رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظرة جانبية للتسريبات


فى يوم 10 يوليو 2011 أُغلقت صحيفة «نيوز أوف ذى وورد» البريطانية، بعد 168 سنة من صدورها، وذلك إثر قضية تجسس وقعت من أحد محرريها، باستخدام الأجهزة والمعدات الحديثة، الصحيفة مملوكة لشركة «نيوز إنترناشيونال»، تصدر بشكل دورى يوم الأحد من كل أسبوع ويقرؤها أكثر من 2.5 مليون قارئ.

قام أحد صحفيى الجريدة بالقرصنة، أو الاستيلاء على البريد الصوتى للهواتف المحمولة، لعدد من المشاهير والشخصيات العامة وضحايا هجمات إرهابية، والعبث بهذا البريد بالإضافة أو الحذف، ما يعد أكبر «فضيحة إعلامية» تشهدها بريطانيا فى ذلك الوقت.

الأمر الذى دفع البرلمان البريطانى، إلى عقد جلسة خاصة، لمناقشة تداعيات الفضيحة، دعا خلالها ديفيد كاميرون- رئيس الوزراء البريطانى حينها- إلى إجراء تحقيق موسع فى الوقائع التى تضمنتها تلك الفضيحة.

وقد عرضت الصحيفة تعويضًا ماليًا، واعتذارًا رسميًا للضحايا، عمّا وصفه «روبرت مردوخ»، مالك الشركة التى تصدر الجريدة العريقة، بالتصرف المؤسف وغير المقبول.

وكانت الصحيفة قد قامت بالدخول على الهاتف المحمول الخاص بفتاة مراهقة، اختفت عام 2002، عُثر عليها مقتولة، الأمر الذى أدى إلى حدوث ارتباك لدى سلطات التحقيق، بعدما اعتقدوا أن الفتاة ما زالت على قيد الحياة.

المهم أن القضية، لسبب غير معلوم، ظلت قيد التحقيقات السرية منذ عام 2002 حتى تفجرت عام 2011.. ومما لاشك فيه أنها كانت قضية تنصت تتعلق بحرية المواطنين. وحقهم فى الإفضاء والحديث إلى بعضهم البعض بحرية تامة، وتبادل الأفكار دون حرج أو خوف من تنصت الغير، وهتك أسرارهم. عبر أجهزة الاتصالات أو كشف أسرار لا يريدون إفشاءها.

فى مصر- كما فى معظم الدول- للدولة الحق فى التجسس على رعاياها، بموجب مذكرة تقدمها الأجهزة الأمنية المختصة إلى القضاء، وبعدها توضع أجهزة الاتصالات الخاصة بالفرد المقصود، تحت سمع وتصرف تلك الأجهزة لمدة محددة فى المذكرة المقدمة للتنصت أو تسجيل المكالمات.

وفى مصر تعد قضية التنصت على المواطنين من القضايا التى شملتها الدساتير والقانون المصرى بعنايته. حيث تنص المادة 45 من الدستور على أن للمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة ووفقًا لأحكام القانون.

كما وصفت محكمة النقض المصرية مراقبة الاتصالات والمراسلات بأنها: عمل مرذول ويعتبر انتهاكًا لحرمة الحياة الخاصة وانتقاصًا من الأصل فى الحرية الشخصية التى سجلها الدستور باعتبارها حقًا طبيعيًا للإنسان.

كما يشترط قانون الإجراءات الجنائية المصرى، أنه للقيام بمصادرة أو مراقبة أو الاطلاع على الاتصالات والمراسلات، أو تسجيل أحاديث جرت فى مكان خاص، أن تقع جناية أوجنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، وأن تترجح نسبتها إلى متهم معين، وأن تتوافر دلائل جادة، وأن تكون لهذه الإجراءات فائدة فى ظهور الحقيقة وإظهارها، وأن تستصدر النيابة العامة إذنًا من القاضى الجزئى للمحكمة التابع لها الشخص المطلوب تتبع مكالماته، على أن يكون ذلك الإذن مسبباً، ولمدة لا تزيد على ثلاثين يومًا، قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة.. هذا، وينظم القانون رقم 10 لسنة 2003 مرفق الاتصالات داخل جمهورية مصر العربية.