رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مفرمة» الديمقراطية الإعلان الدستورى الجديد.. كله فى حب مصر


«للديمقراطية أنياب وإننى سأفرمه بالقانون» «من الأقوال المأثورة للرئيس أنور السادات» بشرى لأهالى المحروسة... لقد تم العثور ـ بعد 151 يوماً فقط من حكم الإخوان المسلمين ـ على «مفرمة» الديمقراطية... وجارٍ البحث على «أنيابها»..

فعلاً المال الحلال عمره ما يضيع.. فرغم ما أشيع عن أن بعض العاملين برئاسة الجمهورية.. قد استغل أحداث ثورة 25 يناير 2011.. والفوضى العارمة المصاحبة لها.. وغافل... المسئولين... وقام بسرقة «مفرمة الديمقراطية» الشهيرة التى كان قد استخدمها الرئيس السادات فى قرارات سبتمبر 1981.. لفرم خصومه السياسيين فرماً أربكهم وشلَّ تفكيرهم، باستضافتهم فى السجون المصرية، حتى يتفرغوا لممارسة ديمقراطيتهم بعيداً عن صخب الحياة خارج السجون.. ويتفرغ السادات لممارسة ديمقراطيته دون دوشة.. ولا وجع دماغ.. ولا قرف المعارضة ولا ضجيج.. شوية سياسيين مش عارفين حاجة ومش عارفين مصلحة البلد فين، وهو فقط الذى كان يعرف ذلك فأراد العمل بهدوء.

وقد استخدم السادات هذه المفرمة.. تحت شعار كبير براق... هو: عدم المساس بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى، أو سلامة الوطن.. فأصدر فرمانات...خطيرة غير مسبوقة..وتعبر عن أن مصر ولادة.. فقد قرر: حظر... استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية... والتحفظ على بعض الأشخاص الذين توافرت قبلهم دلائل جدية على أنهم قد ارتكبوا أو شاركوا أو جندوا أو استغلوا على أية صورة كانت الأحداث التى هددت الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى أو سلامة الوطن.. «وعدد هؤلاء المتحفظ عليهم ١٥٣٦ شخصاً.. من أهم رموز القوى السياسية فى ذلك الوقت ومن بينهم: محمد حسنين هيكل والزعيم فؤاد سراج الدين».. والتحفظ على أموال بعض الهيئات والمنظمات والجماعات والجمعيات....وحل بعض الجمعيات المشهرة......وإلغاء التراخيص الممنوحة بإصدار بعض الصحف والمطبوعات مع التحفظ على أموالها ومقارها.. ونقل بعض أعضاء هيئة التدريس والجامعات والمعاهد العليا.. وبعض الصحفيين وغيرهم من العاملين فى المؤسسات الصحفية القومية وبعض العاملين فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للثقافة.. إلى وظائف أخرى.. وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٧٨٢ لسنة ٧١ بتعيين الأنبا شنودة ـ بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ـ وتشكيل لجنة للقيام بالمهام الباباوية من خمسة من الأساقفة.

وإذا سألت أنصار السادات عن سبب الحبس؟ يقولون لك: ده مش حبس للمعارضة... ده مجرد تحفظ عليهم فى مكان أمين.. عشان ما يعملوش دوشة... حوالين.. «اتفاقية كامب ديفيد» «اتفاقية السلام»... وذلك حتى يتم تسلم باقى سيناء فى 25 أبريل 1982م.. يعنى هنستضيفهم لمدة 8 أشهر تقريبا – بالضبط 232 يوماً من 5 سبتمبر 1981 حتى 25 أبريل 1982.

والغريب فى الأمر أن الإعلان الدستورى - وما هو بدستورى- صدر تحت عنوان براق هو «حماية الثورة»... ومغلف بغلاف جميل هو: «حقوق الشهداء ومصابى الثورة»... كما أن الهدف منه هو «وضع الدستور».. فى هدوء...بعيداً عن دوشة المعارضة...والقلق القضائى....الذى يهدد استمرار جمعية التعساء - المشهورة باسم الجمعية التأسيسية - ويهدد بقاء مجلس الشورى... وعلى فكرة – هكذا يبرر أنصار هذا الإعلان الدستورى - الأوضاع التى يحميها الإعلان الدستورى... هتستمر حتى الانتهاء من الدستور فى 12 فبراير 2013 وكام شهر انتخابات مجلس الشعب وتخلص الحكاية...يعنى حوالى ستة أو سبعة أشهر... 200 يوم بكتيره... يستمر فيها العمل بالإعلان الدستورى الجديد...ويظل رئيس الدولة محتفظاً بالسلطتين التنفيذية والتشريعية...وما تيسر من السلطة القضائية...ويظل التهديد بإعمال المادة «6» من هذا الإعلان الدستورى – والتى تقابل المادة 74 من دستور ، التى استخدمها السادات «لفرم المعارضة» - وهذه المادة - أى المادة السادسة - تبيح لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها، أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذى ينظمه القانون.

وإذا سألت عن معنى التدابير؟ نقول لك: طبعاَ كلمة تدابير..كلمة غنية...يعنى تشمل أى حاجة... إغلاق منابر إعلامية...ماشى.. إحالة إلى التقاعد....مايضرش.. نقل لوظيفة أخرى..مفيش مانع..أو تحفظ فى مكان أمين – وهو اسم الدلع للسجن - برضه كلام كويس...يعنى كلمة تشمل أى حاجة... تمس حقوق وحريات المواطنين... طالما كان ذلك يساهم فى مواجهة الخطر المذكور أعلاه.

طيب لو أى شخص اعترض أو مش عجبه الكلام... أو أى مش عاجبه... تدبير اتخذه رئيس الجمهورية... يعمل إيه.

نقول له: ليس أمامه سوى أن يخبط رأسه فى أقرب حائط... لأن القضاء محجوب حجب حرمان... من أن ينظر فى هذه الإجراءات أو التدابير.... لأن المادة «2» من الإعلان الدستورى أعطت لقرارات رئيس الجمهورية....حصانة... تمنع القضاء من النظر فيها..حتى ولو كان قرار.... بنقل موظف... أو إحالته للتقاعد..... صحيح أن مثل هذه القرارات لا تعتبر من أعمال السيادة التى استقر الفقه والقضاء على عدم دخولها ضمن ولاية القضاء.... لأن أعمال السيادة أكبر من ذلك بكثير..فهى تتعلق... بقرارات كبيرة مثل قرار الحرب أو القرارات المتعلقة بأعمال السلطة التشريعية.. لكن ده – يا جماعة الخير - يحسب للإعلان الدستورى الجديد..فهو... وسع من نظرية أعمال السيادة... وجعلها تتسع..... وتتمدد... وتتداخل... فى أعمال كثيرة طالما أنها صادرة من رئيس الجمهورية.... غير كده وده... هناك أمر مفيش حد كتير واخد باله منه.. أن هذا الحجب عن الرقابة القضائية لأعمال السلطة التنفيذية ـ ممثلة فى رئيس الجمهورية ـ فيه تخفيف عن كاهل القضاة.. هنريحهم من قضايا كثيرة.. يعنى هذا الإعلان الدستورى...هيريح القضاة مش أقل من 5 أو 6 آلاف قضية.. أو أكثر....رُفعت للقضاء بالفعل أو يمكن أن تُرفع فيما عساه أن يصدر من رئيس الجمهورية من قرارات قادمة.... وكل ده بالقانون.....فالمادة الثانية من الإعلان الدستورى الجديد تقول بوضوح إن جميع: «الإعلانات الدستورية، والقوانين، والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية، منذ توليه السلطة فى 30 من يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد، تكون نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وتنقضى جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أى جهة قضائية».

وسيبك بقى من كلام منظمات حقوق الإنسان التى تقول: إن هذه المادة جاءت لتحصن قرارات رئيس الجمهورية من الطعن أو الاعتراض عليها وهو أمرٌ لايستقيم بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التى قامت للقضاء على الحكم الاستبدادى والديكتاتورى، علاوة على أن هذه المادة تهدر مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات وتخلق من رئيس الجمهورية فرعونا جديدا للبلاد.

أصلاً المنظمات ديه..حاقدة...وقلة مندسة.

وتبقى كلمة:

مفرمة الديمقراطية فى زمن الإخوان.. تتفوق على مفرمة السادات...الذى استند فى قراراته «الفارمة» على نص المادة 74 من دستور قائم وموجود، فى حين أن مفرمة الإخوان المسلمين... أوجدها إعلان دستورى صادر من رئيس الدولة ذاته... حيث تنقل المادة السادسة من هذا الإعلان مضمون المادة 74 المذكورة... لتشغل ماكينة الفرم بمقتضاها.

«السادات» استخدم مفرمة الديمقراطية بعد 11 سنة و8 أيام من حكمه، حيث تولى الحكم فى 28 سبتمبر 1970 واستخدم المفرمة فى 5 سبتمبر ، فى حين أن الإخوان استخدموا مفرمة الديمقراطية فى اليوم 151 من حكمهم باعتبار أن الرئيس تولى الحكم فى 24 يونيو 2012 واستخدم مفرمة الديمقراطية فى 22نوفمبر 2012.

«السادات» استخدم مؤيديه بعد إصدار قراراته حيث تظاهروا رافعين شعار «افرم.. افرم.. يا سادات»... فى حين الإخوان المسلمين... جيشوا أنصارهم قبل إصدار قرارات لم يعلموا بها إلا من وسائل الإعلام بعد الحشد بعدة ساعات.

إن السادات استخدم المفرمة وعمره 62 سنة و8 أشهر و10 أيام، حيث إنه من مواليد 25 ديسمبر 1918 وأصدر قراراته «الفارمة» فى 5 سبتمبر 1981، فى حين أن الرئيس الإخوانى استخدم مفرمة الديمقراطية فى عمر أقل بسنة ونصف تقريباً «وهذا تفوق للرئيس الإخوانى على السادات»، وبالتحديد كان سنه 61 سنة و3 أشهر ويومين. حيث إنه من مواليد 20 أغسطس 1951 وأصدر إعلانه الدستورى فى 22 نوفمبر 2012. s

بمناسبة العثور على «مفرمة الديمقراطية» الضائعة منذ قرارات سبتمبر 1981 «الساداتية».... نرجو مَنْ يجد «أنياب الديمقراطية» أن يتصل بأقرب مركز شرطة لتوصيلها للمسئولين عن إدارة البلاد... ونصيحة لمَنْ يجدها أن يتركها على باب قسم الشرطة ويجرى....حتى لا يُتهم بسرقتها... وسين... و..جيم.... وتتخذ ضده تدابير... لا يستطيع أن يطعن ضدها أمام أى جهة فى مصر.. وربما ... فى الخارج.. أيضاً

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.