رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأم والأمومة.. وحقوقها المصونة


يحتفل معظم شعوب العالم بتكريم الأمهات لمكانتهن فى استمرارية الحياة بل وفى نوعية الحياة التى تعيشها المجتمعات حتى إذا ما عرفت بتقدم وازدهار فى أى من بلدان العالم فاعرف بكل يقين دور الأمهات فى هذه المجتمعات.

أما العكس تماماً فإذا ما صادفك مجتمع لا يزال يعيش القهقرى متخلف التعليم منحدر المعيشة معانٍ من الجهل والفقر والمرض فاعلم أن الأم شبه غائبة أو مغيبة.

والأم ليست بالضرورة هى فقط من ولدت فهناك أمهات ولدن ولم تتح لهن فرص تربية من ولدن كحالات الوفاة عند الولادة أو حرمان من ولدت من تربية أولادها بل وحلت مكان من ولدت أخرى لم تكن على قدر من العلم أو من ضمير.

وأطفال الشوارع دليل على التفكك الأسرى من جانب وقصور الدول والمجتمعات عن إيجاد الحلول البديلة ومنها بدائل الأمهات.

والمجتمعات الراقية أو التى ارتقت من اهتمت بالنشء حتى ولو كانوا بين أسرة متكاملة الشكل مختلفة المضمون حتى لا يحسنوا تربية أولادهم، فالدولة هى الحاضنة لكل من على أرضها حتى يمكنها حرمان الوالدين من أولادهم إذا ما أساءوا تربيتهم

وصحيح أن أمومة الأم التى حملت على وهن وذاقت ألم مخاض ولادتها لا يعوضها بدائل مهما بلغت من حرصها وحسن رعايتها، ولكن نشأتهم فى جو من الأسرة أفضل من دور لا تبنى على دراسة راسخة أن الهدف هو الرعاية الإنسانية عن اقتناع وحب لا عن تجارة ونهب أو لمجرد الشهرة والطمع فى الدنيا أو حتى الآخرة وحتى لا ننكر فضل الأم المصرية رغم ما تعانيه الكثير من العائلات من ضيق ذات اليد ومن ضعف التعليم ومن فهم خاطئ لدور الأمومة وإنكار لفضلهن والعمل على راحتهن سواء فى مجال العمل، فكثير من الدول تعطى الأم عاما أو أكثر راحة كاملة مدفوعة الأجر حتى لا يحرم الطفل من أمه على الأقل فى العام الأول لمولده مع وجود دور لرعاية الأطفال مزودة بكل الوسائل الحديثة التى تحبب الصغار فيها حيث يقضى الطفل يومه كاملا فى جو من الراحة والغذاء الصحى وغرس العادات الحميدة ومن يقوم بالخدمة أكفاء تعليميا وخلقيا حيث يجتازوا فى تعيينهم الفحص الدقيق ، ومع هذه لبدائل الأمومة مهما بلغت لا سيما والأمومة المثقفة والتى تخضع للفحوص الصحية والنفسية ما قبل الحمل وطوال مدته ومع هذا فلا بديل عن أحضان الأم وسهرها وتعبها، وفى غالبية دول العالم وفى البلدان التى تجيز التبنى لا يمكن التصريح لأسرة بديلة بتبنى طفل قبل الفحص، والتحرى ومعرفة تاريخ الأسرة ماليا واخلاقيا وظروف المعيشة والمستوى المالى الذى يمكن ان يعيش فيه الطفل المتبنى حتى أن معظم دول العالم الول أغلقت دور رعاية الأطفال لوجود الأسر البديلة التى ترعى أطفالها بالتبنى وقد يكون للأسرة أولاد بالميلاد ومعهم أخوة وأخوات بالتبنى ولا فرق بينهم فى كل الحقوق والواجبات حيث تدرس حالات هذه الأسر طالبة الأطفال بكل دقة قد تستغرق عاما أو أكثر قبل إن يسمح لهم بالتبنى وبالتالى فلا يوجد أطفال فى الشوارع وان كان هناك أباء فى الشوارع الذين يطلق عليهم (دون مسكن ) وهذا أمر آخر . وقد يحدث أن تتزوج الأرملة بزوج آخر ويقبل الزوج الآخر أن يتبنى أولادها من الزوج الأول وفى هذه الحالة يؤخذ رأى الصغير وباتفاق الأم ومنهم من وصلوا إلى أعلى الرتب والمراكز العالمية وقد تكون الأم البديلة التى باختيارها قبلت الزواج من الأرامل وأحسنت تربية أولاده حتى بعد أن ولدن أطفالا فلم تفرق بين من ولدتهم ومن ربتهم فصدق المثل العربى «رب أخ لك لم تلده أمك» وفى بلداننا نحتفل كل عام بالأمهات الفضليات التى سهرت وتعبت وحرمت نفسها من أجل أولادها حتى قيل فى الأمثال «إن مستقبل أطفالنا هو من صنع امهاتهم فهى التى أعطت من حياتها فصنعت مستقبلهم فقال شعراؤنا : إن الأم روض وجنات ومن الشعراء من تغنى بالام ودورها فقالت بهية العزيز « العيش ماض فأكرم والديك به .. والأم أولى بإكرام وإحسان» .

اما شاعر النيل حافظ ابراهيم فله بيتا نحفظه ونردده فى كل مناسبة تكرم فيها الام

الام مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق

أما الشاعر الإنجليزى شكسبير فكتب فى الأم ما ترجمته : « ليس فى العالم وسادة أنعم من حضن أمى» فالأم جمال وإبداع وخيال وإشباع وهى الجوهرة المصونة واللؤلؤة المكنونة والكنز الموجود لأهل البر والودود.. إنها بكل الصدق والحق زهرة النسيم التى لا نهاية لرائحتها فهى دائمة العبق فى كل المواسم فهى الحنان وكل الجمال وحضن الأمان فى الصغر كما فى الكبر وهذه هى أعجوبة الأمومة التى لاتنتهى حتى بالموت الذى يفصل الاجساد ولا يغير فى الفؤاد وفى الأكباد بل تبقى ذكراها كلما تباعدت زمنيا زاد الحنين إليها وجدانيا فهى صفاء القلب ونقاء السريرة بل هى الوفاء والولاء وعتاد الأسرة ومهبط النجاة بل هى الكوكب المضىء الذى لا يغيب ضياؤه ولا تحجبه سحب أو غيوم حتى قال عنها إبراهام لنكولن «إن أمى هى أعظم كتاب قرأته فى حياتى كلها».

أما نابليون بونابرت فكتب فى وصفه لأمه «إنها هى التى تهز المهد بيسارها وتهز العالم بيمينها».

أما المصلح والمرشد والمعلم جون وسلى فله هذه الكلمات «أمى هى النبع الذى أستمد منه أسمى مبادئ حياتى»

أما الفيلسوف جان جاك روسو فله هذه المقولة « لو وضع العالم كله فى كفة وأمى فى كفة أخرى لاخترت أمى» أما من اخترع المصباح الكهربى فغير شكل ومضمون الحياة فله مقولة عرفت عنه قالها بل وعاشها توماس إديسون « إن أمى هى التى صنعتنى».

أما الفيلسوف فيكتور هوجو فقال: «إن صغر العالم كله فستبقى أمى هى الكبيرة» ومن اعظم رؤساء أمريكا الرئيس الثالث توماس جفرسون فله مقولة من مقولات فلسفية وأخلاقية كثيرة « الأمومة هى حجر الزاوية فى صرح السعادة الأسرية»

وحتى لا تستغرقنا الشهادات التى لا تنتهى لعظماء العالم فأختمها بمقولة سقراط «لن اطمئن قط إلا فى أحضان أمى».

أما ما لا يمكن السكوت عنه.. فهو كيف ننتقل من الأقوال إلى الأفعال ومن ألشعارات الرنانة إلى الأفعال الحياتية المعاشة حتى إذا ما أجرينا تحليلا علميا للمواقف الجارية والأحداث المتكررة من العنف وسفك الدماء والخمول والفتور فى أغلب مناحى الحياة فلنا أن نحاسب أنفسنا قبل أن نلقى باللوم على كل الظروف والمواقف دون أن نراجع النفس فى حساب قد لا يراه البشر ولكنه لا يسر من علمونا وربونا لا سيما الأمهات الفضليات الأحياء منهم والأموات، والحل الذى لا بديل غيره أو قبله: أعيدوا للأم مكانتها وأحسنوا للنساء معاملاتهن حتى لا يهتز عرش الأمومة وقبل سقوطه ، فبسقوطه يسقط حاضرنا وكل مستقبلنا وقولوا على المجتمع السلام ولا نفع من الكلام.