رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القس منيس عبد النور... حدوتة حب «2-2»


فى المقال الماضى ذكرت بعضاً من الخصال الحميدة للراحل الدكتور القس منيس عبد النور، ذلك الرجل الذى رحل عنا الأسبوع الماضى بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء والخدمة المتفانية للكنيسة وللمجتمع، وفى مقال اليوم نستكمل الحوار حول هذا الرجل العملاق.

سافر منيس عبد النور خارج مصر وزار معظم بلدان العالم، وعلى الرغم من السفريات الكثيرة لراحلنا الكريم حول العالم إلا أنه كان عاشقاً لمصر، فعلى الرغم من حصوله على الكارد الأخضر Green Card إلا أنه قام بإعادته إلى السلطات الأمريكية بعد 3 سنين من حصوله عليه، ففى أحد حواراته قال: «أنا أحب أن أعيش فى مصر وأموت فى مصر لأن دعوتى كانت للخدمة فى هذا المكان، وعندما كنت فى أمريكا عام 56/57 دعانى أحد المجامع المشيخية وأسرتى أن أقيم 4 سنوات للخدمة هناك فاعتذرت عن عدم قبول الدعوة لأنى شعرت أن الدعوة الإلهية لى أن أخدم فى مصر».

لقد رحل عن عالمنا منيس عبد النور، ولكن هل مات العظيم العملاق؟ هل غابت وانتهت حدوتة الحب ؟!!

قال أحد الشعراء: «الناس صنفان : موتى فى حياتهموا وآخرون ببطن الأرض أحياءُ»، ومنيس عبد النور لم يكن ميتاً فى حياته ولذا فهو سيبقى حياً حتى بعد مماته، إنه كان بمثابة شمعة أضاءت فى دجى الليل، واحترقت حباً وتفانياً فى خدمة الآخرين والوطن، وحياته لم تكن عقيمة سقيمة، ولكنها كانت حياة عميقة مثمرة، وحياة الإنسان تُقاس بعمقها، والراحل كان بحق رجلاً نبيلاً وشريفاً وحكيماً وعظيماً بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان.

إن الدكتور القس منيس عبدالنور لم يمت، فهناك كتبه ومقالاته، وهناك حواراته وأحاديثه الإذاعية والتليفزيونية، وهناك تلاميذه، ومحبوه، وهناك من عايشوه عن قرب، وهناك من عرفوا كيف كان يفكر هذا الرجل وكيف كان يعمل، ونحن نثق أن المسيرة ستستمر ولن تتوقف، فالرواد هم الذين يؤمنون بالعمل الجماعى ولا يستحوذون بأنفسهم على أى عمل، ومنيس عبد النور آمن بالعمل الجماعى وبإفساح المجال لآخرين لذا فهو تلمذ كثيرين، وأقنعهم بفكره وبرؤيته، وهم سيسيرون على الدرب نفسه. يا أستاذنا الغالي، إن كان يعز علينا كثيراً أن ترحل عن عالمنا وتفارقنا بجسدك، إلا أننا على يقين كامل بأن أمثالك تموت أجسادهم فقط لأن الموت حق على الأحياء جميعاً ولكن ذكراهم لا يمكن أن تموت، لأنك فرضت نفسك على الزمان والمكان فرضاً، فهل يمكن أن يفارقنا عطر نضالك وشذا سلوكك ورحيق قدوتك؟!، وهل من الممكن أن ننساك؟!، بالطبع لا وألف لا، فسيرتك العطرة باقية، ورسالتك الراقية خالدة، ونحن على يقين تام بأن القبر الذى يضم جسدك لن يستطيع أن يستأثر بك، لأن لك فى قلوب الذين يحبونك ذكراً لن يموت، فلا يمكن أبداً أن يموت من عاش فى قلوب الآخرين، ولا يمكن لنا أبداً أن ننسى حدوتة الحب!!.