رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى الذكرى الـ27 لوفاة إحسان عبدالقدوس .. 3 شهادات خاصة عن «عدو التابوهات»

إحسان عبد القدوس
إحسان عبد القدوس

حينما قوبل عبدالقدوس بالنقد بسبب كتاباته عن الجنس، دافع قائلا: لست الكاتب المصري الوحيد الذي كتب عن الجنس، فهناك عبدالقادر المازني في قصة «ثلاثة رجال وامرأة»، وتوفيق الحكيم في قصة «الرباط المقدس»، وكلاهما كتب عن الجنس أوضح مما كتبت، ولكن ثورة الناس عليهما جعلتهما يتراجعان، ولكنني لم أضعف مثلهما عندما هوجمت، فقد تحملت سخط الناس علي؛ لإيماني بمسئوليتي ككاتب، ونجيب محفوظ أيضًا يعالج الجنس بصراحة عني، ولكن معظم مواضيع قصصه تدور في مجمتع غير قارئ، أي المجتمع الشعبي الذي لا يقرأ أو لا يكتب.

خطأن آخران في شخصية «عبدالقدوس» ترى في أحداهما طفلا متربعًا بين يدي جده في الأزهر الشريف، يتلقى علوم القرأن والسنة، وفي الأخر طفل على حجر والدته روز اليوسف، يتلقى فنون الأدب والطرب، خط لمحام فاشل يملأ المحاكم ضجيجًا؛ ليداري فشله، وثان لصحفي معروف يتربع على عرش الصحافة لسنوات.

في الذكري الـ24 لوفاته، والتي توافق 12 يناير تنشر «الدستور»، 3 شهادات خاصة عن إحسان؛ أديبًا، وأبًا، ومفكرًا.

محمد عبدالقدوس: لم أعترض على الجنس فى رواياته
أصدق ما قيل فى والدى هو ما ذكرته آمال طليمات حين قالت إنه يكتب بعقل روز اليوسف، ويفكر بعقل العباسية. والدى كان متحرراً كما كانت والدته الفنانة والصحفية، ومتحفظاً كباقى أقرانه من أهل حى العباسية. وهذا التباين لا يعرفه الكثيرون. فوالدى الذى حرر المرأة فى رواياته كان محافظاً فى بيته، ويرى أن أفضل مكان للمرأة هو بيتها. فنموذج المرأة الحقيقية عنده هو والدتى السيدة لولا.

آمال طليمات هى أخت غير شقيقة لإحسان. حيث تزوجت جدتى فاطمة اليوسف فى 1917 من جدى محمد، وأنجبت منه والدى. ثم تزوجَت بعده من الفنان زكى طليمات عام 1923، وأنجبت منه عمتى آمال، ثم طلقت منه وتزوجت قاسم أمين حفيد قاسم أمين فى 1937، ولم تنجب منه.

لم يكن والدى ديكتاتوراً فى بيته، لكنه كان مؤمناً بالحرية المنضبطة، التى لا تدع الحبل على الغارب. لذا لم يعترض على سفر شقيقى أحمد للولايات المتحدة للاستقرار بها. وبالمناسبة أحمد يكبرنى بعام واحد فهو من مواليد 1947، كما أنه لم يعترض على انتهاجى لفكر مغاير لفكره، أو لزواجى من بنت الشيخ الغزالى.

والدى كان فناناً، والفنان بطبيعته متقلب المزاج تارة عصبى وتارة هادئ. واليوم الأفضل له على مدار العام هو يوم 31/12. حيث الاحتفال بعيد ميلاده مع كوكبة من نجوم مصر فى بيتنا بالزمالك. وكان الأقرب لأبى من الفنانين هم: فاتن حمامة ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ.

 أما عن رواياته، فقد كنت وما زلت أختلف مع والدى فى هذه الجزئية، لكن لم يكن بمقدورى الاعتراض، ليس خوفاً منه، ولكن من منطلق أنه والدى، وكل كاتب له ما له وعليه ما عليه، ولا أتبرأ من كتاباته.

إبراهيم عبدالمجيد: ظُلم بسبب نجيب محفوظ
إحسان عبد القدوس هو الفكر وقت الصبا والشباب. فما بين السادسة عشرة والثالثة والعشرين كنت مدمناً لرواياته حتى فى أيام الامتحانات. كنا ننتظر رواياته بفارغ الصبر نقرأها مرات ومرات ولا نمل. وذلك لأن كتاباته بسيطة وعصرية. كما أنها كانت واقعية، لذا كانت تجذب الشباب من الجنسين».

البعض يقول إن إحسان تجاهل الرجل فى كتاباته لصالح المرأة. وهذا غير صحيح بالمرة، فكلاهما كان له نصيب من كتاباته.غير أنه استطاع أكثر من غيره أن يبحر فى البعد النفسى للمرأة. فظهرت شخصياته النسائية حية وواضحة فى جُل روايته. وعلى سبيل المثال فى «أنا حرة»، و«لا أنام»، و«لا تطفئ الشمس».

كان إحسان يضع يده على نقطة اجتماعية عصرية فيكتب فيها ليعالجها. لأنه كان مهموماً بحرية الوطن. ومما لا شك فيه أنه تعرض للظلم، من قبل النقاد الذين تجاهلوه كما تجاهلوا يوسف السباعى ومحمد عبد الحليم عبد الله، بسبب اهتمامهم الأكبر بنجيب محفوظ.

 ورغم أن تحويل الروايات إلى أعمال درامية ليس مقياساً لنجاحها، إلا أن السينما أعادت لإحسان حقه الذى هضمه النقاد.

شريف الجيار: استخدم الجنس بهدف الإصلاح
عاش إحسان عبد القدوس واحدًا وسبعين عامًا «1919 - 1990م»، خلف خلالها منجزًا إبداعيًا متميزًا ومتنوعًا؛ ما بين الرواية والقصة والمقال السياسى والخواطر الاجتماعية، حقق من خلاله نجاحًا جماهيريًّا كبيرًا؛ نظرًا لجرأته فى تناول القضايا الاجتماعية والسياسية والوطنية، فى مصر والعالم العربى، فى النصف الثانى من القرن العشرين، فضلًا عن بساطة لغته، وتحول معظم أعماله الإبداعية، إلى أفلام سينمائية ومسرحية وإذاعية وتليفزيونية.

والمتتبع لحياة إحسان يلحظ أن للمرأة دورًا مركزيًا، فى تشكيل رؤيته للعالم من حوله؛ وتمثلت هذه المرأة، فى أمه فاطمة اليوسف، التى علمته الفن والأدب والصحافة والسياسة والإرادة القوية والرأى الحر المستقل، فى مدرسة روز اليوسف، بعد أن ظلمت اجتماعيًا. إلى جانب زوجه لواحظ المهيلمى، التى شاركته مشواره الصحفى والأدبى والسياسى.

وهذا الدور المهم للمرأة فى حياة عبد القدوس انعكس فى مطالبته بحريتها، وتناوله لمشكلاتها فى معظم أعماله السردية؛ بدءًا من «أنا حرة»، 1953، إلى روايته «قلبى ليس فى جيبى»، 1989، من خلال سبر أغوار نفسها؛ وهذا ما جعل بعض النقاد، يتهمونه بأنه كاتب إباحى، ولكن عبد القدوس يرد على هذا الزعم، بقوله: الفرق هائل بين قصة تدنس شرف المرأة وقصة تصفع جهل بعض الأسر بواجبها نحو عملية البناء النفسى السليم لبناتهن! أنا إذن مدافع عن كرامة المرأة، ولست هادمًا لها أو فاضحًا».