رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة


تساءل الكثيرون عن مفهوم الشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين، فى حين أن البيان يوضح جميع جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، ولاسيما توطيد العلاقات بينهما إلى مستوى متقدم، وهذا هو الفارق بين التعاون المحدود والشراكة الاستراتيجية الشاملة أى متعددة الجوانب.
فقد شدد البيان على ضرورة تمسك البلدان بثوابت العلاقات الاستراتيجية الشاملة، والعمل معًا لتحقيق المصالح المشتركة، كما يكثفان الزيارات المتبادلة ويواصلان التشاور فى إطار آلية الحوار السياسى بين وزارتى الخارجية. كما أكدا أهمية تأييد المصالح الحيوية ومراعاة الشواغل الخاصة بكل منهما، ويحترم كل منهما الشئون الداخلية للآخر، ويؤيد حقه فى تحقيق مصالحه والحفاظ على أمنه القومى بجميع أبعاده ووحدة وسلامة أراضيه.

وكانت للمجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية أهمية كبيرة إذ أكدا ضرورة اتفاق الجانبين على تحقيق المنفعة المتبادلة وتفعيل دور اللجنة الاقتصادية والتجارية الثنائية بين البلدين، وأعربت مصر عن دعمها لمبادرة إحياء طريق الحرير البرى والبحرى، كما يدعم الجانب الصينى خطط الحكومة المصرية لإنعاش الاقتصاد، بما فى ذلك المشروعات القومية الكبرى التى تنفذها، ويعمل البلدان معًا فى إطار التعاون الثلاثى سواء مع الدول العربية أو لصالح أفريقيا.

واتفق البلدان على التعاون فى المجالات العسكرية والأمنية، وتبادل الزيارات بين القوات المسلحة فى البلدين، وتحقيق التواصل بين مختلف الكليات والمعاهد العسكرية، وتفعيل دور اللجنة المصرية الصينية للتعاون فى الشئون الدفاعية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والعابرة للحدود والجرائم الإلكترونية، مع إدانة البلدان الإرهاب ورفض ربطه بدين معين أو عرق محدد، كما يرفضان المعايير المزدوجة فى مكافحة الإرهاب.

وبالنسبة للمجالات الثقافية والإنسانية، كان هناك حرص على تبادل زيارات الوفود الثقافية، واعتبار عام 2016 عامًا للثقافة المصرية فى الصين وللثقافة الصينية فى مصر، ويحرص البلدان على إنشاء آلية اللجنة الثقافية المشتركة بين البلدين، ودعم التواصل بين الجامعات والمعاهد المختلفة، والمراكز الثقافية المصرية والصينية، ولاسيما معاهد كونفشيوس، والتعويل على دورها لدعم التواصل الثقافى والتعليمى بين البلدين.

كما يواصل الجانبان التعاون فى مجال السياحة، ويدعم الجانب الصينى الجهود المصرية الرامية لاستعادة النشاط السياحى إلى مصر، ويشجع السائحين الصينيين على زيارتها، كما يشجع الجانبان توقيع اتفاقيات التوأمة بين المحافظات والمدن المصرية والصينية.

وشددا أيضًا على ضرورة التعاون فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والفضاء، عن طريق تفعيل اللجنة المشتركة للعلوم والتكنولوجيا، وتعزيز التعاون بين الجامعات والمعامل ومراكز الأبحاث المصرية والصينية، واتفق الجانبان على تطوير التعاون فيما بينهما فى مجال الفضاء والاتصالات والاستشعار عن بعد.

أما بالنسبة للشئون الإقليمية والدولية، فتأكد التزامهما بتطبيق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وفى مقدمتها احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وكذا رفض تسييس قضايا حقوق الإنسان، كما تدعم الدولتان جهود إصلاح منظومة الأمم المتحدة وإعطاء الأولوية لزيادة تمثيل الدول النامية، واتفقا أيضًا على التنسيق فى المحافل الدولية السياسية والاقتصادية، وتعزيز تعاون الجنوب – الجنوب. 

كما أكد الجانبان تعزيز التواصل والتنسيق فى مجالات الأمن الغذائى والتغير المناخى وأمن الطاقة، ويثمن الجانب الصينى دور مصر المهم والمحورى فى تسوية قضايا الشرق الأوسط، ولاسيما القضية الفلسطينية، ويدرك أن تسوية تلك القضية ستساهم فى تحقيق الاستقرار فى العالم بأسره وليس فقط فى المنطقة، كما يدعم الجانب الصينى جهود مصر لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

وأعلنا أيضًا تقديرهما لدور منتدى التعاون العربى الصينى، ومنتدى التعاون الصينى الأفريقى، والعزم على مواصلة العمل لتطويرهما بما يخدم التعاون بين الصين والدول العربية والأفريقية ويحقق التنمية المشتركة.

وأشار الجانب الصينى، إلى تقدير دور مصر الإيجابى فى منظمة المؤتمر الإسلامى التى تتولى مصر رئاستها الدورية حالياً، وتعمل على تطويرها والحفاظ على مصالح الدول الإسلامية، وتحرص على تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين الصين والدول الإسلامية.

إن ملخص ما جاء فى البيان عن الشراكة الاستراتيجية الشاملة والتى اشتملت على أغلب نواحى الحياة يوضح درجة شمولية علاقات المشاركة بين البلدين، وهى مهمة لكليهما، لكننى أتصور ووفقاً للتجارب السابقة أن تنفيذ المتفق عليه ربما أهم من الإعلان عنه، فقد سبق أن قدمت الصين مبادرات سابقة ولم تتجاوب الأجهزة المصرية معها جيداً، ويهمنى فى هذا المجال التأكيد بشكل خاص على التعاون فى المجال الصناعى بما فيه تدريب الأيدى العاملة، والتعاون فى مجال البحث العلمى نظرًا لـتأخرنا فيه بدرجة مؤلمة. أخيرًا كنت أتمنى أن تكون تلك الشراكة بين الصين والأمة العربية كلها، ولنتصور كيف كانت النتائج المحتملة لو أن التعاون بين الصين والأمة العربية، لكن يبدو أننا نسينا هدف الوحدة!.

خبير سياسى استراتيجى