رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قطيعة أم مبارزة سياسية؟.. الخلافات تتفاقم.. نتنياهو يخاطر بالعلاقات مع أمريكا لأهداف شخصية

نتنياهو وبايدن
نتنياهو وبايدن

تتسع الفجوة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي، جو بايدن، بسبب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، المستمرة منذ أكثر من 5 أشهر
وقدمت الإدارة الأمريكية دعما غير محدود على مدار الأشهر الماضية إلى دولة الاحتلال، عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا، ما يدل على أن أمريكا وإسرائيل ليستا مجرد حليفتين، بل إن تل أبيب هي الابنة المدللة لواشنطن، ولكن مسار تطور العلاقات بين «بايدن» و «نتنياهو» ينذر حاليا بتعطل ذلك الدعم. وهاجم «نتنياهو» الموقف الأمريكي بحدة، بعد أن امتنعت واشنطن عن التصويت ضد قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تتخلى فيها واشنطن عن استخدام حق النقض «فيتو» بشأن قرار يخص إسرائيل.


وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن موقف أمريكا يضر بالمجهود العسكري الإسرائيلي في غزة ومحاولات إطلاق سراح المحتجزين في القطاع، بل يمنح حركة «حماس» الفلسطينية مساحة دولية لكسب التأييد، معلنا عن إلغاء زيارة مهمة كانت مقررة لوفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة، من أجل النقاش حول مدى إمكانية تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية.


وتعمد «نتنياهو» الحديث علنا عن إلغاء زيارة الوفد، في هجوم صريح ضد شخص الرئيس «بايدن»، في ظل علاقتهما المتوترة منذ تولى كل منهما منصبه، وعلى مدار أشهر الحرب، والخلافات التي تأججت بينهما بسبب «العناد السياسي»، الذي يمارسه رئيس الوزراء الإسرائيلي.


ومن المتوقع أن تكون هناك قطيعة في العلاقات بين «بايدن» و «نتنياهو»، على الأقل خلال الفترة المقبلة، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يتصل بالرئيس الأمريكي لإبلاغه رسميا بإلغاء زيارة الوفد، مكتفيا بالإعلان عن ذلك عبر التصريحات الإعلامية.
ومن الواضح، أيضا، أن صبر «بايدن» تجاه «نتنياهو» قد نفد، لذا؛ فهو لم يكترث لما قاله الأخير حول موقف أمريكا في مجلس الأمن، خاصة أن الرئيس الأمريكي أجرى محاولات عديدة لطرح حلول من شأنها إنهاء الحرب في غزة وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، لكن «نتنياهو» رفضها جميعا. وتقول التقديرات إن الولايات المتحدة لا تدرك ماذا يريد نتنياهو تحديدا، بينما تؤكد شواهد مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه يقامر بمستقبل إسرائيل وعلاقاتها، ويجر معها أمريكا لإخفاقات لا تحتاج إليها، وذلك لسبب واحد فقط، هو البقاء في السلطة بأي ثمن.
في السياق ذاته، كشف مسئولون أمريكيون كبار عن أن «نتنياهو» اختار خلق أزمة مع واشنطن لأسباب سياسية داخلية، حسبما نشر موقعا « والى » الإسرائيلي.
وأوضح المسئولون أن البيت الأبيض أجرى بالفعل محادثات مع مستشاري «نتنياهو» بشأن القرار، الذي طرح للتصويت في مجلس الأمن، وأشاروا إلى امتناع أمريكا عن التصويت وعدم استخدامها «فيتو» ضده، وأكدوا أن الامتناع الأمريكي عن التصويت لا يشكل تغييرا في السياسة.
وأشارت المصادر للموقع الإسرائيلي إلى أن الولايات المتحدة، وتحديدا إدارة «بايدن»، لا ترى أن القرار ملزم.
ورغم ذلك، تعمد «نتنياهو» أن يعتبر الامتناع الأمريكي عن التصويت «تغييرا في السياسة»، وأعلن عن إلغاء سفر الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن.
من جانبه، يشعر المستوى الأمني في إسرائيل بالقلق من الآلية التي يدير بها «نتنياهو» العلاقات مع الولايات المتحدة، الحليف الأكبر والأكثر وثوقا لدى تل أبيب.
وتقول التقديرات الأمنية الإسرائيلية إنه من المهم إدراك أن العلاقة الخاصة بين تل أبيب وواشنطن ركيزة لأمن إسرائيل وعلاقاتها الخارجية، وأن الحوار المباشر مع الإدارة الأمريكية رصيد أساسي لا يجب التنازل عنه، حتى في حال وجود تحديات أو خلافات. وفى ظل الخلاف فى وجهات النظر بين المستوى الأمنى فى إسرائيل ورئيس الوزراء، فإن «نتنياهو» يتعامل بمنطق «معاقبة» الإدارة الأمريكية بعدم إرسال الوفد الذى كان سيناقش ملف عملية رفح، وهو دليل واضح على أنه يبحث عن أى ثغرة ليضع العلاقات مع واشنطن على المحك، مقابل أن يبقى فى منصبه. ومن المتوقع أن ترى الإدارة الأمريكية رد فعل «نتنياهو» على أنه إهانة لها، وهو ما ألمح إليه مسئولون أمريكيون اعتبروا أن سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلى «مبالغ فيه»، ما يعنى أن الهدف الأساسى منه هو خلق أزمة وهمية وغير ضرورية مع الرئيس «بايدن». ويعد حديث «نتنياهو» عن الموقف الأمريكى فى العلن نوعا من «المبارزة السياسية» مع الرئيس الأمريكى، ويشير إلى أنه على استعداد للتضحية بعلاقاته مع أمريكا فى مقابل سجال إعلامى لأغراض سياسية، ليست طويلة الأمد. وخلال الساعات القليلة الماضية، وعلى مدار الأيام المقبلة أيضا، من المرجح أن يعمل الوسط الأمنى الإسرائيلى على تدارك تداعيات «الخلاف السياسى» بين «نتنياهو» و «بايدن»، خاصة أن يوآف جالانت، وزير الجيش الإسرائيلى، لا يزال فى زيارة لواشنطن، ومن المتوقع أن يعمل على استمرار الحوار المباشر مع الإدارة الأمريكية، خاصة أن الأخيرة اهتمت بإيضاح أن وقف إطلاق النار سيتوقف على إطلاق سراح المحتجزين. وإذا تعامل «نتنياهو» بمسئولية، دون النظر إلى أهدافه الشخصية، وأدرك حجم الدعم الأمريكى لإسرائيل ومدى أهميته، فسيعى جيدا أنه يجب أن يسافر بنفسه إلى واشنطن لعقد حوار مباشر مع «بايدن» وكبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية...