صحيفة الأهرام، فعطر افتتاحية الأمس التى طالبت بإقالة وزير الداخلية، ورد الاعتبار للمهنة والنقابة يفوح وينتشر حولنا، ولم يجتمع أهرامى مع زميل فى صحيفة أخرى إلا وكان حديث الافتتاحية العظيمة بينهما.

عُدنا إلى بيوتنا بعد يوم تاريخى رائع فى النقابة، لم يدخل ساحتنا خائن أو عميل وعشنا ساعات من دفء غير مسبوق بين أصدقاء المهنة، تشهد عليه صور الزملاء وهم يتعانقون رغم ما بين بعضهم من خلاف وربما ضغائن، وصدرت الصحف لتؤكد جميعها أن الصحفيين المصريين أكبر من الإهانة، وأن الصورة التى تم ترويجها عنهم والتى جاءت بكل هؤلاء الفقراء أمام أبواب النقابة حاملين لافتات تسبهم وتهين مهنتهم وتصفهم بـ«أعداء الوطن»، كاذبة ومضللة.. صدرت الصحف تنتصر للمهنة ولليوم التاريخى الذى كان كاشفًا للقيادة السياسية كى تعيد النظر فيما يرتكب نظامها من خطايا ستؤدى إلى غرق الجميع، ولكن من بين الصحف انفردت «الأهرام» بتقرير عنوانه «فشل الجمعية العمومية»، وكتب رئيس تحريرها «ضد «تسييس» نقابة الصحفيين»، قال فيه اختصارًا، إن هناك مؤامرات وإن النقابة يتم سحبها إلى أرض الخونة وأعداء الوطن، ويقدم شبه اعتذار عن افتتاحية صباح الثلاثاء 3 مايو، التى طالبت بإقالة وزير الداخلية والتى تناقلتها وكالات الأنباء لما تعكسه من تحول كبير فى انحيازات المؤسسة الصحفية العريقة الموصومة دائمًا بموالاة ومداهنة النظام، أى نظام، ولأننى أحمق الخطى دائمًا وأبدًا فقد كتبتُ مقالًا عنتريسيًا انتقدتُ فيه الأستاذ محمد عبدالهادى، وقلتُ إن نقيب الصحفيين الذى تتم تلك المؤامرات من وراء ظهره هو «يحيى قلاش»، وهو بالنسبة له ليس مجرد نقيب فهما أصدقاء مهنة وتيار سياسى واحد، مما يتيح لعبدالهادى أن يسأل ويتقصى ويتهامس مع صديقه يحيى قلاش أو صديقه كارم محمود «الثلاثة عملوا معًا فى مكتب الخليج»، ليرى الصورة ويتفاخر بموقف الأهرام، لكنه أغلق غرفته وكتب هذا الكلام الغريب.

عمومًا.. مضت ساعات قليلة وفوجئ الوسط الصحفى بتصعيد نقابى غريب أيضًا، فلم يكن كل هؤلاء الذين حضروا الجمعية العمومية فى صراع مع رئيس البلاد! وقد عُدنا إلى بيوتنا ونحن نختصم وزير الداخلية، ولم يطالب أحد باعتذار رئيس الجمهورية! فلسنا فى صراع مع البلد ورئيسه كما ظن هؤلاء؛ الذين جاءوا متحرشين بالصحفيات والصحفيين صباح الرابع من مايو!، جئنا لنفسد على عصابات «الإخوان الإعلامية» مخططهم الذى نعرف أسراره المهنية، ومع ذلك مضيتُ فى تصديق «الأسطورة»!، وعندما تم حبسه، بغباء شديد طالبته بالبقاء فى محبسه والإصرار على لقاء رئيس الجمهورية لتوضيح الصورة كاملة باعتباره نقيبًا لصحفيى مصر، لكنه قَبِل دفع «الكفالة» وخرج! وتركنا نسأل: من دفعها؟ و«كيف قَبِلها؟»، تركنى ألطم خدى على غبائى فيما فعلت وفيما صدّقت، فبعد ما كتبتْ ضد رئيس تحرير الأهرام لم يطاوعنى ضميرى فى مواصلة الكتابة بملحق الجمعة من يومها وحتى اليوم.

لا ضرر، والرهان على القادم فى تحطيم «الأساطير» وتفتيت الأكاذيب، والتحام الزملاء الجدد فى المجلس «جمال عبدالرحيم وحسين الزناتى وأيمن عبدالمجيد ومحمد خراجة وعمرو بدر ومحمد سعد عبدالحفيظ»، مع نقيبهم الجديد، وعاشت وحدة الصحفيين.. وللحديث بقية.