رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفريق عبدالمنعم رياض ويوم الشهيد


تحتل «الشهادة» مكانة سامية فى الجيش، فالعقيدة الراسخة فى القوات المسلحة هى أن ينال رجالها إحدى الحسنيين «النصر أو الشهادة».. وبالطبع هى «شهادة» تختلف عن الشهادة التى تزعمها جماعات الإرهاب المسلح التى تتخذ من تأويل القرآن الكريم والسنة المطهرة مبرراً لاستهداف الأبرياء والدين الإسلامى الحنيف منها براء.

ولعل استهداف الجماعات المسلحة لرجال الجيش والشرطة يكشف عن هشاشة وضعف هذه الجماعات التى لن تستطيع أن تهزم إرادة المصريين.

واستمد رجال الجيش المصرى والشرطة «عقيدة الشهادة» من تاريخنا العربى والإسلامى، فنجد القائد قبل الجندى يطلب الشهادة.. ويقترب موعد الاحتفال بـ«عيد الشهيد» الذى لا يعلم عنه الكثيرون شيئًا رغم أن هذه المناسبة تعد وبصدق «ملحمة وطنية» تؤكد أن مصر ستبقى رغم كيد الأعداء.

ويصادف «عيد الشهيد» ذكرى استشهاد الفريق «عبدالمنعم رياض»، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق، والذى جاءت ملابسات استشهاده على نحو فريد.

ويعد الفريق عبدالمنعم رياض واحدًا من أبرز القادة العسكريين، حيث استشهد فى أقرب نقطة من خط المواجهة مع «العدو الإسرائيلى» فى 9 مارس من عام 1969 عن عمر يناهز الخمسين عامًا ، ليضرب المثل فى الفداء والتضحية من أجل الوطن وهو الأمر الذى لا يعرفه الكثيرون من أبناء مصر.

وأشرف «الفريق رياض» على خطة تدمير خط بارليف، الذى أقامته إسرائيل بعد احتلالها لسيناء عام 1967 لتحصين الساحل الشرقى لقناة السويس، خلال حرب الاستنزاف.

وقرر الفريق بدء تنفيذ خطة تدمير خط بارليف يوم السبت 8 مارس 1969، وبالفعل انطلقت نيران القوات المصرية على طول خط جبهة قناة السويس، لتكبد الإسرائيليين خسائر كبيرة فى ساعات قليلة، وتدمر جزءا من مواقع خط بارليف، فى أعنف اشتباكات شهدتها المنطقة قبل انتصار أكتوبر المجيد عام 1973.

وفى 9 مارس 1969 قرر الفريق أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى نتائج المعركة عن قرب، ويشارك جنوده فى مواجهة الموقف، وحينها أطلق مقولته الشهيرة: «أنا لست أقل من أى جندى يدافع عن الجبهة، ولابد أن أكون بينهم فى كل لحظة من لحظات البطولة».

وبعد وصوله لخط المواجهة مع العدو قرر الفريق أن يزور الموقع رقم 6، الذى لم يكن يبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترًا، حيث كبد فريق هذا الموقع القوات الإسرائيلية خسائر فادحة.

ولكن الموقع 6 شهد الدقائق الأخيرة فى حياة الفريق، حيث انهالت نيران القوات الإسرائيلية فجأة على المنطقة التى كان يقف فيها وسط جنوده، واستمرت المعركة التى كان يقودها الفريق بنفسه حوالى ساعة ونصف الساعة حتى انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب منه.

ونتيجة للشظايا القاتلة توفى عبدالمنعم رياض، عن عمر يناهز 50 عامًا، متأثرًا بجراحه، لتبقى بطولاته وأقواله المأثورة خالدة عبر التاريخ.

وإلى جانب نبوغه العسكرى وخبراته العسكرية كان الفريق عبدالمنعم رياض مثقفاً من طراز رفيع يقرأ فى مختلف فروع الثقافة ويشاهد المسرح.. ولعل أقواله تدلل على البعد الثقافى فى شخصيته، حيث قال بعد نكسة 1967: «لن نستطيع أن نحفظ شرف هذا البلد بغير معركة، عندما أقول شرف البلد، فلا أعنى التجريد هنا، وإنما أعنى شرف كل فرد، شرف كل رجل وكل امرأة».