رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الديمقراطية والمؤسسات الدينية


«فلان الفلانى اللى كان يومها جنبى ، ساعة لما بدأوا فى ضرب الرصاص ..فلان الفلانى اللى مَعرفش اسمه..فدايما بقول يابن عمى وخلاص» .. قال لى فلان ابن عمى وخلاص «أفكركم بحكاية شهيرة لاينساها حماة الديمقراطية، ونتذكرها بحزن وأسى على حال المعرفة

لدى المواطن المصرى ،أنه عندما كان المفكر التنويرى المصرى أحمد لطفى السيد مرشحا للانتخابات النيابية فى العشرينيات من القرن الماضى وكان واثقا من الفوز فى دائرته التى احتكرت أسرته مقعدها فى مجلس النواب، فإذا بخصمه يبعث من يتسللون إلى الفلاحين البسطاء ليقولون لهم «كيف تنتخبون لطفى السيد وهو رجل ديمقراطى ألا تعرفون أن الديمقراطى رجل ملحد ويشجع على مشاعية الجنس؟ فكلمة ديمقراطى تعنى «إن مراتى تبقى مراتك ومراتك تبقى مراتي» وقد أثر السجع فى كلمة «ديمقراطى» وكلمة «مراتى» ـ التى تعنى زوجتى بالعامية المصرية ـ على أذهان البسطاء فصدقوا الفرية، وعندما جاء إليهم أحمد لطفى السيد يدعوهم لانتخابه سألوه سؤالا واحدا: «سمعنا أنك ديمقراطى؟ فهل هذا صحيح؟» فأجاب مزهوا «نعم».. وبالطبع كانت القاضية، فخسر مقعده النيابى!

وفى زمن الإخوان يخرج للناس من يُقنعهم أن الديمقراطية حرام وكفر وكأنك يا مصر ماجاش برك ولا عدى عليكى الشيخ الإمام محمد عبده ولا قال وفسر أو حتى شرح ونور، ولا وقف فى ثورتك عام 1919 القمص سرجيوس مع الشيخ القاياتى فاتحين صدورهم لرصاص الإنجليز، ولانور قناديلك يحيى حقى ، ولاعرف ناسك إن التعليم كالماء والهواء كما قال د.طه حسين، ولا قدم ليكى عبقريات الأوائل فى سلسلة للتعريف بدورهم وتاريخهم وترجمة سيرهم عباس العقاد وغيرهم كتيرو لحد وقت قريب كان عندنا ثومة وعبد الوهاب وحليم وجاهين والحداد والموجى وأحمد زكى قبل ما يطل علينا زمن عمرو دياب ومطرب الحمار والدلعدى اللى انضرب فى الميدان تامر حسنى محطم قلوب العذارى التائهات فى عصر كان ضرورى يبقى تقدمة منطقية لاستقبال زمن الإخوان علشان يامصر يبقى ماحرمنكيش من حاجة، ولله الأمر من قبل ومن بعد ..

وفى زمن إكليروس زمن التوقف والتمترس حول لوائح جامدة وكأنها باتت من آيات الكتاب المقدس، يحتاج الأقباط إلى المعرفة واللى يرد على أسئلتهم فى علاقتهم بالكنيسة وينور معارفهم.. ليه الإصرار والعند الغريب لانتخاب البابا القادم وفق لائحة 1957 التمييزية؟!!

لاشك أن التعصب كمنهج سلوكى وأسلوب توجه من قبل رجال الدين، يهدم فكرة الذهاب إلى إعمال العقل كما يرى جون لوك «الدين الحق لم يوجد للفخفخة المظهرية، ولا لسيطرة الإكليروس، ولا للعنف، بل وجد لتنظيم حياة الناس، وفقا للفضيلة والتقوى” ، كما يحذر كانط فى هذا المنحى إذ يقول: «إن دينا يعلن الحرب على العقل سوف يصبح مع مرور الزمن غير قادر على الصمود أمامه» فأى رجل دين إذا لم يتعامل مع معطيات عصره فى ضوء العقل، فلسوف يتجاوزه الزمن، ويصبح بضاعة فى أرفف متاحف الأنتيكات، كما ولابد من مجالسة الناس وليس بإهمالهم كما تحرض عليه تلك اللائحة الأزمة»..

■ كاتب