رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كبسولة فلسفية| محمد جاد الله يكتب: «الاستشراق».. اللقاء التراجيدي بين الشرق والغرب

محمد جاد الله
محمد جاد الله

يُعد الاستشراق بداية البحث العلمي للتراث الإسلامي، حيث لا يمكن للبحث العلمي أن يتجاهل حقيقة ارتباط الاستشراق بالاستعمار الغربي، فكان ما يدرس في الأزهر الشريف في ذلك الوقت مجرد شروح وشروح على شروح وكان مجرد ذكر مؤلفات الكندي أو الفارابي أو ابن سينا والمعتزلة وابن رشد يعتبر زندقة وربما كفر صريح وعندما حاول محمد عبده إصلاح التعليم في الأزهر والكشف عن كنوز التنوير والعقلانية في التراث العربي الإسلامي، ولقد اتهم بالخروج عن صحيح الدين حتى انتهي به الامر إلى الاستقالة من الأزهر الشريف. وماذا يعني هذا الفرع الفكري والفلسفي المسمى بـ «الاستشراق»؟ 

عزيزي القارئ الاستشراق Orientalism كما يعرفه لنا رودي بارت Rudi Paret – مستشرق ألماني وقام بترجمة القرآن الكريم إلى الألمانية – هو «علم يختص بفقه اللغة خاصة، وكلمة استشراق مشتقة من كـلمة «شرق» وكلمة شرق تعني مشرق الشمس، وعلى هذا يكون الاستشراق هو علم الشرق أو عـلم العالم الشرقي».

ومن الغربيين الذين تناولوا ظهور الاستشراق وتعريفه المستشرق الفرنسي مكسيم رودنـسون Maxime Rodinson الذي أشار إلى أن مصطلح الاستشراق ظهر في اللغة الفرنسية عام 1799م، بينما ظهر في اللغة الإنجليزية عام 1838م، وأن الاستشراق إنما ظهر للحاجة إلى «إيجاد فرع متخصص من فروع المعرفة لدراسة الشرق" ويضيف بأن الحاجة كانت ماسة لوجود متخصصين للقيام على إنشاء المجلات والجمعيات والأقسام العلمية».

كما تشير كلمة لاستشراق إلى نتاج منظم ومتسع ومتنوع، هذا النتاج كان موجها من أجل دراسة الشرق وفهمه. ومما لا شك فيه أن ما نشير إليه عندما نتحدث عن «الاستشراق» يمثل جهدًا ضخمًا وجادًا، أي أن الاستشراق يمثل حلقة بالغة الأهمية من ذلك اللقاء التراجيدي بين الشرق والغرب. 

وفي الختام، نجد صديقي القارئ أن المستشرقون هم أول من قدم دراسة حقيقية للتراث العربي الإسلامي وإن حركة الاستشراق وجهود المستشرقين حفزت المفكرين العرب علي بحث التراث الإسلامي بمناهج جديدة، وقد جاء العصر الجديد من الدراسات في مجال الفلسفة الإسلامية على أيدي الباحثين العرب كتتويج لتاريخ بدأ مع بداية القرن العشرين بالمحاولة المستحيلة التي قام بها الأمام محمد عبده رحمة الله عليه.