رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البناء السليم.. وإعادة التأسيس


بعد يناير ٢٠١١ مازلنا أمام كيفية تحقيق مقومات النهوض الحضارى لبناء دولة عصرية بلغة التطور والتنمية المستدامة.. والدولة العصرية خرجت الجماهير من أجل بنائها فى العام ٢٠١١ ثم خرجت مرة أخرى لتسقط حكم الجماعة الإرهابية ٣٠/٦/٢٠١٣.. ومن هنا أصبح المجتمع بحاجة إلى نضال وطنى ضد العنف والفرقة والتشتت.. ولكن الحشد الوطنى لم يكن على قدر المسئولية وكانت الضرورة أن يكون فى مستوى التحدى.. ونعم المجتمع يواجه الإرهاب من دعاة التأسلم السياسى والمكافحة متواصلة ومستمرة.. ونحن قبل ٢٠١١ تعايشنا مع ركود سياسى بزمن مبارك.. وحكمه تناسى أن خير الاستثمار فى البشر.. وهذا ما تتحرك به البلدان المتقدمة.. وهى أيضا تتحرك بالمواطنة كمصدر للعلاقات الاجتماعية.. وبقاعدة الكرامة والحرية والعدالة.. والمجتمع يعانى من ضعف التنمية البشرية.. وقضايا الفقر والبطالة وعدم استنهاض الاستثمارات الداخلية والخارجية.. وضعف إنتاجية الإنسان المصرى.. وغياب الكوادر والكفاءات فى القطاعات التنفيذية.. بل آخر عمل الإنسان المصرى نصف ساعة فى اليوم.. وهذا فى حد ذاته معاول هدم.. بالإضافة إلى أن حجم التحديات كبير.. ومتعدد ولكن يبقى الشعور بالأمل قائماً.. ومصر إن كانت تمر بظروف دقيقة من صنع سياسات سابقة وكانت هشة فإنها اليوم تنشد إقامة علاقات اجتماعية واقتصادية لإعادة تأسيس.. خاصة أن من أبرز التحديات المجتمعية الوضع الأمنى رغم نقاط التحسن والتحديات الاقتصادية وفى ضوء تلك التحديات فإن ثمة مستجدات مهمة يجب أخذها فى الاعتبار عند صياغة الرؤى المستقبلية.. لأن مازال للدولة دور فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتبرز الحاجة لتفعيل دور القطاع الخاص .. وضرورة تفعيل آليات السوق.. والبناء السليم وإعادة التأسيس بحاجة لفكر علمى وتقنى ومعلوماتى لتحقيق المعالجة الشاملة لقضايا السكان والموارد البشرية.. وإصلاح الاختلال فى التركيبة السكانية وتركيبة القوى العاملة.. وبما يحقق التجانس السكانى والاجتماعى.. ونحن فى زمن هلت به رياح العولمة بما لا تشتهى السفن.. والعولمة بقدر ما تهدف إلى توحيد الأسواق الاقتصادية والمالية والتجارية تنشد فى الوقت نفسه إلى تحقيق انصهار الثقافات والقيم ونظم المعرفة.. ومن أجل إلغاء الخصوصيات بين الثقافات والشعوب.. والعولمة تنشد الاستهلاك فى إطار كونية الكون.. ومع العولمة نتأمل سفينة الموت فى المجتمع الإنسانى فنجد نحو ٣٠ مليون نسمة يموتون من الجوع سنويا و٨٠٠ مليون نسمة يعانون من سوء التغذية وهم احتياطى فى طابور الموت.. و٣ مليارات نسمة دخلهم نحو ٢ دولار يومياً.. بالإضافة لملايين الأطفال الذين يفقدون السعرات الحرارية .. إلخ.. بالطبع خلل نتج من سياسات النظام العالمى الجديد.. وسياسات العولمة تعنى «موت الإنسان».

والبناء السليم وإعادة التأسيس فى أمس الحاجة لتطبيق اقتصاديات السوق مع عدم التخلى عن دور الدولة بالتخطيط والاتزان فيما تراه مفيدا لوضع الفكر التنموى البناء ووقف الممارسات الاحتكارية.. والإقبال على الاستثمارات الدولية وعدم التخوف منها وفتح باب التجارة بدلا من بدائل الواردات والاستعانة برأس المال الأجنبى.. وذوى الخبرة المعترف بهم دوليا إلى جانب رأس المال المحلى.

كاتب وباحث