رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

30 يونيو رائعة... ولكن


فى الثالث من يوليو 2013 أعلن وزير الدفاع المصرى الفريق أول عبد الفتاح السيسى «خارطة مستقبل» لمصر تم بموجبها عزل محمد مرسى، وتعطيل العمل بالدستور، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا انتقالياً للبلاد.. وجاء هذا الإعلان بعد مظاهرات حاشدة، مما دعا السيسى إلى إمهال القوى السياسية المتصارعة 48 ساعة للتوصل إلى اتفاق ينهى الأزمة، لكن هذه الساعات مرت دون أن تلوح فى الأفق أى انفراجة. «السيسى» أعلن خارطة طريق المستقبل فى حضور شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والأنبا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة المرقسية  و ممثل حزب النور الدينى!!! وبحسب بيان وزير الدفاع حينئذ، فإن الخارطة كانت تشمل وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكا فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة...

فهل لنا أن نسأل، ونحن نقترب بأيام قليلة من الذكرى الثالثة للحدث الأروع فى التاريخ المصرى برفض شعبنا العظيم لإقامة دولة دينية يديرها ويحكمها جماعة مستبدة باسم الدين الخاص بهم فقط .. هل لنا أن نطرح علامات الاستفهام التالية؟... هل تم استدعاء الأزهر والكنيسة باعتبارهما من مؤسسات الدولة الكبرى أم لأنهما يمثلان «أتباعهما روحياً» سياسياً ؟!.. كان من المقبول استدعاء رموزنا الدينية لحضور فرح إسقاط نظام خلط فى حكمه الشأن الدينى بالسياسى، لنعلن للعالم أن لدينا مؤسسات دينية توافق على إقامة دولة ديمقراطية معاصرة لا مجال فيها لتداخل رجال الدين ومؤسساتهم فى الشأن السياسى، ولكن أن يتم دعوة الأزهر والكنيسة للمشاركة فى وضع خارطة المستقبل، فالأمر يوحى وكأنهما باتا على الأقل جهات استشارية مهمة وفاعلة فى إدارة البلاد والعباد سياسيا بما يناقض أهداف ثورة 30 يونيو ذاتها، ويؤسس لدعم موقف استبدادى جديد لقيادات تلك المؤسسات، ولا إيه ؟!! لماذا كانت دعوة حزب النور، وتردد أن ذات الدعوة وجهت لإخوان الشر والنكد اللى الثورة قامت لإسقاطهم مع كل الأحزاب بمرجعية دينية، هل لغسيل الأيادى والقول بمشاركة كل الأطياف السياسية ؟! ... ألم يكن ذلك تعميداً وموافقة على المشاركة من جديد فى حكم البلاد عند فوز أحزابهم بالأغلبية لندور فى أزمنة الخيبة والتعاسة من جديد؟! ماذا عن تمكين الشباب؟!... هل مثلاً لتمكينهم من إعمال آليات الغش عبر مؤسسات التعليم، أم برفض ما طالبوا به من إعمال مواد دستور 2014 عبر مواد الحريات والتعبير عن الرأى؟، أم بتعيين حكومات العواجيز و بعضهم من المنتمين لأنظمة ما قبل ثورة يناير؟! ماذا عن حكاية وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، وقد بات حال الإعلام المصرى فى أسوأ وأحط حالاته للأسف الشديد.. جهل إعلامى وغباوات وكوارث فى مجال الإعلان، وترخص إعلامى غير مهنى فى وضع الأهداف والبناء على مزايدات سياسية كارثية تؤثر بالسلب على مصالح الوطن الاقتصادية والسياسيةوالدبلوماسية وعلى مكانة مصر فى دوائرها الأهم الأفريقية والعربية والشرق أوسطية، والنزول بقوانا الناعمة من فنون وإبداعات ثقافية هبوطاً إلى الدرك الأسفل!!!لقد لخص حالة الشارع المصرى المواطن الفسبوكى «حازم عرفة» على صفحته بعقد مواجهة افتراضية طريفة بين قطب ليبرالى أكاديمى حنجورى اللغة وفضائى الطلة مع رمز سلفى متشدد عنيف اللهجة يراها كذلك: الليبرالى: إن المؤسسات الناظمة لعلاقة الدولة بالفرد فى مجتمع ما بعد الحداثة أثناء محاولة الأسلمة السياسية البنيوية الكامنة التى ستعمل على إنهاء حالة التشيؤ والتسلع والتنميط أصبحت هى حائط الصد الأخير وإنهاء حالة التعصب الطائفى.. والرمز السلفى ثائرا مقاطعاً: اخرس يا ليبرالى يا كافر يا علمانى يا ديمقراطى يا بتاع نجيب محفوظ.. ووصل الأمر إلى حد التنكيت والتبكيت من المواطن المصرى البسيط فترددت نكتة أن فى حكومة ما بعد موقعة الصناديق، وعند طلب حلف اليمين من الوزيرة المسيحية رددت صدقنى فخامة الرئيس ( «صدقنى» هى بديل لدى المواطن المصرى حتى لا يرتكب إثم أن يحلف بمقدسات)!!!! وللحديث بقية.

■ كاتب