رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رحلة سياحية إلى المدينة الرخامية


فى هذه الكلمة الموجزة أتقدم للسيد المهندس رئيس مجلس الوزراء بفكرة مشروع قومى يجلب لمصر جذبًا سياحيًا راقيًا ويساعد على النمو الأقتصادى للوطن. فى عام 1979 قررت اليونسكو إدراج آثار أبومينا بمريوط ضمن قائمة التراث العالمى وبذلك أصبح واحداً من أهم الأماكن الأثرية فى مصر. تلك المنطقة المهمة التى أطلق عليها عالم الآثار الألمانى كارل- ماريا كاوفمان «1872 – 1951» لقب «الأكروبول المسيحى القديم».

كانت منطقة مريوط – قديماً – يُطلق عليها أرض التحنو «أى الزيتون»، وتُعتبر أول الممالك التى وُجدت فى مصر قبل توحيدها على يد الملك نارمر «مينا» الذى تصوره اللوحة الشهيرة وهو يُخضع ملك التحنو. كان الأقليم يزخُر بالمراعى والمزارع الكثيفة وكانت الأمطار أغزر مما هى عليه الآن. ونعلم أن مياه بحيرة ماريا «مريوط» كانت عذبة تغذيها الترع والخلجان المتفرعة من الفرع الكانوبى، وكانت أعلى فى مستواها ومساحتها أكبر مما هى عليه الآن، فقد كان عرضها أكثر من 270 كيلومترًا وطولها يقل عن 56 كيلومترًا. كانت منطقة مريوط أقدم من الإسكندرية نفسها وأنها كانت مقراً لأغنياء الإسكندرية، يقيمون قصورهم على ضفاف بحيرتها ويتواصلون بين أجزائها بالقوارب الصغيرة.

فى العصر المسيحى كان الحجاج المسيحيون – من جميع أنحاء العالم - بعد أن يزوروا الأماكن المقدسة فى أورشليم فى فترة عيد القيامة، يستقلون البواخر إلى الإسكندرية، ومنها يستقلون قوارب ببحيرة مريوط حتى منطقة مريوط، حيث يتوجهون لزيارة والتبرك من كنيسة القديس مينا العجايبى الفخمة وينالون بركة القديس المصرى «289 – 309م» ثم يعودون حاملين معهم هدايا التى كانت عبارة عن قوارير فخارية «مرسوم عليها القديس مينا» مليئة بالزيت المقدس أو من الماء المقدس الذى كان ينبع من بئر بجوار قبر القديس، حيث كان الذين تقعدهم الأمراض يكلفون أقاربهم وأصدقاءهم بإحضار كمية من مياه القديس مينا فى تلك القوارير الفخارية التى تُصنّع فى المدينة. وقد انتشرت هذه القوارير فى أنحاء كثيرة من العالم، فى آرل وغيرها فى صقلية، وسردينيا وإيطاليا واليونان وآسيا الصغرى وإيرلندا وألمانيا ومصر ومارسيليا بفرنسا. كما كانت المدينة تزدحم فى عيدى القديس مينا فى 22 يونيو «15 بؤونه» و 24 نوفمبر «15 هاتور». فى عام 1905 تمكن كاوفمان ومساعده فولز من اكتشاف المدينة الرخامية بعد أن كانت قد اختفت منذ القرن الحادى عشر الميلادى بسبب عوامل مختلفة، وفى عام 1959 تمكن البابا كيرلس السادس «1902 – 1971» البطريرك 116 الذى كان صاحب رؤية صائبة وتقوى حقيقية وضمير حى من إحياء المنطقة مرة أخرى، فعلى بُعد 3 كيلومترات من المنطقة الأثرية أقام ديراً حديثاً باسم القديس مينا، وتحولت المنطقة إلى أرض خضراء. وحالياً يضم الدير العديد من الرهبان وبه فرن خاص لصناعة تلك القوارير الفخارية وقد اعتدتُ أن أصطحب بعضًا من تلك القوارير معى فى سفرياتى للخارج لدول أوروبا والتى يتلهف عليها العارفون بتاريخ المنطقة.لذلك أتقدم باقتراح إلى السيد رئيس الوزراء النشط فى إعادة إحياء مسار تلك الرحلة من ميناء الإسكندرية، ثم بالقوارب الموجودة ببحيرة مريوط – أو بالطريق البرى - يتوجهون إلى مريوط، ومنها إلى منطقة القديس مينا ليشاهدوا بقايا المدينة الرخامية ويحصلوا على القوارير الفخارية، وفى هذا جذب سياحى لتلك البقعة المقدسة التى بأرض مصر