رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيناريو التطبيع بين شحاتة هارون والغزالى حرب


عندما سألوه: أليس غريبًا أن تكون يهوديًا ومعاديًا للصهيونية؟ قال: ليس أغرب من أن تكون مسلمًا وترفض «الإخوان المسلمين»، أو أمريكيًا أبيض وترفض التفرقة العنصرية ضد الزنوج.

أحدثكم عن المحامى المصرى اليهودى الشهير، «شحاتة هارون» الأيقونة المصرية الخالدة، الذى أوصى قبيل وفاته بعدم استقدام حاخام إسرائيلى.

 وبالفعل استقدمت ابنته ماجدة هارون «حاخام» فرنسيًا لأداء الصلوات عليه قبل دفنه، عاش شحاتة هارون ومات مخلصًا لمصريته، ومناسبة الكلام عنه قصة تلك الفتاة الثلاثينية التى قررت كتابة سيناريو عن حياته فى فيلم تقوم بإنتاجه شركة «بيرث مارك فيلمز لتطوير السيناريو»، ولكن فجأة تحول الحلم بظهور الفيلم إلى كابوس، حيث أعلنت كاتبة السيناريو «رشا عزت» مفاجأة ثقيلة، وقالت إن الشركة تتلقى تمويلًا من جهة صهيونية! وأكدت أن مالكة الشركة هى «دينا أسامة الغزالى حرب»!، وإلى هنا لابد أن نتوقف فنحن نتحدث عن ابنة سياسى كبير يمتلك رصيدًا كبيرًا من التقدير، ولا أظنه يعرف تفاصيل كثيرة أو صغيرة عن تعاملات شركة ابنته، ولكن طالما وصل الأمر إلى اتهام واضح ومعلن بطلب تمويلات من جهات مشبوهة لعمل فيلم عن مناضل مصرى رفيع المستوى، فهو مُطالَب بتقصى الحقائق فى تلك القضية الخطيرة التى تخص «التطبيع»، كما أنه مطالب بإعادة حق كاتبة شابة عملت لمدة شهور متواصلة لإحياء شخصية «شحاتة هارون»، وفى النهاية تكتشف أنها تلطخ اسم رجل عاش حياته مناضلًا ضد الصهيونية.واقعة «رشا عزت ودينا الغزالى» تفتح ملف تمويل المشروعات الفنية المستقلة فى مصر والتى تحتاج إلى فرز جرىء.

الفضيحة المدفونة فى الثقافة

أحكيلك إزاى وأبدأ منين؟ من وزير الثقافة حلمى النمنم اللى بيلم أوراقه وقت كتابة هذه السطور، أم من عند الوزير الجديد «أحمد نوار» الذى أصبح الأقرب للمنصب ؟!، عمومًا خلينا فى الأستاذ حلمى بشكل مبدئى، لأن القصة وقعت قبل مغادرته بأسابيع قليلة، فقد افتتح سيادته مؤتمرًا علميًا كبيرًا تحت لافتة عريضة «وضع سيناريوهات للمستقبل الثقافى الإدارى فى مصر وفق رؤية 2030»، والمدهش أن المؤتمر الكبير أقيم فى نفس توقيت معرض الكتاب! واتصرفت عليه ملايين من خزانة الدولة ولم يعرف أحد عنه شيئًا !!، ليس لأنه مؤتمر غير مهم كما قلنا ولكن لأنها وزارة تتخبط منذ سنوات وتشغل نفسها بمؤتمرات ومهرجانات لا تعود على المواطن الذى يدفع الضرائب بأى منفعة كبيرة أو صغيرة.

القصة أنَّ وزارة الثقافة فى الفترة من 28 إلى 29 يناير، وفى أثناء فعاليات معرض الكتاب اللى بدأ فى «26 يناير وانتهى فى 10 فبراير»، أقامت فعاليات المؤتمر الدولى العلمى بالمجلس الأعلى للثقافة وانتقلت الندوات لمركز الهناجر، والمؤتمر ده المفترض إنه مهموم بتحديد وتحليل ملامح الثقافة المصرية من حيث علاقتها بالتفوق، والتميز، والمؤتمر حسب الأوراق مهمته وضع خريطة عمل لتغيير ثقافة الإدارة وثقافة العاملين للتخلص من قيم الإحباط واللامبالاة واستبدالها بثقافة الإصرار والتفوق فى العمل الإدارى. ولأن هذا الكلام كبير فقد حضر الافتتاح شخصيات كبيرة «أشرف العربى، وزير التخطيط والإصلاح الإدارى، ود. صديق عفيفى، رئيس لجنة علوم الإدارة بالمجلس ورئيس جامعة نهضة مصر، ود. صفوت النحاس، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة سابقًا ورئيس اتحاد جمعيات التنمية الإدارية، ود. محمد المرى محمد إسماعيل، مدير مركز القياس والتقويم بجامعة الزقازيق»، وشارك فى الجلسات والندوات شخصيات مرموقة، واستمرت الندوات والجلسات ومناقشة المحاور على مدار يومين من الحادية عشرة صباحًا إلى التاسعة مساءً فى مركز الهناجر بدار الأوبرا، بينما كانت مصر كلها مشغولة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب وتصفيات كأس الأمم الإفريقية. نظرة واحدة إلى الأوراق وعناوين الأبحاث التى تمت مناقشتها فى غرف الوزارة المغلقة تجعلك تشعر بالحسرة والألم على هذا البلد الذى يستدعى خبراء وأساتذة جامعات وباحثين لوضع تصورات عن الثقافة المصرية ويدفنهم جميعًا وبدم بارد وعدم رؤية وافتقاد تام للهدف من تلك الوزارة التى تحولت إلى عبء كبير على كاهل المثقفين والمواطنين، فهناك أبحاث عن إدارة الثقافة فى الجامعات المصرية، والمسرح المصرى، والإعلام بين الواقع، والتحديات الثقافية التى تواجه المؤسسات التربوية فى ترسيخ قيم المواطنة والانتماء والهوية، وكيفية تأهيل الشباب الجامعى للثقافة الموسيقية، وكل ذلك «بخ»!! وسيتحول لمجرد أوراق ربما تطبعها الوزارة فى كتاب لتزويد المخازن بركام جديد من الأموال المهدرة!.

وزارة الثقافة تحتاج غربلة كاملة وإعادة تدوير لقطاعاتها وتحديد أدوارها وقراءة واعية لخططها ومؤتمراتها وفضائحها المدفونة.

 دموع الضبع

كتبت منذ فترة عن الدكتور محمود الضبع، رئيس دار الكتب والوثائق، واتهامات موظفى الدار له بتقاضى مبلغ 8 آلاف جنيه دون وجه حق، وبحكم صداقتنا القديمة طالبته بتوضيح الأمر، لكنه لم يكتف بالرد مكتوبًا وأصر على اللقاء وجهًا لوجه، وفى مقر صحيفة «الدستور» ارتمى «الضبع» فى حضنى وبكى بحرقة لأننى صدقت وشايات كاذبة واتهامات كيدية، والحقيقة أننى لم أصدق، وتعاملت مع الأوراق والمستندات بشكل مهنى بصرف النظر عن صداقتنا، وأكدت فى مقالى ثقتى فى نزاهته وطهارة يده، ولم يمنع كل ذلك من نشر مظالم الموظفين التى وصلتنى، وكانت تدور فى معظمها حول انتداب موظفين من الهيئة العامة للكتاب للعمل بالدار، لكن اتهامه بصرف مكافأة مالية لنفسه هو ما كان يشغلنى، وقال «الضبع» ردًا على هذا الاتهام: «منذ متى كان يجوز قانونًا لموظف أن يصرف مكافأة مالية لنفسه، هذه المكافأة تمت الموافقة عليها من قبل السيد وزير الثقافة، وتعتبر جزءًا من راتبى، وتخرج بتصديق من السيد الوزير، شأنى شأن جميع رؤساء الهيئات!».

وقدم لى ردًا وافيًا على كل ما أثير حوله، فحمدت الله على أن رهانى كان صحيحًا، وأن صديقى الطموح الذى يدير أهم مؤسسة ثقافية مازال كما تركته قبل سنوات.