رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة والانتخابات البرلمانية


لانتخابات والتنسيق والتوافق إذا حدث بين الكنيسة وبين أحد فى الانتخابات مثلاً فهذا سيكون مع الأحزاب وليس الدولة أو الحكومة حيث إن القوائم سيتم تقديمها من الأحزاب السياسية فقط؟.

جاءت صحيفة «الوطن» يوم الأربعاء 11/6/2014 أن هناك ما يسمى باللجنة التنسيقية للانتخابات البرلمانية برئاسة المستشارة تهانى الجبالى وقد صرح لـ «الوطن» عضو بهذه اللجنة يدعى كمال سليمان بأن هناك تنسيقاً بين هذه اللجنة وبين الكنيسة يتمثل فى قيام الكنيسة بتشكيل ما يسمى بلجنة الحكماء لاختيار المرشحين الأقباط على القوائم الحزبية فى الانتخابات البرلمانية القادمة والتى تشترط عدداً معيناً من الأقباط فى هذه القوائم ككوتة لهم مثل باقى الفئات من الشباب والمرأة والعمال والفلاحين، حيث أكد هذا العضو أنه لا يمكن لأى مرشح قبطى أن يدخل مجلس النواب دون توافق بين الكنيسة والدولة فى ذلك.

ولما كان هذا الخبر يؤسس لفتنة حقيقية قادمة سيتم استغلالها من أطراف عديدة متحفزة وجاهزة لهذا الاستغلال كما أن هذا الخبر يؤكد تدخل الكنيسة المعلن فى العملية الانتخابية، الشىء الذى يتناقض كل التناقض مع ما تم فى 30 يونيو من إسقاط نظام يستغل الدين لصالح السياسة بل يسقط شعار الدولة المدنية الذى طالما تشدق به الكثيرون وعلى رأسهم هؤلاء المتاجرون بمشاكل الأقباط والذين يرمون جثثهم على الكنيسة تمسحاً بدور مفقود لا يجيدونه. ناهيك عن تناقض الأقوال مع الأفعال حيث ما يحرم على الإخوان والسلفيين تفعله الكنيسة.

لذا تمت محادثة تليفونية بينى والمستشارة تهانى الجبالى حيث أكدت عدم صحة الخبر وأن اللجنة لا علاقة لها بمرشحين أقباط أو مسلمين ولكنها وراء قوائم لمرشحين وطنيين يدركون أهمية المرحلة وخطورة دور البرلمان القادم وأكدت رفضها القاطع لتدخل الكنيسة فى هذا الشأن وإلا كأننا نعيد المأساة مرة أخرى والأهم أن الكنيسة قد كذبت الخبر فى جريدة «الوطن» الخميس 12/6/2014 حيث صرح المتحدث الإعلامى للكنيسة بأنها لا تتدخل فى عملية دعم المرشحين الأقباط فى الانتخابات.

بل ولم يتم تشكيل ما يسمى بلجنة الحكماء لاختيار مرشحين كما جاء على لسان من يدعى كمال سليمان والغريب أن هذا المدعو قد أعاد تأكيده بأنه لا يمكن لأى مرشح قبطى أن يدخل مجلس النواب دون توافق بين الدولة والكنيسة وفى نفس خبر تكذيب الكنيسة بجريدة «الوطن» فماذا يقصد هذا المدعو؟ وكيف يكون فى لجنة ما يسمى باللجنة التنسيقية للانتخابات ويتناقض مع فكرة اللجنة وجوهرها؟ ومن يمثل هذا الشخص وماذا يريد؟ ولماذا يصر على ما يسمى بالتوافق بين الكنيسة والدولة؟ بالرغم من تكذيب الكنيسة لتصريحاته بأنها لا تتدخل ولا يوجد ما يسمى بلجنة الحكماء ولا يوجد ما يسمى بالتوافق بين الكنيسة والدولة؟ وماذا يقصد بالدولة؟ وما علاقة الدولة بالانتخابات البرلمانية؟ هل الدولة لها مرشحون؟ فمن الواضح أن هذا الشخص لا علاقة له بأبجديات السياسة فهو لا يدرى الفرق بين الدولة والحكومة ولا يفرق بين الدولة والحكومة والأحزاب.

حيث إن الانتخابات والتنسيق والتوافق إذا حدث بين الكنيسة وبين أحد فى الانتخابات مثلاً فهذا سيكون مع الأحزاب وليس الدولة أو الحكومة حيث إن القوائم سيتم تقديمها من الأحزاب السياسية فقط؟.

ولكن الأهم بالطبع من هذا اللغط الذى بدأ وأعتقد أنه لن ينتهى هو ما يسمى بهذه الكوتة الملعونة التى جاءت كنوع من المجاملة من لجنة الخمسين عند وضع الدستور والتى كانت من عنديات المجامل الأعظم والدبلوماسى القدير عمرو موسى ذلك الرجل الذى أثبت أنه رجل لكل العصور بامتياز. وخطورة هذه الكوتة خاصة فى إطار العدد المقرر للمسيحيين والذى يختلف عن باقى الفئات الأخرى.

حيث إنه يوجد مسيحى عامل وفلاح وامرأة وذات احتياجات خاصة ومصريون بالخارج ولما كانت الكنيسة تحاول إظهار الأمر بأنها هى الراعية للأقباط والمهتمة بهم والمتدخلة فى مشاكلهم وهذا كان واضحاً أيام البابا شنودة وكان له نتائج سلبية للغاية على الأقباط أنفسهم، ولذا ففى واقع الأمر فإن كثيرا من رجال الكنيسة قد استمرأوا الوضع واستحسنوه وقد أصبحت لديهم شهوة التدخل بالرغم من التكذيب الرسمى، الشىء الذى جعل هؤلاء يصورون الأمر وكأنهم هم ولاة الأمر للأقباط وهم من يوجهونهم فى الانتخابات وإذا وجهنا المرشحين فردياً أو من الأحزاب يقومون بالاتصال برجال الدين فى الكنائس طالبين المساعدة.

فما بالك والقوائم سيكون بها مرشحون أقباط فسنجد أن من يريد الترشح من الأقباط سيذهب لنوال الرضا من الكنيسة على ترشحه حتى يضمن أصوات الأقباط وهذا سينسحب على الأحزاب التى ستسعى لنفس الهدف. وهذا يا سادة هو الخطر الحقيقى والقسمة القادمة واللجننة المخيفة التى يمكن لا قدر الله أن تهدد سلامة الوطن وتعطى الفرصة للمتربصين بالوطن، فهل نعى هذا ولا نخاطر بالوطن حتى يظل لكل المصريين. حفظ الله مصر من الفتن والطائفية والمتاجرين بها.

كاتب وبرلمانى سابق