رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

للصين شعب.. أراد الحياة


يتنادى المفكرون فى بلادى إلى السعى نحو مشروع قومى لإحداث نهضة شاملة نتعامل فيه مع فرضيات الواقع بموضوعية، والاعتراف بوجود المفردات السلبية ومحاولة التصدى لها وجعلها منصات انطلاق نحو التغيير ومن ثم عدم التوقف عندها والبكاء على اللبن المسكوب.. .

... ولا شك أننا نعانى من فجوة بين المشاريع المطروحة للإصلاح فى كل منطلقاتها الاقتصادية والسياسية والثقافية وبين ما نراه على أرض الواقع من إنجازات فعلية تحقق التطلعات الوطنية التى ترقى بمستويات المعيشة وتحدث قفزات ملموسة فى دفع القدرات الإنتاجية وتحقيق العدالة الاجتماعية. وقد يصيب الناس فى بلادى بعض الإحباط عند متابعتهم لحال دول انتصرت على العديد من عوامل التخلف ومعوقات التنمية، وبعضها بدأت مشاريعها التنموية بالتزامن مع محاولاتنا المصرية، بل إن البعض منها كانت البداية الحقيقية لها منذ عقود قريبة وحققت ما يشبه الإعجاز فى تحقيق طفرات اقتصادية هائلة..

ولعل الصين خير مثال، حيث بدأت مراحل النمو الاقتصادى الكبير والسريع فى عام 1978وتحقق لها أن تصل بمعدل النمو إلى 9 % سنوياً وبلغ متوسط نمو دخل الفرد الحقيقى 8 % خلال العقد الماضى، بينما تراجعت معدلات الفقر إلى أقل من النصف، وبهذا نجحت الصين فى أن تنجز أسرع تقدم اقتصادى مستدام فى تاريخ البشرية وأن تتكامل مع الاقتصاد العالمى من خلال رفع شعار التصدير من أجل حياة أفضل اتبعت الصين إحدى القواعد المهمة فى الاستثمار من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية مع اشتراط استخدام العمالة الصينية، وكذلك إلزام المستثمر الأجنبى بإنشاء مراكز للأبحاث والتطوير للارتقاء بالمنتج ومحاولة تقليل تكلفته إلى أدنى مستوى ممكن، وبهذا استطاعت من خلال هذا التوجه الاستفادة من تلك المراكز لنقل التكنولوجيا من المستثمرالأجنبى إلى الداخل.. كما بدأ الصينيون يستفيدون من هذه الاستثمارات الأجنبية عن طريق إمداد الشركات والمصانع الأجنبية باحتياجاتها من مدخلات الإنتاج ومستلزمات.. لقد تحولت الصين خلال عدة سنوات إلى ما يمكن أن نطلق عليه مصنع العالم من خلال قدرتها على جذب الآلاف من الشركات والمصانع والمؤسسات الكبرى فى العالم، حتى أصبح لها جميعا فروعاً رئيسية لها فى الصين تقوم من خلالها تلك المؤسسات بالتصدير إلى كل أنحاء الدنيا.لقد شغلنى منذ فترة قراءة ما كتب ويكتب عن الصين وتجربتها التنموية.. وقد استوقفنى وأنا أستعرض أوراق أرشيفى الخاص ملخصاً بديعاً للكاتب محمد مصطفى غنيم لكتاب تحت عنوان الصين فى عام 2001 نشر فى مجلة الطليعة عدد إبريل عام 1968 واحتفظت به.. والكتاب تأليف هان سوين وصدر فى طبعته الإنجليزية عام 1967.. تقول الكاتبة لقد كفلت خطة السنوات الاثنتى عشرة لتنمية الزراعة من 1956 إلى 1967، الخطوط العريضة لمحو الأمية، وإنشاء المدارس، وتدريب الملايين على الفنون العسكرية.. لدرجة أن نسبة الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة فى الريف قبل 1949 لا تزيد على 5 %.. أما اليوم «عام صدور الكتاب 1967» فإن أكثر من 60 % من مجموع سكان الصين فى المناطق الريفية أصبحوا الآن يقرأون ويكتبون «ولنا أن نتصور الوضع الآن فى 2006».. وأضافت أنه قد وضعت الشروط التالية لإقامة أى مشروع:

«1» تحقيق أفضل خدمة لمصالح الشعب فى المدى الطويل ليس الآن فقط، بل خلال الثلاثين عاما المقبلة.. «2» تحقيق أقصى فائدة بأقل تكاليف، عن طريق عمل المتطوعين بلا أجر من أبناء المنطقة أنفسهم.. «3» تزويد هذه الخطط باعتبارات إجمالية، سواء من ناحية التطور فى زمن السلم أو الدفاع الاستراتيجى خلال الحرب.

وللحديث بقية.