رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد البازيكتب.. الفساد الصغير فى تراخيص كافيهات مصر الجديدة وأخواتها


احتجَّ بعض المواطنين الذين تصادف وجودهم فى منطقة مصر الجديدة أثناء الحملة الأمنية الضخمة التى استهدفت الكافيهات، بعد مقتل الشاب محمود بيومى فى كافيه «كيف» عقب مباراة مصر والكاميرون.
رأى هؤلاء المواطنون أن أفراد الحملة بالغوا فى رد فعلهم.
صحيح أن الحملة استهدفت فحص جميع المقاهى والكافيهات للتأكد من صحة تراخيصها، وفحص العاملين بها لضبط العناصر المطلوبة أمنيًا بينهم، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المقاهى والمحال المخالفة التى تدار بدون ترخيص، لكن يبدو أن حالة من الحماس انتابت أفراد الحملة، نتج عنها تكسير واضح فى بعض الكافيهات والمقاهى، وهو ما أغضب المواطنين، وبالتبعية أصحاب المحال التى تم تخريبها.
حصيلة الحملة طبقًا لبيانات صحفية كانت إغلاق ٨ مقاهٍ بمصر الجديدة، و٩ مقاهٍ بالنزهة، و١٥ مقهى بمدينة نصر، والسبب الطبيعى والمنطقى هو إدارتها بدون ترخيص.
لا يمكن لعاقل أن يعترض بالطبع على هذه الحملات، دولة القانون التى نحلُم بها تقتضى حالها أن تكون هذه الحملات دائمة ومستمرة، وليست موسمية.
المقاهى والكافيهات التى أُغلقت كانت تعمل على مرأى ومسمع من الجميع، لم تظهر فجأة، ولم تكتشفها الجهات الأمنية فجأة، هى بطبيعة الحال معروفة، وكل من يعملون فيها معروفون بالاسم، وموقفهم القانونى كذلك معروف، ولا داعى على الإطلاق لتركها دون حسيب ولا رقيب، لأن عملها بدون ترخيص يفتح أبوابا كثيرة أمام الفساد الصغير، الذى نعرف كيف يتم، ومَنْ هم المستفيدون منه.
لقد حرك مقتل محمود بيومى الأجهزة الأمنية، أرَّق مؤسسات بعينها، أزعج المجتمع، وجعله يشعر بالخطر على أولاده الذين يترددون على المقاهى، أصبح من المتوقع أن ينزل أحدهم ليقضى بعض الوقت على كافيه أو مقهى، ولا يعود إلى بيته إلا جثة هامدة.
ولأن القلق كان واضحًا، فقد خرجت حملات أمنية تستهدف المنطقة التى شهدت الحادث، فى محاولة لبعث الطمأنينة فى نفوس الناس.
لكن ماذا عن الكافيهات فى المناطق الأخرى، ماذا عن الدقى والمهندسين والزمالك ومدينة نصر والشيخ زايد و٦ أكتوبر ووسط البلد؟، بل ماذا عن الكافيهات فى كل محافظات مصر، هل تعمل بترخيص، وكل شىء فيها تمام؟.
أشك طبعًا، فنسبة كبيرة من الكافيهات تعمل بدون ترخيص، ولن أبالغ إذا قلت إن هذا يمكن أن يكون مقصودًا، لأن هذا الوضع يمثل باب رزق لكثيرين، صحيح هو باب رزق حرام، لكن من يبالى بالحلال والحرام الآن؟.
الحملات التى وعد مسئولون بوزارة الداخلية أن تكون مستمرة مطلوبة بالطبع، فلا أحد يرضى بالفساد، ولا أحد يرحب بالسكوت عليه، لكن ما نطلبه أن نحاصر الفساد من منبعه، من لا يحصل على ترخيص لا يسمح له من الأساس بفتح كافيه، لكن نتركهم يتجاوزون القانون وهو ما يغريهم بأن يمارسوا البلطجة على خلق الله، ونسكت عليهم حتى يعتقدوا أنهم أقوى من الجميع، وعندما يخطئون خطأ كبيرًا نحاصرهم ونحاكمهم، فهذا خلل بيّن لابد من إصلاحه الآن وليس غدًا.