رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مأزق أمريكي في غزة.. مذكرة سرية تكشف أسرار جديدة عن حرب إسرائيل

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن اتفاق تبادل المعلومات الاستخبارية السرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل يحظى برقابة أقل من الرقابة العامة على مبيعات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل، متسائلة عما إذا كانت المعلومات التي تقدمها الولايات المتحدة تزيد من الأزمة الإنسانية في قطاع غزة أم لا.

وسلطت الصحيفة الضوء على مسألة التبادل "غير المسبوق" للمعلومات الاستخبارية بين الولايات المتحدة وإسرائيل الذي يثير انتقادات في ضوء تزايد الضحايا في غزة، وقالت إن المذكرة السرية التي وسعت نطاق تبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، أدت إلى تزايد المخاوف في واشنطن بشأن ما إذا كانت تلك المعلومات تسهم في مقتل مدنيين، وفقًا لأشخاص مطلعين على هذه المسألة.

ومن بين هذه المخاوف هو عدم وجود رقابة مستقلة تذكر للتأكد من أن المعلومات الاستخباراتية التي توفرها الولايات المتحدة لا تستخدم في الضربات التي تقتل المدنيين دون داع، أو تلحق الضرر بالبنية التحتية، حسبما قال هؤلاء الأشخاص.

تساؤلات متزايدة من المشرعين الديمقراطيين وجماعات حقوق الإنسان

وأضافت الصحيفة أن اتفاق تبادل المعلومات يثير تساؤلات متزايدة من المشرعين الديمقراطيين وجماعات حقوق الإنسان، حتى مع تصاعد القلق داخل إدارة بايدن بشأن كيفية قيام إسرائيل بإدارة حملتها العسكرية في غزة في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي.


وتعكس المخاوف بشأن تبادل المعلومات الاستخبارية في بعض النواحي تلك المخاوف المتعلقة بتوفير الأسلحة الأمريكية مع تزايد عدد القتلى في غزة، وقد ترك الرئيس الأمريكي جو بايدن إمكانية حجب بعض الأسلحة عن أقرب حليف له في الشرق الأوسط مفتوحة، ولم تتم إثارة هذا الاحتمال مع الاستخبارات، ولكن إمكانية مساهمته في سقوط ضحايا من المدنيين تجرى مناقشتها في الإدارة الأمريكية وفي الكونجرس.
وقال جيسون كرو العضو الديمقراطي في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب عن ولاية كولورادو، في مقابلة: "ما يقلقني هو التأكد من أن تبادل المعلومات الاستخبارية يتوافق مع قيمنا ومصالح أمننا القومي".
وأضاف كرو، الذي كتب في ديسمبر الماضي إلى مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية أفريل هاينز للحصول على تفاصيل حول ترتيبات تبادل المعلومات، أنه يشعر بالقلق من أن "ما نشاركه الآن من معلومات لا يخدم مصالحنا".
ولفتتت الصحيفة إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية منذ هجوم 7 أكتوبر أدت إلى مقتل حوالي 32 ألفًا من سكان غزة، الكثير منهم من النساء والأطفال، وفقًا للسلطات الصحية الفلسطينية.. بينما يقول الجيش الإسرائيلي إن إجمالي عدد القتلى دقيق تقريبًا لكنه يشكك في تكوينه، وإن أكثر من ثلث القتلى من المسلحين.
وأشارت إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة أدت إلى تدمير أو إلحاق أضرار جسيمة بنسبة كبيرة من البنى التحتية المدنية، بما في ذلك المساجد والمستشفيات والجامعات، وتقول إسرائيل إن الدمار الواسع النطاق أمر لا مفر منه بسبب قرار حماس بدمج بنيتها التحتية العسكرية عمدًا داخل المناطق المدنية لحماية نفسها من الهجمات الإسرائيلية.
وقال كرو إنه التقى بشكل منفصل مع شخصية عسكرية إسرائيلية بارزة ومسئولين في الاستخبارات الأمريكية، وقال إن هناك "بعض التناقضات الكبيرة" في روايات الجانبين عن الخسائر المدنية.
وأفاد مسئولون أمريكيون بأن تبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل يتم بموجب مذكرة سرية أصدرها البيت الأبيض بعد وقت قصير من هجوم حماس في 7 أكتوبر وتم تعديلها بعد بضعة أيام، وفي الوقت نفسه قامت الولايات المتحدة بتوسيع جمع معلوماتها الاستخباراتية حول غزة، بعد أن اعتمدت إلى حد كبير على إسرائيل للتجسس على القطاع في السنوات الأخيرة.
وفي بداية الحرب، وضعت هيئات الاستخبارات الأمريكية مبادئ توجيهية لتبادل المعلومات الاستخبارية مع نظيراتها الإسرائيلية، لكن كبار صناع السياسة في البيت الأبيض يحددون في نهاية المطاف ما إذا كان قد حدث أي انتهاك، حسبما قال أشخاص مطلعون.
وتقوم وكالات الاستخبارات الأمريكية بتجميع أمثلة على الانتهاكات المحتملة لقوانين النزاعات المسلحة من قبل الجانبين في غزة كجزء من تقرير يقدم مرة كل أسبوعين بعنوان "ملخص الأعمال غير المشروعة المحتملة في أزمة غزة"، والذي يحدد حوادث واتجاهات محددة تتعلق بالحرب، كما قال أحد الأشخاص من الذين على دراية بهذه العملية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاجاري- في إيجاز صحفي الثلاثاء الماضي- إنه خلال 30 عامًا من خدمته في الجيش الإسرائيلي، لم يكن مستوى التعاون الاستخباراتي والعسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة أعلى مما هو حاصل الآن.. مضيفًا: "إننا نشهد مستويات غير مسبوقة من التنسيق الاستخباراتي".
وامتنع المسئولون الإسرائيليون عن التعليق على تفاصيل ترتيب تبادل المعلومات الاستخبارية.. بينما يقول مسئولون أمريكيون ومصادر مطلعة على هذه القضية إن دعم وكالات الاستخبارات الأمريكية لإسرائيل يهدف بشكل أساسي إلى المساعدة في تحديد مكان قادة الجناح العسكري لحركة حماس، والعثور على الرهائن الذين تحتجزهم الحركة ومراقبة حدود إسرائيل.
وأضافوا أن الولايات المتحدة تتبادل ما يعرف بالمعلومات الاستخبارية الأولية، مثل لقطات الفيديو الحية من الطائرات المسيرة لجمع المعلومات الاستخبارية فوق غزة، مع وكالات الأمن الإسرائيلية.
بدوره، ذكر مسئول في الإدارة الأمريكية "أن تبادل المعلومات الاستخبارية لدينا يركز على جهود استعادة الرهائن ومنع التوغلات المستقبلية داخل إسرائيل"، وأضاف أن ذلك يشمل مراقبة التعبئة أو الحركة بالقرب من الحدود.
وقال مسؤولون أمريكيون مطلعون على مذكرة أكتوبر السرية إن إسرائيل مطالبة بضمان عدم استخدام المعلومات الاستخبارية الأمريكية بطرق تؤدي إلى خسائر غير مقبولة في صفوف المدنيين أو إلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية.


ومع ذلك، قال مسؤولون إن إسرائيل مسؤولة عن التصديق على امتثالها، وفي بعض الحالات تفعل ذلك شفهيا، بالإضافة إلى ذلك، من الصعب معرفة كيفية استخدام المعلومات الاستخبارية المقدمة من الولايات المتحدة بمجرد دمجها مع البيانات الإسرائيلية الخاصة.


وقال مسؤول كبير في المخابرات الأمريكية: "تقدم إسرائيل ضمانات بأن العمليات التي تستخدم المعلومات الاستخبارية الأمريكية تتم بطريقة تتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك قانون النزاع المسلح، الذي يدعو إلى حماية المدنيين"، فعندما تشارك واشنطن المعلومات الاستخبارية مع حلفائها، فإنها تقوم أولا بتقييم ما يمكن أن يفعله الشريك بهذه المعلومات - مثل شن ضربات - وتقرر ما إذا كان من القانوني للولايات المتحدة أن تفعل الشيء نفسه، وبناءً على هذا التحديد، قد تطلب الولايات المتحدة ضمانات إضافية من الحليف بشأن ما ستفعله بالمعلومات الاستخباراتية قبل تبادلها.
وقال دوجلاس لندن، وهو ضابط عمليات متقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وباحث بمعهد الشرق الأوسط: "لا يمكننا تقديم معلومات قابلة للتنفيذ يمكن أن تؤدي إلى عواقب مميتة من قبل دولة ما، ما لم يتم السماح لنا بأنفسنا بالقيام بنفس النشاط".
من ناحيته، أبرز رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، مايكل تيرنر من ولاية أوهايو، والذي ينتمي للحزب الجمهوري في ديسمبر الماضي، أن الولايات المتحدة تتسم بالحذر في تبادل المعلومات الاستخبارية حول قيادة حماس وسد الثغرات في عملية جمع المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن تيرنر قوله في برنامج تلفزيوني على شبكة (سي بي إس): "نحن انتقائيون فيما يتعلق بالمعلومات التي يتم تقديمها".
وبشكل منفصل، قال مسئولون أمريكيون إن الإدارة تدرس ضمانات من إسرائيل بأن الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة تُستخدم وفقًا للقانون الإنساني ولا تمنع إيصال المساعدات الإنسانية الأمريكية أو تلك التي تدعمها الولايات المتحدة، وأضافوا أن إسرائيل قدمت في وقت سابق من شهر مارس تلك الضمانات المطلوبة للحفاظ على تدفق الأسلحة الأمريكية إليها.