رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نطوى الأنين بالحنين


مساء 25 يناير 2014، وحيدا تختلط فى ذهنى ذكريات لا تتوقف، أستمع قاصدا لمقدمة ليالى الحلمية، كأنه يخاطبنى تحديدا: «ومنين بيجى الشجن من اختلاف الزمن»، جعلتها حالتى على «الواتس اب» واستمرت حتى اليوم!، أرسلت له مداعبا: جبتها إزاى دى يا أستاذ، فلسفة ومنين بيجى الشجن من اختلاف الزمن؟، رد بطبيعته الودودة إزيك يا صاحبى واحشنى، فى محادثة هاتفية طويلة، حكينا كثيرا كثيرا عن ليالى الحلمية، وغيرها!.



لم أفهم لحظة صدور القرار الجمهورى بتشكيل لجنة الخمسين لتعديل الدستور، كيف سأجلس بجواره فيها؟!، أقصى طموحى معه كان قد تحقق قبلها بسنوات، فى صالون ثقافى، وقع لى نسخة خاصة من ديوانه «قبل الطوفان الجاى»، قائلا دى هدية منى ليك يا صاحبى، صاحبى؟!، أنا؟!!، يومها ركبت مترو الأنفاق وأنا أحدق فى الديوان وبتوقيعه الجميل عليه، وكل دقائق من القراءة أعود للصفحة الأولى لقراءة الإهداء، ثم ترن فى أذنى مرة أخرى كلمة يا صاحبى!، حين جاءت الجلسة الأولى للجنة الخمسين ذهبت مباشرة حيث يجلس باسما ثم بدأت فى الغناء: «بحلم يا صاحبى وأنا ولسه بحبى، بدنيا تانية ومصر جنة يا صاحبى، وأجى أحقق الحلم ألقى موج عالى عالى طاح بى»، ضحك من قلبه بصفاء، وقال لي: هنحقق الحلم يا صاحبى!.

خرجت من قاعة اجتماع لجنة نظام الحكم، وكان يحضر اجتماع لجنة الحريات، فى لجنة الخمسين، تلقانى مبتسما وأخرج من حقيبة جلدية بنية اللون، ورقة مطبوعًا فيها نص عنوانه ديباجة الدستور، قائلا بتلقائية: قولى رأيك إيه فى دى يا صاحبى!، لو أننى لا أعرف خلقه الرفيع ونقاء روحه الصافية، لاعتقدت أنه يسخر منى، من أنا يا أستاذ الجميع لتطلب منه رأيا؟!

الحمد لله أن الفنان خالد يوسف بحسه الفنى أصر ونحن وراءه، أن تكون أنت – لا غيرك - كاتب ديباجة الدستور، حين حاول البعض أن يقدم مقترحات أخرى للديباجة، يومها عمق فلسفتك، ولغتك الرقيقة، أجبرتا الجميع ألا تتوقف أياديهم عن التصفيق بعد أن قرأت متأثرا منفعلا نص الديباجة المقترح، وخط وضعته بقلمى الأزرق تحت عبارة: «نحن الشعب المصرى، السيد فى الوطن السيد، هذه إرادتنا، وهذا دستور ثورتنا».

ذهبت يا أستاذنا، وتركتنا نبحث فينا عن اللى هيجى «وقت الهوايل يقوم قايل يا بلداه، ويجى شايل هيلا هوب شايل حمولها ويعدل المايل»، ذهبت وتعلم أننا كنا ننتظر ونسأل: وآخرتها؟، طمنتنا بإن: «اللى له أول بكره هيبانله آخر، وبكره تفرج مهما ضاقت علينا»، كنا شركاء حلمك، لما قولت: «بحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية، والناس سوا بيعشوها بطيبة وبصفو نية»!.

السلام أمانة.. لعمنا صلاح جاهين، وعمنا أحمد فؤاد نجم، أرجوك صالحهم على بعض، حكيت لنا أن عمنا جاهين آلمته: «شاعر بيتخن من بوزه» التى كتبها نجم، قوله عمنا نجم طيب والله، بس هو كده فاجومى، أما احنا هنا «نعود سوا نطوى الأنين بالحنين»، ومستنين الحلم يتحقق يا صاحبى!

الله يرحمك يا عمنا سيد حجاب، انت منها، «عشان كده مصر يا ولاد حلوة الحلوات!».