رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أم الشهيد أولًا في يوم المرأة المصرية


ستبقى تضحيات المرأة المصرية فى سبيل الوطن فخرًا لنا جميعًا نستعيدها ونوثقها ونحكيها لأبنائنا حتى تظل حية فى ذاكرة مصر.. وتظل هاديا لنا لنستكمل بقية خطوات تقدمنا.. إن تضحيات نساء مصر تتواصل كل يوم وفى كل لحظة.. لأن قضيتها الأساسية- كما يقول لنا التاريخ - هى الوطن وحريته قبل حريتها الشخصية.. لم تبخل المرأة المصرية حتى بحياتها دفاعًا عن وطنها منذ قرون مضت.. وها هى الآن تقدم فلذة كبدها فداء للوطن.. فهل هناك أغلى عليها من هذه التضحية النبيلة؟؟.. وهل هناك حزن أعمق من فقدها ابنها أو زوجها أو أخاها.. بالطبع لا.. ها هن المصريات يقدمن أبناءهن راضيات دفاعًا عن الأرض والعرض.. إننا نعيش اليوم آمنين بداخل بيوتنا بسبب امرأة مصرية فقدت ابنها شهيدًا من رجال الجيش والشرطة فى ساحة الحرب الشرسة والصعبة ضد الإرهاب.



إننا اليوم نعيش فى مواجهة شرسة وغادرة مع خفافيش الظلام وعصابات ضالة من المتآمرين على استقلال الوطن والمواطن.. وإذا ما أردنا مراجعة سريعة لصفحات نضال وتضحيات نساء مصر.. فسنجد المرأة فى قلب مشهد الوطنية دائما، سنرى أنها سجلت وستظل تسجل مواقف مشرفة فى الماضى والحاضر.. بل فى صدارة الصفوف الأولى.. لقد تقدمت المرأة والفتاة المصرية الصفوف فى كل مرة أحست فيها بالخطر على حرية الوطن.. ففى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ تقدمت الصفوف بكل شجاعة لتنادى بحرية بلدها ورحيل قوى الظلام التى تساندها دول وعصابات دولية حتى نجحت الثورة وذهبت جماعات الظلام بلا رجعة.

وإذا استعدنا بداية تضحياتها وشجاعتها من أجل حرية الوطن.. فقد بدأتها بالمشاركة فى يوم ١٦مارس بثورة ١٩١٩ للمطالبة باستقلال الوطن ورحيل الاستعمار الإنجليزى.. ويومها خرجت ٣٠٠ امرأة، بقيادة هدى شعراوى، لمشاركة الرجال فى هذه الثورة الكبرى.. وسقطت لنا شهيدات تحت وابل رصاص جنود الاحتلال الإنجليزى.. وكن يرفعن أعلام الهلال مع الصليب كرمز للوحدة الوطنية.. وهو نفس العمل البطولى الذى يقمن به الآن دفاعا عن تماسك النسيج الوطنى.. لقد سقطت فى هذا اليوم أوليات الشهيدات اللاتى نحتفل حتى اليوم بذكراهن.. وستظل أسماؤهن محفورة بأحرف من نور فى تاريخ مصر.. وهن : فاطمة محمود وحميدة خليل ونعيمة عبدالحميد ونعمات محمد وحميدة سليمان ويمنى صبيح.

إننا إذ نحيى هذه الذكرى التى نفتخر بها.. فإننا اليوم أيضًا لابد أن نحيى أشجع نساء مصر، فكل منهن بطلة قدمت أعز أحبابها فى معركة الانتصار على الإرهاب.. فتحية تقدير وإجلال وإكبار لـ«أم الشهيد» لما قدمته وتقدمه من تضحيات دفاعًا عن مصر الغالية.. إننا فى معركة الإرهاب نفقد فى كل يوم شهداء مسلمين ومسيحيين وليس أقسى ألما على النفس من فقدان أم فلذة كبدها دفاعًا عن وطنها فى هذه المعركة اليومية المليئة بالغدر والخسة والخيانة.. إننا فى يوم المرأة المصرية لابد أن نقدم لـ«أم وأرملة وأخت شهيد الجيش والشرطة» كل الدعم المادى و المعنوى بما يتناسب مع تضحياتهم من أجل أن يبقى الوطن.

لقد استشهد بعض فلذات أكبادنا وهم فى ريعان شبابهم.. وقد كانوا السند لذويهم.. فبعضهم تركوا أبناءً فى سن صغيرة مازالوا بحاجة إلى التعليم.. لذا نريد أن نوفر معيشة كريمة ومناسبة لكل أرملة وابنة وأم شهيد ليكنّ آمنات فى بيوتهن.. فإن بعض أرامل شهدائنا يواجهن ظروفًا معيشية تستدعى تدابير من الدولة لدعمهن وتحسين أحوالهن المعيشية، كما أن رعاية أم وأرملة وابنة الشهيد واجب علينا جميعاً.. بل ضرورة حتمية.. إذ يمكن أن يتم إنشاء صندوق مُخصص لدعمهن عن طريق تشكيل لجنة على مستوى رفيع لمساعدتهن على تخطى مصاعب الحياة دون أن يواجهن الحاجة إلى الشكوى أو التنقل بين المكاتب الحكومية ومواجهة البيروقراطية التى تنتشر فى كل مكان حكومى.. كما أن الدعم المادى ليس تعويضًا أطالب به لتلك الحالات.. فلا شىء فى العالم يعوضهن فقدان الشهيد الغالى.. ولكنه تقدير ودعم واجب من مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى لهن.. فلولا تضحياتهن ما تمكنا من دحر الإرهاب.

إننى حين تحدثت مع أرملة أحد أبطالنا من شهداء الجيش.. وجدتها ترعى وتربى ٣ أبناء صغار بمفردها.. وهى تبكيه فى كل لحظة.. لكنها أيضًا تؤمن أنه قد أدى دوره على خير وجه.. وأنه إن شاء الله فى الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين.. وعندما حاولت مواساتها وجدت نفسى أقول لها: «إنه فى مكان أفضل منها وفى مرتبة أعلى منا.. وإنها هى نفسها بطلة مصرية نفتخر بها.. وإنها على رأس كل مصرية».. وحين تحدثت مع أرملة بطل من الشرطة وجدت لديها قوة إيمان مدهشة وحزنا نبيلا وعميقا لايقارن بأى حزن آخر.. لأنه سيظل غائرًا فى القلب طوال العمر.. نعم حزن لا يندمل ولا يشفى.. إن أمهات الجرحى وزوجاتهم لهن أيضًا منا تحية إجلال وتقدير لما يواجهنه من جراء غدر الإرهاب.. كما أوجه تحيتى وتقديرى لأم شهيد وشهيدة تفجير الكنيسة البطرسية.. وفى أى كنيسة أخرى.. كما أطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى- الذى أعلن لنا أن هذا العام هو عام المرأة المصرية- أن يوجه برعاية الدولة لأم وأرملة وابنة الشهيد.. بل كل امرأة مصرية فقدت شهيدًا حتى نرد لهن عظيم تضحياتهن للوطن.. فكل منهن أيقونة نفتخر بها.. وأخيرًا أوجه التحية والتقدير لكل مصرية ولأم الشهيد فى عيد المرأة المصرية.