رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقرير لمركز الأهرام: "2023" شهد أحداثا دفعت إلى الاعتقاد بأن العالم يقف على حافة هاوية

مركز الأهرام للدراسات
مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

كشف التقرير الاستراتيجي العربي 2023، الصادر حديثا عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن عام 2023 شهد أحداثا ووقائع بالغة الأهمية؛ دفعت الكثير من المفكرين والباحثين إلى الاعتقاد بأن العالم يقف على حافة هاوية، قد تأخذه إلى مسارات سلبية كثيرة، ليس بالضرورة نحو  سيناريو الحرب العالمية، لكنها ربما تنعكس بنتائج تماثل تلك التي تحدثها هذه الحرب. 

وأضاف التقرير أن الأحداث والوقائع ذاتها ربما تدفع العالم إلى حقبة من التعاون النوعي، تتجاوز مفاهيم الحدود والحكومات والسيادة الوطنية، وتدفع الدول للتفاعل المشترك بإيجابية، لم يعهدها العالم من قبل، هذا النمط الثاني من التفكير المتفائل مدفوع بخلاصات التجربة أيضا، عندما اندفعت عقول مفكرين وباحثين إلى حالة تشاؤم مع تصورهم لعالم تسوده الحروب والمجاعات بفعل الزيادة السكانية، فإذا بهم إزاء عالم يزداد إنتاجا ووفرة على نحو يكفي سكان الكوكب جميعهم. 

وتابع: "ما بين حافة هاوية تهدد مستقبل العالم، وحقبة جديدة من التعاون تتجاوز ما عهدته السياسات الدولية في السابق، تبرز التحولات الجيوسياسية والجيواقتصادية الدولية، فضلا عن التطورات التي شهدتها مصر، بعقول وطنية تسلط الضوء على أنماط تفاعل العقل البحثي المصري والعربي مع الأحداث". 

وأشارت إلى أنه خلال عام 2023، شهد العالم تفاعلا متباينا بين الولايات المتحدة والصين، فرضته المصالح وتوازنات القوى والتنافس على المسارح السياسية الدولية خصوصا مسرح الإندوباسيفيك، ساعد على بروز هذا التنافس القطبي الثنائي محدودية قدرات روسيا وأوروبا للتنافس على قمة العالم، وهو ما يرجح استمرار هذا النمط من التفاعل الأمريكي الصيني لسنوات مقبلة، عند هذا المستوى الذي يتضمن أقصى درجات التنافس على كل ما هو دون مستوى الحرب.

وعلى الصعيد الدولي أيضا شهد العالم نمو أدوار الفاعلين من غير الدول، وهي الظاهرة التي بدأت تشغل مساحة اهتمام من سياسات واستراتيجيات الدول الرسمية، وشهدت القارة الأوروبية صعودا للقوى الشعبوية التي زادت مساحات التنافس بين دولها على قيادة القارة، وبينما أكد تحليل الوثائق الوطنية للدول تقارب أنماط التفكير الاستراتيجي بينها في مواجهة التهديدات والمخاطر رغم اختلافها حول مصادر التهديد، فقد شهد العالم ساحات تنافس جديدة وغير تقليدية، في مجالات كان أبرزها الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية وسياسات المناخ. 

على الصعيد الإقليمي، دخل العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط- منذ 7 أكتوبر 2023- في شواغل الحرب الإسرائيلية على غزة، التي أعادت موضعة القضية الفلسطينية في مركز تفاعلات الإقليم، وإذا لم تكن تأثيرات هذه الحرب قد انعكست كثيرا على هيكل النظام الدولي، فإنها أوجدت مساحات تباعد جديدة بين العالم العربي والغرب، بعد وقوف دول غربية على رأسها الولايات المتحدة ضد مشروعات قرارات لوقف إطلاق النار بمجلس الأمن الدولي، وتسامحها مع قتل إسرائيل لأكثر من 30 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، وكانت للحرب انعكاسات ومردودات إقليمية كثيرة، تمكن من القول إن النظام العربي والإقليمي بعدها يختلف عن قبلها، والأهم هو التحولات على صعيد الأفكار؛ حيث سادت أفكار ومفاهيم قبل الحرب، أتت الحرب على الكثير منها. 

ويحلل التقرير، حسابات القرار لدى الجانب الفلسطيني (عندما قرر تنفيذ "طوفان الأقصى")، والجانب الإسرائيلي (عندما قرر شن الحرب)، ويرصد حصاد المواجهة العسكرية في غزة بين التكنولوجيا الإسرائيلية وتكتيك "المسافة صفر" الفلسطيني، والإدارة الإسرائيلية للحرب على الجانب السيكولوجي، والذي ظهر جليا في التوظيف الإسرائيلي لحالة الهيستيريا الطبيعية والمصطنعة في حسابات القرار وفي التعامل مع الانتقادات الإنسانية الدولية، ويرصد تأثير سياسات اليمين الإسرائيلي المتطرف التي انتهت إلى حالة من التطابق بين الصهيونية واللاإنسانية. 

واستمرارا في تحليل المواقف العربية والإقليمية، يتناول التقرير ما أحدثته الحرب في غزة من تطابق الأمن القومي المصري مع حماية القضية الفلسطينية دون التصفية، وحسابات التصعيد المحسوب بين حزب الله وإسرائيل، والذي لم يخرج عن قواعد الاشتباك بين الجانبين منذ سنوات.