رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"السيد البدوي" من عاش حياته في حب الله يدعى " الصوفي العازب"

ضريح السيد البدوي
ضريح السيد البدوي

حينما تطأ قدميك تلك المدينة القديمة، تجده قابعًا مكانه حوله الكثيرون، يبدو عليه القدم، فقد مر عليه أكثر من 700 عام، اشتهرت مدينة طنطا على صوت ذلك الضريح الصوفي، فقد عرف الشيخ "السيد البدوي" بأنه من كبار أولياء الله، ويعتبر يوم مولده بمثابة الحج الأصغر لدي الصوفيين، يجتمعون حوله كل عام للتقرب إلى الله بواسطته، وتذكر وصاياه السبع التي اشتهر بها طوال حياته ورددها المتصوفون بعد وفاته.
"صلوا على رسول الله، مدد يا شيخ العرب"، لا يمكن لقدميك أن تخطو أول خطوة داخل مسجد السيد أحمد البدوي بمدينة طنطا، إلا ولابد أن تسمع أذناك هذه العبارات، التي تترد على ألسنة العشرات من الدراويش والشيوخ الذين يحيطون بالمسجد من كل جانب يرتدون ثيابًا خاصة بالاحتفال، ويقومون بالغناء على طريقتهم، لتعرف ومنذ اللحظة الأولى أيضا أن طنطا تشهد هذه الأيام مولد السيد أحمد البدوي.
"السيد البدوي" الذي لقب فيما بعد بـ" قطب أهل العرفان" لمعرفته وعلمه الواسع في الدين الإسلامي، ولقبوه أيضًا باسم "البدوي" لأنه عادة ما كان يتلثم مثل البدو، ويعتبر ضريحه في طنطا من أشهر جوامع مصر التي يتوافد عليها المتصوفون والمسلمون على حد سواء.
ولد السيد البدوي في زقاق "الحجر" بمدينة "فاس"، ونشأ في بيئة علمية، لكنه سافر إلى مكة والعراق، في النهاية ذهب إلى مصر وأقام فى مدينة طنطا، وهناك انتشرت طريقته، وتبعه أناس كثيرون، كماعرفت طريقته أو منهجه بالطريقة الأحمدية، لأنه كان يسير فيها على خطى الصحابي الجليل الإمام على بن أبى طالب.
عاش السيد البدوي في عصر من أزهى العصور في تاريخ مصر، وهو العصر المملوكي، وكان مماليك ذلك العصر يشجعون على انتشار الصوفية، كما أنه حضر سقوط الدولة الإيوبية، وشارك في معارك عسكرية كبيرة.
من وصاياه السبع التي اشتهر بها: "أشفق على اليتيم، واكس العريان، وأطعم الجائع، وأكرم الغريب والضيف، الخلق السيئ يفسد العمل الصالح، عامل الناس بالحسنى".
ظل البدوي عزبًا بدون زواج طوال حياته, فبعد أن توفى والده عرض عليه أخوه الأكبر أن يزوجه فرفض، قائلًا: "تأمرني بالزواج، وأنا موعود من ربي ألا أتزوج إلا من الحور العين الحسان"، فأسموه بعد وفاته "الصوفي العازب".
وذكر عن البدوي أنه حفظ فى صغره شيئًا من القرآن، و قرأ من الفقهاء الكثير خاصة من مذهب الشافعي.
يحتفل المصريون في شهر أكتوبر من كل عام بمولد السيد البدوي باعتباره من آل البيت وأولياء الله الصالحين، فهو أحد أهم الموالد التي يحرص قطاع كبير من المصريين على المشاركة بها.
ويعد مسجد السيد البدوي، أحد أكبر مساجد مدينة طنطا، من أشهر المساجد في مصر، ويقع بالقرب من محطة القطار، ويحتوي المسجد على 5 أضرحة في مدخله ضريح الشيخ ''سيدى مجاهد''، وفى الداخل غرفة بها أضرحة المشايخ ''أحمد حجاب ونور الدين وسيدى عبد الرحمن"، وفى يمين المسجد غرفة خاصة بها ضريح السيد البدوي، وبجانبه حجر يقال إنه به آثار أقدام الرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم.
يتميز مسجد السيد البدوي بمساحته الكبيرة التى لا يضاهيها أى مسجد آخر بطنطا، كما يتميز بالقباب والمآذن التى تستطيع رؤيتها من أي مكان بطنطا لوقوعه في أعلى ارتفاع بالمدينة.
وبمجرد اقترابك من ميدان السيد البدوي في ذلك التوقيت، ترى العديد من مشاهد الاستعدادات الضخمة التي يقيمها المتصوفون؛ لاستقبال زوار مولد البدوي الذي يمتد لأسبوع كامل، ومئات الأطنان من الدقيق والسكر لمواجهة حاجات زوار المولد، ومن الاستعدادات أيضًا تلك "الصواوين" التي يقيمها أهل الصوفية، فهذا "صيوان" للطريقة الأحمدية البدوية تعلن فيه عن تقديم خدماتها لزوار المولد ومحبي آل البيت، وهذا للطريقة النقشبندية.
أما مآذن وقبة المسجد البدوي، فقد زينت وغطتها الأنوار الملونة من كل جانب حتى أصبح ليل الساحة التي تفصل بين مدخل المسجد وبوابته وكأنها نهارًا.
وعلى باب المسجد، تشهد حالة من الازدحام، ربما لا يشابهها إلا ما يحدث في الحج للبيت العتيق، فأناس داخلون للمسجد وآخرون خارجون منه، وعلى طرفي الباب يقف الدراويش بملابسهم، ويمسكون في أيديهم عصا صغيرة في حين يلتف حولهم العديد من الناس فيتمسحون بهم ليأخذوا "البركة".