رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى رحيل رائد التربية القبطية


فى 19 ديسمبر 1923 وُلد سليمان نسيم فى حى القللى بالقاهرة، وبعد أن أتم تعليمه الأولى فى القللى التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية بشبرا. وفى عام 1940 انتقلت أسرته لتعيش فى جزيرة بدران بشبرا. فى عام 1963 حصل على الماجستير فى التربية ثم فى عام 1987 حصل على الدكتوراه فى أصول التربية من جامعة عين شمس. لم تكن التربية بالنسبة له علماً تخصص فيه، بل كانت التربية هوايته ووسيلة يخدم المجتمع والكنيسة من خلالها. لذلك حينما سجل لدرجة الماجستير فى التربية اختار موضوع « تاريخ التربية المصرية فى العصر القبطى» تحت أشراف د. حامد عمار. التربية عند البعض تعنى التسلط وإخضاع الآخر، لكن التربية عند د. سليمان نسيم تعنى المحبة والأبوة والرغبة فى تنمية الآخر. وهناك فرق كبير بين من يحيا الأبوة بكل أبعادها من تضحية وحنان وعطف ومودة، وبين من يتكلم عن الأبوة كمحاضرة أو عظة أو تعليم!! فى عام 1991 أصدر كتاب: «عطاء المسيحية للتربية».من القصص العملية حدث فى فترة طفولة ابنة شقيقته – قبل دخولها المدرسة – أراد خالها د. سليمان أن يزيل عنها رهبة هذا الحدث، فأخذها إلى مدرسة الصداقة بجزيرة بدران قبل بدء الدراسة وآراها المكان الذى ستلعب فيه وحجرة الرسم وحجرة الموسيقى وهذا جعلها تشتاق لبدء الدراسة. وهكذا حينما دخلت هذه المدرسة كانت مشاعرها تختلف عن مشاعر باقى زميلاتها الخائفات. هذا النظام التربوى الجاد مازالت تطبقه الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فقبل بداية الفصل الدراسى تقوم بتنظيم جولة فى أنحاء الجامعة للطلبة الجدد، يتولى الإشراف على هذه الجولة بعض طلبة وطالبات الجامعة من المتفوقين دراسياً ويكونون مرشحين من قِبل أساتذة الجامعة. ومن هنا يتعرف الطالب الجديد على مبانى الجامعة ومنشآتها وأنشطتها. فيبدأ الفصل الدراسى وهو لديه معرفة كاملة بالجامعة.

كانت لديه محبة شديدة وصادقة نحو الفقراء. حدث وهو شاب فى ليلة أحد الأعياد أن عاد من صلوات الكنيسة، وبعد أن اجتمعت الأسرة لتناول الطعام رفض أن يشاركهم!! وعندما ألح أفراد أسرته لمعرفة السبب قال لهم وهو ذاهب للكنيسة قابل عم «فلان» ولما هنأه بالعيد وسأله عن أحواله عرف منه أنه لفقره لم يستطع تدبير طعام العيد!! ولهذا قرر أن يشاركه حالته ويمتنع عن تناول طعام العيد. ولما وجد أفراد أسرته أنه مصمم على رأيه، اقترح أحدهم أن يأخذوا طعاماً من طعام الأسرة ويتوجهوا به إلى هذا الرجل فى ذلك الوقت المتأخر، ولما عادوا تناول سليمان معهم الطعام واشترك الجميع فى بهجة العيد.

فى شبابه المبكر كان يستيقظ مبكراً لإعداد بعض السندوتشات ليقدمها للفتى الذى يجمع القمامة من المنازل، وكان يوجه إليه بعض النصائح مثل ضرورة ارتدائه حذاء فى قدميه وأن يغسل يديه قبل تناول الطعام حتى لا يتعرض للإصابة بالأمراض. وفجأة فى صباح الأحد 12 يوليو 1998 «يوافق عيد الرسل فى الكنيسة القبطية» وبعد أن عاد من صلوات العيد بالكنيسة وتناول طعام الإفطار، واستعد لمغادرة المنزل للاجتماع ببعض المفكرين، سقط أمام باب شقته وانتقل إلى الحياة الأبدية.

أستاذ بكلية الهندسة ــ جامعة الإسكندرية