رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اجتياح رفح.. تهجير قسرى

أوضح المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن الوقف الدائم لتمويل الوكالة، يعنى مشاركة فى الإبادة الجماعية، كما أوضح أنه "أمر صادم عدد الأطفال الذين قتلوا فى أربعة أشهر فقط فى غزة، يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا على مدى أربعة أعوام، فى جميع النزاعات فى أنحاء العالم. 
ولقد وصل فى اليوم السابع والخمسين عدد الشهداء فى فلسطين إلى أكثر من 31 ألف شهيد وشهيدة 70% منهم من الأطفال والنساء، هذا بجانب 17 ألف طفل يتيم، و73 ألف جريح معظمهم أيضا من النساء والأطفال، بالإضافة إلى مايقرب من 10 آلاف من المفقودين تحت الأنقاض.
وفى يوم الأربعاء 13 مارس 2024 أقرت الحكومة الصهيونية بالإجماع الموافقة على بدء المرحلة الرابعة للحرب على غزة، وهى اجتياح رفح، حيث بدأت المرحلة الأولى فى شمال قطاع غزة، ثم مدينة غزة، ثم خان يونس فى الجنوب، ثم إلى مدينة رفح الفلسطينية وهى النقطة الجنوبية الأخيرة الملاصقة للحدود مع مصر.
ولقد وصفت "الإندبندنت" البريطانية" التداعيات الخطيرة والمأساوية باجتياح مدينة رفح "يتجمع فى المدينة 1٫5 مليون فلسطينى ولا يوجد لهم ملجأ بعد ذلك، وهذا معناه تهجير سكان القطاع قسريًا، تجنبًا لكارثة إنسانية فى حالة الاحتياح، مما يعنى تصفية القضية الفلسطينية وبعد أن يتم هذا من الممكن أن تقوم إسرائيل بمطاردة عناصر حماس داخل الأراضى المصرية".
وبالرغم من أنه فى الأسبوعين الماضيين تكثفت جهود الوساطة فى كل الجبهات باريس والقاهرة والدوحة، لكن حتى الآن ليس هناك شعاع من الضوء فى الأفق، فكل الجهود لا نتيجة لها وتصر الحكومة الصهيونية على اجتياح مدينة رفح.
منذ العدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى فى السابع من أكتوبر 2023 ومع دخول هذه الحرب الشنعاء شهرها السادس يرتكب الكيان المجرم الغاصب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من تهجير قسرى فى قطاع غزة لمئات الآلاف من الفلسطينيين (معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ) بإجبارهم على ترك منازلهم، نتيجة للقصف المستمر وهدم المنازل والمستشفيات والجوامع والكنائس والمدارس، والبنية التحتية.
كما يقوم العدو الصهيونى بقصف الأماكن التابعة للأونروا، والتى يحتمى فيها الآلاف من العائلات، هربا من الحرب التى تشنها الحكومة الصهيونية اليمينية المتشددة، بغرض الإبادة الجماعية وتهجير الشعب الفلسطينى خارج أرضه، إلى كل من مصر والأردن بغرض التطهير العرقى وإقامة الدولة اليهودية وفقا للقانون الذى أقره الكنيست الإسرائيلى فى يوليو عام 2018 المعروف باسم "القومية اليهودية".
كما قام العدو الصهيونى بقطع المياه والكهرباء ومنع الغذاء والدواء عن قطاع غزة مما يهدد بموت الآلاف من أهالى القطاع، وموت محقق للجرحى والمصابين. إن ما تقوم به حكومة الاحتلال من تجويع الشعب الفلسطينى وحصاره وتهجيره قسريا جريمة ضد الإنسانية ويعتبر نكبة أخرى بعد نكبة 1948.
ومخطط التهجير والتطهير العرقى ليس حديثا فلقد عانى الشعب الفلسطينى منذ وعد بلفور 1917 من المجازر والمذابح الفلسطينة، وفى بداية القرن الواحد والعشرين فى عام 2000 وضع جيورا آيلاند رئيس قسم التخطيط فى جيش الاحتلال الصهيونى ورئيس مجلس الأمن القومى الأسبق خطة استخباراتية سياسية لاستغلال سيناء بتوسيع قطاع غزة الفلسطينى من خلال اقتطاع جزء من سيناء وضمها لحيازته، بتنازل مصر عن 720 كم مربع من سيناء على هيئة مستطيل ضلعه بطول 24 كم على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربا حتى مدينة العريش وبعرض 20 كم داخل سيناء ويضاف شريط يقع غرب معبر كرم أبو سالم جنوبا على طول الحدود بين مصر والأراضى المحتلة. وتم وقتها عرض الخطة على الرئيس حسنى مبارك ورفضها رفضًا قاطعًا.
والآن وعقب طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر 2023، على يد المقاومة الفلسطينة وتكبيد العدو الصهيونى خسائر كبيرة بشريا وعسكريا، وفشل العدو استخباراتيا وعسكريا وإعلاميا، أمام المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية الفلسطينية، نشر إيدى كوهين الصهيونى نداءً إلى مواطنى قطاع غزة بالنزوح إلى مصر حفاظا على حياتهم، بما يعنى تصفية القضية الفلسطينية، بتهجير أهالى غزة تهجيرا قسريا. وبالطبع رفضت مصر وأيضا رفض الفلسطينيون ذلك، لأنهم ولدوا وسيدفنون على أرضهم، ودفعوا أرواحهم ودماءهم للدفاع عن حقهم فى مواجهة العصابات الصهيونية منذ أن جاءت للاستيلاء على فلسطين بموجب وعد بلفور1917.
يقوم الكيان بكل جرائمه البشعة تحت أعين وسمع دول العالم وصت صمت مطبق للدول ومشاركة الدول الاستعمارية الكبرى فى العدوان ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتواطؤ عدد من الدول العربية عن طريق الاكتفاء بالإدانة أو الشجب أو الضغط على المقاومة الفلسطينية لقبول شروط العدو الصهيونى التى تهدف للقضاء على المقاومة، ومشاركة البعض فى هذه الإبادة الجماعية عن طريق مد مساعدات للعدو الصهيونى عبر جسر برى يمر فى أراضيها.
إن الشعوب العربية والشعوب الحرة فى كل بلدان العالم انتفضت وما زالت تخرج فى مسيرات مليونية منذ بداية العدوان الصهيونى الغاشم المتوحش على الشعب الفلسطينى فى الثامن من أكتوبر 2023، لتطالب بالوقف الفورى للعدوان الصهيونى كما طالبت بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
والسؤال لكافة الحكام العرب: ماذا أنتم فاعلون أمام كارثة إنسانية ونكبة ثانية لفلسطين العربية فالصمت أو حتى الكلام والرفض والإدانة فقط تعنى التواطؤ بل والمشاركة فى الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى الذى يبذل أرواحه فى سبيل الدفاع عن الأرض وحق تقرير المصير ومن أجل التحرير والعودة بل والدفاع عن مقدسات وشرف وعزة وكرامة الأمة العربية.
إن الشعوب العربية تطالبكم بوقف التطبيع مع الكيان الصهيونى، ووقف الاتفاقيات الاقتصادية معه، وإغلاق سفارات ومكاتب العدو فى أراضينا العربية، وطرد سفراء العدو، وسحب سفرائنا من الأرض المحتلة وتقديم المساعدات الإنسانية ودخولها عبر معبر رفح المصرى دون شرط أو قيد بل واستخدام ورقة قطع النفط عن الدول المساندة والداعمة للكيان فى حربه على غزة، فهل من مستجيب؟؟
هل تعرفون القول المأثور "أُكِلتُ يوم أُكِل الثور الأبيض".