رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إسرائيل تفتح طرقًا جديدة أمام المساعدات إلى غزة.. هل تحدث فرقًا؟

شاحنات تحمل مساعدات
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية تدخل رفح في جنوب قطاع غزة

أعلنت إسرائيل عن إعادة فتح معبر رئيسي إلى غزة للسماح بالمزيد من المساعدات عبر معبر آخر وميناء، بعد تحذير من الرئيس جو بايدن من أن الدعم الأمريكي المستقبلي لإسرائيل سيعتمد على اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية المدنيين وعمال الإغاثة. 

السؤال هنا، هل سيحدث التغير الإسرائيلي فارقًا كبيرًا بالنسبة للفلسطينيين في غزة؟، حيث تسببت الحرب الإسرائيلية الآن في استشهاد ما يقدر بنحو 33 ألف شخص وخلقت أزمة إنسانية غير مسبوقة؟، والسطور القادمة تجيب على هذا التساؤل حسبما أوردت صحيفة "الجارديان" في تقرير تحليلي لها اليوم الجمعة، حيث رأت أنه بعد تحذير بايدن فإنه من غير المرجح أن تكون إسرائيل قادرة على الاستمرار في شن الحرب مع تسامحها الشديد الحالي مع الوفيات بين المدنيين.

ما أهمية إعلان إسرائيل عن إعادة فتح طرق المساعدات البرية؟

تقول المنظمات الإنسانية إن الطريقة الأكثر فعالية لإيصال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة، حيث يواجه السكان مستويات كارثية من الجوع، هي عبر الطرق البرية، وقبل بدء الحرب، ومع هجوم حماس في السابع من أكتوبر كان ما يصل إلى 500 شاحنة تعبر يوميًا إلى غزة.

وقال برنامج الغذاء العالمي الشهر الماضي: "إنه لتلبية الاحتياجات الأساسية في غزة، سيلزم عبور 300 شاحنة على الأقل يوميًا إلى القطاع". 

وبينما تقوم الأردن والولايات المتحدة ودول أخرى بإسقاط المساعدات جوًا، وكان المطبخ المركزي العالمي- الذي قتلت إسرائيل سبعة من عماله هذا الأسبوع، بما في ذلك ثلاثة بريطانيين- يوزع الإمدادات، فإن المساعدات التي تمكنوا من توصيلها لم تكن قريبة على الإطلاق من المستوى المطلوب.

ما الطرق التي سيتم فتحها؟

وبحسب بيان للحكومة الإسرائيلية، صدر مساء الخميس، فإنها "ستسمح بتقديم مساعدات إنسانية مؤقتة عبر معبر أشدود وإيريز وزيادة المساعدات الأردنية عبر كرم أبوسالم أو "كما يسمى بالعبرية معبر كيرم شالوم".

ويعتبر كيرم شالوم، في جنوب إسرائيل، معبرًا راسخًا للشاحنات، في حين أن إيريز، في شمال غزة، هو موقع محطة الركاب الرئيسية للدخول إلى القطاع من إسرائيل، ويبدو أن استخدام ميناء أشدود هو الأكثر أهمية. 

وبفضل قدرتها الراسخة على التعامل والتفتيش، من المحتمل أن تمثل أشدود، التي تقع على بعد حوالي 40 كيلومترًا (25 ميلًا) شمال غزة، الطريق الأقرب والأكثر مباشرة لدخول كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية.

ما مدى سرعة استخدام الطرق؟

وبينما حاولت إسرائيل الإشارة إلى أن معبر إيريز غير قابل للاستمرار بسبب الأضرار التي لحقت به في 7 أكتوبر، فإن الواقع هو أن حركة المرور العسكرية الإسرائيلية تستخدم نقاط عبور مخصصة حيث قام جيش الدفاع الإسرائيلي بتدمير أجزاء من السياج الحدودي منذ بداية الهجوم البري العام الماضي.

ووفقًا لـ"الجارديان"، فإن أي طريق عبر معبر إيريز يؤدي بسرعة إلى نظام الطرق المعبدة في غزة، بما في ذلك الطريق الرئيسي بين الشمال والجنوب، وسيوفر إمكانية الوصول إلى المنطقة الأكثر احتياجًا بشكل مباشر: شمال غزة، حيث يعاني عشرات الآلاف من الأشخاص من المجاعة ويعيشون بالكاد على 250 سعرة حرارية/ يوم.

فهل كان بوسع إسرائيل أن تفعل ذلك عاجلًا؟

واصل المسئولون الإسرائيليون على مدار أسابيع، الادعاء بوجود مساعدات كافية تدخل غزة على الرغم من الاتهامات المتكررة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة والمنظمات الإنسانية بأنها تعرقل بشكل فعال تسليم الإمدادات.

إعلان إسرائيل الليلة الماضية– بعد تحذير الولايات المتحدة من أن دعمها يعتمد على اتخاذ خطوات فورية لمساعدة السكان المدنيين في غزة– يؤكد حقيقة أنه كان بإمكان إسرائيل اتخاذ هذا القرار في وقت أقرب، عندما واجهت المجاعة المتزايدة لسكان غزة، لكنها اختارت عدم ذلك.

وجاء قرار مجلس وزراء الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب إحاطات قدمها مسئولو وزارة الخارجية الذين حذروا من أنه إذا لم تتم زيادة المساعدات الإنسانية، فإن إسرائيل ستخاطر بفرض عقوبات دولية وحتى حظر على الأسلحة قائلين إنهم تلقوا "إشارات واضحة للغاية" من نظرائهم في الولايات المتحدة وأوروبا بأنه ستواجه إسرائيل عقوبات غير مسبوقة إذا لم تتم زيادة المساعدات على الفور.

ما المعوقات المحتملة؟

اتُّهمت إسرائيل بالبطء في عمليات التفتيش الأمني للشاحنات المنتظرة بالفعل للعبور إلى غزة، والتي يمكن أن تستمر، لكن التحذير من واشنطن كان واضحًا. 

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، يوم الخميس: "في الساعات والأيام المقبلة، سنبحث عن خطوات ملموسة سيتخذونها".

كما كانت لغة بايدن دقيقة بشكل غير عادي في الإشارة إلى أن إسرائيل ستتم مراقبتها عن كثب للتأكد من امتثالها الملموس.

وجاء في قراءة لمكالمة بايدن مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الرئيس "أوضح حاجة إسرائيل إلى إعلان وتنفيذ سلسلة من الخطوات المحددة والملموسة والقابلة للقياس لمعالجة الأضرار التي تلحق بالمدنيين والمعاناة الإنسانية وسلامة عمال الإغاثة". 

وأضاف ملخص البيت الأبيض: "لقد أوضح أن سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بغزة سيتم تحديدها من خلال تقييمنا للإجراء الفوري الذي ستتخذه إسرائيل بشأن هذه الخطوات".

كيف سيتم توزيع المساعدات؟

تعمل وكالات المعونة الدولية داخل غزة ويمكنها جلب المزيد من الموظفين، وتوظف أونروا، وهي وكالة الأمم المتحدة الرئيسية لشئون اللاجئين الفلسطينيين، الآلاف من الموظفين داخل غزة وستكون في أفضل وضع للمشاركة- على الرغم من أن إسرائيل منعتها من توزيع المساعدات في شمال غزة.

وكانت إدارة بايدن قد اقترحت في السابق أنه يمكن معالجة مشاكل سرقة ونهب القوافل من خلال إغراق غزة بالمساعدات، مما يقلل بشكل كبير من الشعور باليأس.

هل هذا يعني أن الحرب على وشك الانتهاء؟

أوضحت الولايات المتحدة والأمم المتحدة وحكومات أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة، أنها غير راضية للغاية عن المستوى المرتفع للغاية من القتلى المدنيين الفلسطينيين في الحملة الإسرائيلية. 

تشير إشارة بايدن إلى الحاجة إلى تخفيف "الضرر الذي يلحق بالمدنيين" وحماية العاملين في المجال الإنساني، إلى أنه من غير المرجح أن تكون إسرائيل قادرة على الاستمرار في شن الحرب مع تسامحها الشديد الحالي مع الوفيات بين المدنيين.

وبينما أشارت الحكومة الإسرائيلية إلى أن زيادة وصول المساعدات ستسمح لها بمواصلة القتال، فقد أوضحت الولايات المتحدة أيضًا أنها تعارض بشدة الخطط التي تم إطلاعها عليها بشأن الهجوم على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليون شخص، ويلجأ الناس إلى المأوى، وليس أقلها "خطط إسرائيل غير الواقعية" لإجلاء المدنيين قبل الهجوم.

كل ذلك يشير إلى أن مساحة العمليات الإسرائيلية بالحجم الذي شهدته الأشهر الستة الماضية آخذة في التقلص، ومع ذلك هناك احتمال لانخفاض العنف، وفقًا لـ"الجارديان".