رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبل السقوط بقليل

حسن غريب أحمد
حسن غريب أحمد

وصلت مجمع الأتوبيسات، صعدت الحافلة.. تصفحت الصحيفة ثلاثين مرة.. لم أجد فى عناوينها ما يشغلنى عن فراغ المقاعد.. بعد ساعة امتلأت كل المقاعد.. ثمة مقعد واحد فى الأمام ينتظر السائق.. شيوخ.. نساء.. أطفال.. رجال يتزاحمون فى منتصف الحافلة وأخيرًا وصل السائق.. أخذ مكانه.. نظر إلى المرآة.. وصرخ: ارجعوا إلى الخلف.. هناك متسع.. تدافعت الأكتاف، وتزاحمت الأرجل امتزجت أصوات الاحتجاج.. الحافلة ضيقة.. لا مجال للرجوع «بقينا عاملين زى السردين فوق بعضنا»، صرخ به السائق: بإمكانك النزول الآن.. أثناء ذلك صعدت الحافلة عجوز تحمل على رأسها قفصًا.. حبست فيه دجاجة.. صرخ السائق: ماذا تحملين؟ قالت: عشرين دجاجة وديكًا.. ضحك كل من فى الحافلة.. عاد السائق مكانه ثم انطلق بنا ساعة ونصف ولم نصل بعد.. آه لو سمعت كلامك يا وئام.. لا.. لا لم أسمع، سأصرخ فى وجوههم جميعًا عندما يكون للصراخ معنى.. مسكينة وئام تألمت كثيرًا عندما أخبرتها بنقلى من مكان عملى نقلًا فنيًا لصالح العمل.. هم يريدون أن يضحكوا على نقلى «قال نقلًا فنيًا قال».. ما أسخفهم عندما يريدون تبرير بعض المسائل.. إنهم يريدون التخلص منى.. «أعرف أعرف»... لماذا لا تطاوعهم إذن؟ بالحق فحسب.. لكنك وحدك.. أدرى.. لكننا سنسقط جميعًا؟ يا وئام... عجلات الحافلة تلتهم الطريق.. نصف الركاب تتدلى رءوسهم على صدورهم والنصف الآخر أتعبهم المشوار.. فجأة عند منعطف حاد تمايلت الحافلة إلى اليمين وإلى الشمال ترنحت.. امتزجت أصوات الركاب بأصوات الدجاج فزعًا.. ثم عاد السائق وسيطر على الحافلة مرة أخرى.. عادت الرءوس المتدلية.. هل تعذريننى لو صرخت.. ويأتينى صوتها «حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس».. صرخت: ويقطع رأسى، لا لن أضعه بين الرءوس، تحسست رأسى بذعر وجدته بخير.. حمدت الله.. اندهش العجوز الجالس بجانبى: «أنت متعب يا ولدى».. آه لا بأس.. داس السائق على كوابح الحافلة بصورة مفاجئة، تدافع كل من فى الحافلة.. سقطت نظارتى على الضجيج وأصوات الدجاج مرة أخرى رفعت صوتى: أيها السائق أرواحنا بين يديك.. رفقًا بالفرامل.. مَنْ هذا الفيلسوف الواعظ؟.. بجلافة قال: بيننا شيوخ وأطفال.. عليك بنفسك فقط..

صرخت بأعلى صوتى: «سنسقط جميعًا يا بنى آدم» أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. سوق يا عمى سوق..

فجأة صاح ديك العجوز.