رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تمسح أحزانها


عاش المصريون سنوات معاناة طويلة، وخلال تلك السنوات فقد المصريون الكثير من الآباء والأخوة والأبناء والأصدقاء الأعزاء، وتحولت مصر إلى سرادق عزاء كبير وتردد فى جنباتها الصراخ والعويل، لكن كان هناك الأمل على الرغم من الألم، وكان هناك رجاء فى الشمس التى تُشرق على الرغم من ظلام الليل، وكان هناك الفرح الداخلى المُنتظر على الرغم من الثياب السوداء التى اتشح بها المصريون!! من طلب العُلا سهر الليالى، ومن جد وجد، وبصبركم تربحون أنفسكم. هكذا – بعد أربع سنوات من المعاناة والقهر والإرهاب والضيق والآلام – حصد المصريون ثمار تعبهم، فمسحت مصر أحزانها، ووجد أهالى الشهداء صدر الأب الواعى الذى احتضنهم بأبوة معهودة من منطلق تقديره لمسئوليته وفهمه لدوره كأب قبل أن يكون رئيساً. لقد كان الاحتفال الأسطورى الذى بهر العالم صناعة مصرية خالصة، منذ بداية أول فأس يُضرب فى أرض القناة فى الخامس من أغسطس من العام الماضى، وكل مصرى التزم بوعده. حتى الأرملة الفقيرة التى لم يكن معها ما تملكه حتى تسهم فى تمويل هذا العمل الوطنى، سارعت وباعت ما تملكه. بالحقيقة أنها أعطت أكثر من الذين كانوا يملكون الملايين لأنها أعطت من أعوازها. فالإنسان المصرى – على مدى التاريخ – إنسان معطاء، يظهر معدنه الحقيقى وقت الأزمات. فلا يتأخر عن تلبية نداء الوطن، فالوطن يسكن بداخل كل مصرى صادق، يقدس تراب الوطن، ويميز بين الصالح والطالح، ويلتزم بتعهداته مهما كانت التضحيات. الأب الذى استشهد ابنه عبّر عن رغبته فى استشهاد ابنه الثانى فى سبيل تحرير أرض الوطن من جماعة الأشرار. لقد دخلت الفرحة بيوت الشهداء، الذين بلا شك أن أرواحهم الطاهرة شاركتنا أفراحنا، وتحول الحزن إلى فرح. نعم كان الليل طويلاً، لكن بالصبر والتضحية أشرقت الشمس فتبدد ظلام الليل، وعادت أرضنا إلينا، ومياهنا إلينا، وسماؤنا إلينا. وشهد العالم كله على المقدرة الفائقة للمصرى فى أن يخلص أرضه من كيد الأشرار ومؤامرات الأعداء الخافين والظاهرين.

افرحوا أيها المصريون لأنكم حصدتم ثمار تعبكم، فلتسترح نفوس الشهداء الأبرار لأن أبناءكم حصدوا ثمار استشهادكم بالدم، أفرحوا أيها الأطفال لأن آباءكم أعدوا لكم مستقبلاً أفضل، فحافظوا على إنجازات الآباء وجهاد الشهداء. «مصر» أغلى اسم فى الوجود وستظل كذلك إلى مدى الدهور.

كتبت إليكم يا شباب مصر لأنكم أقوياء وحُب مصر ساكن فيكم وقد غلبتم الأشرار بروح إصرار وبمساندة من القيادة السياسية وتأييد من الله الساكن فى الأعالى. كتبت إليكم أيها الرجال الأبطال الذين اقتحمتم الأخطار وتحملتم صنوف الآلام وقدمتم أرواحكم فداءً للوطن حتى صار الوطن متجملاً بالفرح والبهجة والسرور. من يحمل محبة صادقة لمصر ولا يشارك المصريين فرحتهم؟ من يحمل روحاً وطنية صادقة ولا يفرح بالإنجازات الحقيقية التى تحققت؟ من يحمل حُباً صادقاً للوطن ولا يشارك أبناء الوطن فرحتهم بما تحقق من إنجازات حقيقية؟ فلنلتحف جميعاً بروح الفرح والنصرة ونثق أن الله الذى بدأ معنا سيكمل – حسب وعده الصادق والأمين – سلسلة الانتصارات والأفراح وتعود مصر إلى سابق مجدها. انهضى يا مصر فقد أشرق ضوء الرب عليكِ.

أستاذ بكلية الهندسة ــ جامعة الإسكندرية