رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بطولة الجيش المصري ومعركة سينا


فى وقت ما بين نوفمبر 1915م إلى مايو 1916م، جلس رجلان فى سرية تامة يرسمان سويًا خريطة منطقتنا العربية، وعلى أساس ما تم رسمه بينهما من اتفاق، تشكل تاريخ جديد للمنطقة، وأحيكت مؤامرات كبرى غيرت خرائط دول، وفرضت واقعا جديدا على الأرض، لا تزال آثاره باقية حتى الآن، وتطل تلك الآثار كذلك على المستقبل رغم انكشاف كل ما جرى!، أما الرجلان فهما البريطانى مارك سايكس، والفرنسى فرانسوا جورج بيكو.



وأما الاتفاق الذى عرف لاحقا باتفاق «سايكس- بيكو» نسبة إلى الرجلين، فقد جرى على أساسه وراثة فرنسا وبريطانيا بقايا الدولة العثمانية المهزومة فى الحرب العالمية الأولى، وتم فى هذا الاتفاق أول خطوات عملية «لتقسيم» الدول العربية كغنائم للدول المنتصرة فرنسا وبريطانيا!!.

الذى لم يقرأ تاريخ هذه الفترة العصيبة من عمر الوطن العربى، قد لا يشعر بخطورة ما نعيشه هذه الأيام، فنحن بكل وضوح لأى صاحب نظر نعيش المرحلة الثانية من «تقسيمات» «سايكس – بيكو»، فالمراد الآن هو تقسيم المقسم وتفتيت المفتت من الدول العربية، وأن يكون ذلك التفتيت قائما على أساس طائفى دينى أو عرقى، اعتمدت الخطط وبدأ التنفيذ، فالصراع الطائفى يجرى تأجيجه فى المنطقة، سنة فى مواجهة شيعة، أو مسلمين فى مواجهة مسيحيين، أو حتى دخول الأكراد على خط الصراع كما يجرى فى العراق بشكل واضح، وفى كوبانى على الحدود السورية التركية بالذات، التقسيم والتفتيت على الأساس الطائفى يحمى مصالح الدول الكبرى الاستعمارية لأكثر من سبب، منها القاعدة الذهبية لأى محتل «فرق تسد»، ومنها أنه إذا تحول الصراع فى المنطقة من عربى إسرائيلى إلى سنى شيعى فهذا أفضل ما تريده إسرائيل وحلفاؤها، وحينها سينشغل العرب بتحركات داعش فى العراق والشام التى تمثل أقصى التطرف السنى، وهى تواجه الميليشيات الشيعية، أو تواجه قوات البشمركة الكردية، وكذلك ما يجرى فى سوريا، لا أحد يسأل من أين كل هذا السلاح والأموال التى تهبط على داعش والتنظيمات الإرهابية فى المنطقة؟!، من أين كل هذا التقدم التكنولوجى والمعلوماتى الذى تستخدمه فى عملياتها؟!.. ببساطة شديدة من له مصلحة فى أن تكون داعش وحلفاؤها من التنظيمات الإرهابية غولًا كبيرًا، هو من له مصلحة فى التقسيم والتفتيت الجديد حسب سايكس بيكو الجديدة التى تقسم المقسم وتفتت المفتت كما ذكرت!.

وبالتالى يجب أن يعلم الجميع أن ما يجرى فى سيناء من إرهاب أسود، وعمليات التهجير المشئومة، هو نتيجة مباشرة لوقوف الجيش المصرى وحده ضد خطط كبرى لإعادة تقسيم المنطقة، كما جرى فى سايكس بيكو الأولى 1916م!، وبدا ذلك واضحا فى انتصارات الجيش المتلاحقة على الإرهاب فى منطقة جبل الحلال بالذات، فبعد انهيار الجيش العراقى والسورى والليبى، لم يعد هناك جيش واحد قادر على مواجهة هذه المؤامرات الكبرى سوى رجال الجيش المصرى، وهم يدخلون سيناء بكثافة فى عمليات قتالية شرسة، وثقتى فى الله، وفى الجيش المصرى الذى فيه رجال منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، أننا سنهزم كل هذا، وتبقى مصر حامية للمنطقة كلها كما جرى تاريخيًا مع الصليبيين والمغول!.