رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ترامب وميلانيا».. عهد جديد لأمريكا


كان حفل تنصيب دونالد ترامب- الرئيس الأمريكى الجديد- حدثًا استثنائيًا بجميع المقاييس، فقد تعلقت أنظار الملايين حول العالم بـ«ترامب وميلانيا» وكأنهما نجما سينما فى فيلم درامى غير عادى.. ولقد تابعت التنصيب على الهواء لحظة بلحظة وانتابنى إحساس بالتفاؤل، وبأننا على أبواب عهد جديد فى كل شىء، ولى عدة أسباب لهذا.



وأنا هنا أتحدث ببساطة، من منطلق إحساسى الخاص وليس بحسابات السياسة، لأننى منذ استمعت إلى أول خطاب رسمى ألقاه «ترامب» بمناسبة ترشحه الصيف الماضى على الهواء، حينها أحسست أنه سيفوز برئاسة أمريكا خلافًا لكل التوقعات.. وذلك بسبب حديثه عن تغيير حقيقى وشامل فى كل سياسات بلاده الداخلية والخارجية، وهذا النوع من الخطاب يتلاءم مع رغبة الأمريكان فى التغيير الشامل لإدارة أوباما، التى ورطت أمريكا فى حروب خارجية ألقت بظلالها السلبية حتى على حلفائها.. فى حين كان يرفض الأمريكان سياسة هيلارى كلينتون التابعة لسياسة أوباما المرفوضة، والتى ورطتهم فى صراعات بالمنطقة العربية على حساب دافعى الضرائب الأمريكان، فكلفتهم ما يزيد على الـ6 مليارات دولار.

وكان واضحًا أن ترامب لم يتحدث منذ خطاب ترشحه بحنكة ذوى الخبرة السياسية، وإنما كان يتحدث بتلقائية عن أولوية قصوى أضرت بمصالح بلاده والعالم أجمع وهى القضاء على الإرهاب وعن توفير فرص عمل للكادحين.. مما دغدغ مشاعر مواطنيه، الذين رأوا فيه أملًا فى التغيير الشامل يَصب فى مصلحتهم.

الإحساس بالتفاؤل مازال يراودنى رغم كل التحليلات السياسية والإعلام المضاد لـ«ترامب».. بل والمظاهرات العادية له.. ورغم أنه أطلق سهام هجومه على كل من سبقه من رؤساء أمريكا أثناء خطابه الرسمى يوم تنصيبه.. إلا أنه – بحسب ظنى- يبدأ عهدًا جديدًا يُريد فيه أن يُغير وجه أمريكا القبيح الذى صدّرته للعالم طوال العقود الماضية، ولأنه أيضًا يدعو إلى محاربة الإرهاب المنتشر فى دول المنطقة.. والذى مولته ودعمته أمريكا بهدف تفتيت هذه الدول عن طريق إثارة الفتن وتأجيج الصراعات والاقتتال فى كل دولة فى المنطقة.

إن «ترامب» لا يريد أن يحارب خارج بلاده.. إنه يريد تحسين أحوال مواطنيه، لأول مرة نسمع من رئيس أمريكى أنه سيعطى السلطة للشعب، وأنه ليس لديه أطماع للتدخل فى شئون الدول الأخرى..وهذا ما يدعم ويزيد من تفاؤلى لأن هذا النهج يعكس الإرادة السياسية لمواجهة الإرهاب، وهذا بالضرورة سيجعل الولايات المتحدة تنسق جهودها مع مصر للتعاون فى القضاء على الإرهاب.. بل إنه يُطلق أيضًا شرارة الحرب ضد الإرهاب، وهذه الشرارة ستتسع رويدًا رويدًا لتصبح حربًا واسعة وشاملة لوأد الإرهاب الأسود الذى لم نر له مثيلًا من قبل فى التاريخ، حيث شاهدنا وتابعنا جميعًا كيف يتم قتل الأطفال وسبى النساء وذبح الرجال باسم الإسلام.. والإسلام منهم ومن جرائمهم براء.

إن مشاهدة خطاب تنصيب «ترامب» صاحبها أيضًا ظهور زوجته الجميلة «ميلانيا» فى كامل أناقتها وجمالها وتواضعها، مما جعل أنظار العالم تتعلق بها، خصوصًا أنها كانت ترتدى فستانًا سماوى اللون أعاد للأذهان صورة الرئيس الأمريكى الراحل جون كينيدى وزوجته الجميلة جاكلين- أيقونات سيدات العالم - مما يعكس الذكاء الحاد لـ «ميلانيا» واستيعابها المزاج الأمريكى والتعامل معه بروح جديدة تتناسب وتطلعات زوجها الإصلاحية.

إن أبناء وبنات «ترامب» وزوجته «ميلانيا» سيكونون محط أنظار العالم خلال المرحلة القادمة ليس سياسيًا فقط.. ولكن بسبب ما يتمتعون به من روح التحدى.. مما يعكس ملامح جديدة ومختلفة لساكنى البيت الأبيض.. قد يقول لى البعض «لكن السياسة الأمريكية لا تتغير بشكل كبير، لأنها تسير وفقا لخطط طويلة المدى، ولا يستطيع الرئيس أن يغير من مصالح أمريكا إلا فى حدود ضيقة».. ومع احترامى لهذا الطرح.. إلا أننى أتبع إحساسى الخاص، والذى لا أعتقد أنه أخطأ من قبل.. بل أتوقع تقاربًا كبيرًا ووشيكًا فى العلاقات الأمريكية مع مصر يصاحبه تعاون وثيق بين «ترامب والسيسى».. حيث عبر «ترامب» عن إعجابه بـ«السيسى» فى عدة تصريحات علنية وكذلك فى اتصال تليفونى مُبشر للغاية بينهما وهذه قناعتى ولا يهمنى انتقاد الكثيرين للهجة «ترامب» التلقائية وهجومه المتكرر على بعض الجهات الأمريكية، وحتى على من سبقوه فى البيت الأبيض، لأن هذا الأسلوب دليل دامغ على جرأة الرجل الاستثنائية وقوة إرادته الواضحة فى التغيير الشامل، سواء أكان ذلك داخليًا أم خارجياً، الأمر الذى يفتح أبواب الحلم لملايين الأمريكيين فى تحسين أحوالهم الداخلية.. وهذا الأمر يدعونى أيضًا للتفاؤل، حيث عبر بوضوح عن عدم رغبته فى خوض أى حروب خارجية، ومن المؤكد أن ذلك سيصب فى مصلحة مصر وبقية دول المنطقة العربية التى كانت أيادى الإدارة السابقة تنفذ بها مخطط التنسيق والتفتيت والصراعات.

أخشى ما أخشاه أن يحاول البعض اغتيال «ترامب» على طريقة جون كينيدى حين تحدث عن السلام وعدم خوض حروب خارج أمريكا. أخيرًا يتملكنى ذات الإحساس بالتفاؤل وبانفراجة قادمة ووشيكة للأحوال فى وطنى، ولم يسبق أن خذلنى إحساسى الداخلى يوما ما من قبل.